الحطيئة

 الحطيئة (توفي سنة ٦٧٩م / ٥٩هـ)

ا – تاريخه :

جاء في تاريخ الادب العربي  جرول بن أوس الملقب بالحطيئة من بني عَبْس من مصر ، ولَدَتْهُ أَمَة اسمها الضّرّاء فنشأ معلول النَّسَب ، وضيع الشرف ، كارها للناس أجمعين ، لا يستثني من وأقرباءه وقد كان شاعراً بليغاً من شعراء العصر الجاهلي

وراح يُعْمِلُ فيهم لساناً أمضى من السنان ، متقلباً مع كل نَسَب وكلّ حال ، يتطلب الرزق عن طريق شعره بالمدح والهجاء وكلّ أسلوب وكل مذهب من مذاهب الكلام، وذلك في تدفّق شاعريّة خصبة ،

وفي انطلاق لسان حمل الخليفة عمر بن الخطاب على شراء أعراض المسلمين بثلاثة آلاف درهم قدمها الى الحطيئة ، بعد أن سجنه وأطلق سراحه ؛ إلّا أنَّ الشاعر ما عتّم أن رجع الى الهجاء وبقي عليه حتى ماتسنة ٦٧٩م / ٥٩ هـ وأراح الناس من شره.

أدب الحطيئة 

للحطيئة في العصر الجاهلي  ديوان شعر طبع في القسطنطينية سنة ۱۸۹۰ ، ثم في ليبيسيخ سنة ۱۸۹۳ . ثم في مصر سنة ۱۹۰٥؛ وهو يتضمن مدحاً وهجاة وفخراً وغزَلاً.

مدح الحطيئة

إن من أستقرأ مدائح الخطيئة لم يخرج عن أسلوب عرفه عند سائر شعراء المدح والاستجداء، وعرفه في سائر الشعر الجاهلي. وإنك لتشعرُ أنَّ الحطيئة في نَهمِه واندفاعه وراء المال ، يحاول أن يُهَدْهِدَ شعور الممدوح بموسيقى شعرية تتصاعد من الأوزان والقوافي والألفاظ وتخلق جواً يبعث على العطاء، وهو يرسل خلال تلك الموسيقى أقوال التزلف ، لينة حيناً ، نافخة ببوق التبجيل والتعظيم حيناً آخر ، ويذكر من صفات الممدوح ما يُفهمه أنّ الشاعر بحاجة إليه ، ويُصرح له أن الشاعر فقير معدم ، ثم يحوط الطلب بصفات أخرى للممدوح مشتقة من معاني الشجاعة والبأس وكرم الأرومة وما الى ذلك. وهو في شعره المدحي يتعكز على معاني النابغة وأساليب زهير في التنقيح وسلامة اللفظ والتركيب.

هجاء الحطيئة

الهجاء نوعان : هجاة مطبوع هو ثمرة لؤم وخبث ، وهجاء مصنوع يقوله من لا يميل إليه بالطبع للرد على طعن وللدّودِ عن كرامة.

وهجاء الشاعر الجاهلي  الحطيئة من النوع الأول لأنه يميل من طبيعته الى المناقضة ، زد على ذلك أن حاجة الحطيئة إلى المال كانت تزيد لؤمه لوماً وطلبه إلحافاً.

إلا أنّ الحطيئة من شعراء الجاهلية  قلما يفحش وإن أفحش فني قصد واعتدال .

وهو يطعن في مواضع النبل والكرم والهمة وما إلى ذلك مما يؤلم ويصيب الهدف. وهكذا فقد هجا الزبرقان تكسباً وتشفياً، وهجا نفسه وأمه وأباه إرضاء لِلُومِه. قال يَهْجو از برقان :

… لا ذنب لي اليوم إن كانَتْ نُفُوسُكُمْ

كَفَارِكٍ كَرِهَتْ ثوبي والباسي

الفارك: المرأة المبغضة لزوجها.

من يفعل الخير لا يعدم جوازيه

لايذهب العرفُ بين الله والناسِ

دع المكارم لا ترحل لبغيتها

واقعد فإنّكَ أنت الطاعم الكاسي

وقال الحطيئة يهجو والدته 

جَزاكِ اللَهُ شَرّاً مِن عَجوزٍ

وَلَقّاكِ العُقوقَ مِنَ البَنينا

تَنَحَّي فَاِجلِسي مِنّا بَعيداً

أَراحَ اللَهُ مِنكِ العالَمينا

أَغِربالاً إِذا اِستودِعتِ سِرّاً

وَكانوناً عَلى المُتَحَدِّثينا

أَلَم أوضِح لَكِ البَغضاءَ مِنّي

وَلَكِن لا إِخالُكِ تَعقِلينا

حَياتُكِ ما عَلِمتُ حَياةُ سوءٍ

وَمَوتُكِ قَد يَسُرُّ الصالِحينا

 

شاعرية الحطيئة :

الحطيئة شاعر مُخَضْرَم أدرك العصر الجاهلي والعصر الإسلامي وجاء في تاريخ الادب العربي أنه  أسلم ولكن الإسلام لم يصل إلى قلبه ، وكان « متين الشعر ، شرودَ ،القافية ، وكان دنيء النفس ، وما تشاء أن تطعن في شعر شاعر إلا وجدت فيه مطعناً ، وما أقل ما تجد ذلك في شعره …… والحطيئة ينتمي في شعره الى المدرسة الأوسِيَّة مدرسة التأني ، والتبع العقلي والفني، والتعمل في الصَّقل ورسم الصُّوَر الحسية بدقة وواقعية. إنه في خط زُهير والتابعة مع كثير من التطرُّف في التكسب والتطلب .

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .