عذرًا درويش..
قلتَ “لا انام لاحلم ”
لكننا بالفعل ننام لنحلم، ننام لنحلم ونهرب من واقع مرير يمزق الانسانية داخلنا، يدمر يهدم يحطم ويمحو الانسان فينا.
عذرًا درويش..
قلتَ ” ليتني حجر.. لا احن لاي شيء ” لكننا وبالفعل احجار بل واصلب منها، نحن من يفتقد المشاعر، نحن من لا نَحِنُّ لاي شيء واي احد، نحن من نرى صور الاطفال والاطفال والاطفال ولا نقول او نفعل سوى التأسف المؤقت على المنظر الصامت من وراء الشاشة ونمضي.
نحن من لا نشعر بجوع فقير ولا بذل ذليل ولا باشتياق عاشق لوطن ضائع.
عذرًا درويش..
قلتَ “سجل انا عربي”
لكني استسمحك وأقول بأسف اخجل عروبتي، كما يخجلها معظمنا، كما لو كنت انت موجودًا هنا الان لخجلتها ايضًا، فنحن بتنا الافقر ايمانًا ونحن اجل نحن صرنا في عداد الاموات الاحياء ممن لا يشعرون ممن لا يبالون ممن لا يهتمون.. ممن يقتلون النفس بالنفس دون ان يرف الجفن ولو خجلًا.
عذرًا درويش..
قلتَ “حريتي.. ان اكون كما لا يريدون لي ان اكون”
لكن الحال اختلف والواقع انقلب فباتت الحرية هي الرضوخ والخضوع والاستسلام، باتت الحرية هي البحث عن الذات في ذات ونفس اخرى لتتبعها، باتت الحرية ان تجري خلف الآخر القوي لتجنب الانهيار، باتت الحرية ان تسكت عن الحق وتخرس لتكون حرًّا او غير حر.
عذرًا درويش..
قلتَ “قد فتشوا قلبه، فلم يجدوا سوى شعبه”
عذرًا، وللمرة الالف عذرًا وعذرًا وعذرًا.. اصبحنا اليوم في عصر نستبدل فيه القلب بأحجار صوان، بتنا اليوم في عصر ان فتشوا القلب وجدوا فيه الحقد، الكره، الخيانة و اليأس.. وهل يوجد اصعب من اليأس في عصر كعصرنا؟
عذرًا درويش.. عذرًا يا شاعر المقاومة والقضية عذرًا ايها الانسان قبل كل الالقاب، انت من قلت “وحبوب سنبله تجف، ستملأ الوادي سنابل” فأنت من تزرع داخل قلوبنا الامل، تزرعه ترويه وتحصده.
أنت من كتبت للوطن وعن الوطن بقلب تملأه الغصة والمحبة في آن واحد.
أنت من عشت درويشًا ومت محمودًا.
(يافة الناصرة)