وأخيرًا فعلها الشعب الأردني ونزل الى الشوارع بكثافة للاحتجاج والتعبير عن رأيه بإجراءات الحكومة الاردنية التي تستهين به، وتعتقد أو تظن أنها تستطيع وضع وصياغة وتمرير القوانين والسياسات المرسومة وكأنه لا يوجد شعب في الأردن.
ورغم أن الأردن بلد يتمتع بنظام برلماني وسمح منذ فترة طويلة بتشكيل الأحزاب، الا أن الخوف من التبعية للخارج جعل الاردنيين يحجم عن المشاركة في العمل الحزبي والتأطير في الأحزاب، وفي الوقت نفسه كان الأمن الأردني يتابع بصورة مكثفة ودون كلل كل الذين يفكرون بالمشاركة خارج الدوائر التي يرسمها النظام، وملاحقة كل الذين يغردون خارج سرب المؤسسة الأردنية، الأمر الذي حول الانتخابات النيابية وما يتمخض عنها الى انتخابات عشائرية وحمائلية ذات نظرة ضيقة لا علاقة لها بالعمل السياسي والحزبي بتمثيل الشعب والدفاع عن مصالحه ككل مع بعض الأصوات التي لا تؤثر في المشهد العام.
ومنذ العام ١٩٧٠ لم يشهد الأردن أي تحرك جماهيري، اللهم سوى هبات صغيرة الحجم وضعيفة في بعض المناطق بالأردن احتجاجًا على رفع أسعار الخبز والبنزين، وكان يقودها اسلاميون متطرفون، ولكن هده الهبات لم تنتشر وكانت تنتهي بسرعة هائلة.
وعلى الصعيد الاقتصادي ونتيجة غياب الرقابة الفاعلة تعمق الفساد واستشرى الفقر وتنامت البطالة وازداد الوضع المعيشي سوءًا، وتم نهب المال العام من محاسيب النظام، مما سبب ديون طائلة للأردن وأصبح سداده عبئًا ثقيلًا على كاهل اقتصاد مهلهل وضعيف بالأساس.
وبفعل الضربات الاقتصادية الظالمة التي القتها الحكومة الاردنية على كاهل عموم قطاعات وشرائح الشعب الأردني، والتي لا تخدم سوى ” القطط السمان”، لم يكن سوى التحرك الشعبي، فبدأت الاحتجاجات الجماهيرية والخطوات النضالية المتصاعدة وغبر المسبوقة في تاريخ المملكة، بقيادة الأحزاب اليسارية والقومية ،وفي صلبها الحزب الشيوعي الأردني، وعدد من النقابات العمالية والمهنية، وأثمر عن هذا التحرك الشعبي استقالة رئيس الحكومة الاردنية هاني الملقي، الذي كان متعنتًا ورافضًا التراجع عن الرضوخ الخطير والمضر لإملاءات صندوق النقد الدولي، وفرض زيادات ضريبية هائلة.
وتلوح ايضاً في الأفق، ووفق المعلومات الواردة، أن الأردن يسير نحو الغاء الخطوات التي أدت الى رفع الأسعار، وتضخيم الغلاء وبالتالي تعمق الأزمة الاقتصادية، واثقال كاهل الناس بما يفوق طاقتهم اقتصاديًا واجتماعيًا.
ان الشعب الأردني بدأ فعلًا بتحقيق مطالبه العادلة، ولم يكن ذلك يتم دون الحراك الشعبي والانتفاضة الجماهيرية الواسعة والنزول الى الشوارع للتظاهر والاحتجاج العام، افلم يقل شاعرنا الفلسطيني راشد حسين :
سنفهم الصخر ان لم يفهم البشر
أن الشعوب اذا هبت ستنتصر
وها هو الشعب الأردني هب وافهم الصخر وحقق ما يريد، وانتصر..!!!