إصرار نساء بيتا على الحياة: صمود في مواجهة الحصار ورفض الاستسلام

انطلقت يوم السبت زيارة العيادة النسائية المتنقلة إلى قرية بيتا، الواقعة جنوب شرق مدينة نابلس في شمال الضفة الغربية، ضمن مبادرة إنسانية تهدف إلى إيصال الخدمات الطبية المتخصصة إلى النساء في المناطق الريفية. وقد تم التنسيق للزيارة بالتعاون مع سيدات “جمعية بيتا التنموية النسائية”، في ظل ظروف معيشية وأمنية خانقة تُثقل كاهل سكان المنطقة، خاصة مع تواصل الحواجز العسكرية وغلاء تكاليف العلاج.

وفرت العيادة النسائية المتنقلة التابعة لمؤسسة “أطباء لحقوق الإنسان” للنساء بدائل علاجية مجانية وشاملة، ما خفف عنهن عبء التنقل والمصاريف المرتفعة، وأتاح لهن حق الوصول إلى الرعاية الصحية دون شروط أو قيود. وتواصل العيادة النسائية المتنقلة تقديم خدماتها الطبية في المناطق المهمشة والنائية، حيث تعمل المؤسسة على رصد وتقييم احتياجات النساء والأطفال في كل بلدة وقرية، وتقديم الفحوصات والإسعافات اللازمة، إضافة إلى تنظيم ورش تدريبية توعوية.

يأتي هذا الجهد في إطار استجابة متصاعدة للحاجات الطبية المتزايدة في المناطق الريفية، التي تعاني من انقطاع الخدمات الصحية الأساسية، وبعدها عن مراكز المدينة، وارتفاع تكاليف المواصلات، إلى جانب التحديات الاقتصادية والمعيشية الناتجة عن سياسات الحصار والاستيطان.

نظم النشاط الطبي داخل مبنى “جمعية المرأة” في قلب قرية بيتا، وبالتنسيق مع المجلس المحلي، حيث جهزت الغرف مسبقا لاستقبال الفريق الطبي التابع لمؤسسة “أطباء لحقوق الإنسان”. ومنذ ساعات الصباح، تجمعت عشرات بانتظار دورهن لتلقي الفحوصات والاستشارات والعلاج، وسط أجواء من الترقب والأمل.

تأتي هذه الزيارة الثانية للعيادة النسائية المتنقلة إلى بيتا في وقت بالغ التعقيد، إذ تعاني القرية من حصار فعلي فرضته كثافة الحواجز العسكرية وارتفاع وتيرة الهجمات الاستيطانية خلال العام والنصف الأخير، ما فاقم من عزلة البلدة وحرم نساءها من أبسط حقوقهن في الرعاية الصحية.

غياب البنية التحتية الصحية المناسبة في البلدة وظروف التنقل القاسية وانعدام الأمن، كلها عوامل جعلت من وصول العيادة المتنقلة ضرورة إنسانية ملحة، وفرصة لعدد كبير من النساء. وقد قدّمت العيادة خدماتها مجانا، بما في ذلك الفحوصات، الاستشارات، وصرف الأدوية الموصى بها من قبل الطاقم الطبي التطوعي، في محاولة لترميم ما يمكن ترميمه من فراغ الرعاية الصحية في القرية الواقعة شمال الضفة الغربية.

استفادت 222 امرأة من خدمات العيادة النسائية المتنقلة التي قدّمت طيفًا واسعًا من الرعاية الطبية في تخصصات متعددة، عكست حجم الحاجة الصحية في البلدة. إذ خضعت 29 امرأة للفحص الأولي، فيما نُفذت 48 معاينة في مجال أمراض النساء، و52 في طب الأسرة. كما تم تقديم 35 فحصًا في طب الأعصاب، و6 جلسات دعم نفسي، إضافة إلى 26 فحصًا في طب العظام، و26 جلسة علاج بالوخز بالإبر. وتم صرف الأدوية المناسبة للنساء مجانا بحسب التشخيصات الطبية والتوصيات التي قدمها الأطباء المتطوعون، في خطوة هدفت إلى سد الفجوات المزمنة في الوصول إلى العلاج، لا سيما في ظل تعذر مراجعة المراكز الصحية بسبب البعد الجغرافي وقيود الحركة والتكاليف الباهظة في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة.

أوضحت انتصار خروب، مسؤولة التوجهات والأيام الطبية النسائية بالعيادة المتنقلة في مؤسسة أطباء لحقوق الإنسان، أن “العيادات النسائية المتنقلة التي نوفرها تمثل خطوة حاسمة نحو ضمان الوصول إلى الرعاية الصحية للنساء في الأرياف والمناطق النائية، التي تعاني من نقص حاد في الخدمات الطبية الأساسية”. وأضافت خروب: “نحن هنا اليوم لنؤكد على حق المرأة الفلسطينية في الحصول على خدمات طبية آمنة وكريمة، بعيدًا عن القيود التي تفرضها الظروف المحيطة”.

وأشارت خروب إلى أنه “في ظل الظروف الاقتصادية القاسية التي نعيشها، يعد الوصول إلى الرعاية الصحية أمرًا بالغ الأهمية لضمان حماية صحة المرأة وسلامتها”. وأكدت على أن “فريقنا التطوعي يعمل بكل جد لتوفير العناية الطبية اللازمة للنساء في المناطق المحرومة، بما في ذلك تقديم الدعم الصحي والنفسي الذي هن في أمس الحاجة إليه في هذه الأوقات الصعبة، في سعي حثيث لتخفيف معاناتهن وتحقيق حقوقهن الصحية”.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .