الاسير ماهر الاخرس
كتب جميل السلحوت:
يواصل الأسير ماهر الأخرس معركة الأمعاء الخاوية منذ ثمانين يوما، مطالبا بحرّيّته، أو أن يرتقي سلّم المجد شهيدا، وماهر الأخرس الذي وصل إلى قناعة تتساوى فيها الحرّيّة مع الحياة، وأن لا حياة دون حرّيّة، ليس الأوّل ولن يكون الأخير من أبنائنا الذين خاضوا معارك الأمعاء الخاوية، فقد سبقه كثيرون، ومنهم من ضحّوا بأرواحهم وسقطوا شهداء دفاعا عن الكرامة الإنسانيّة التي تهدر خلف الأبواب المغلقة.
وماهر الأخرس المعتقل إداريّا دون تهمة أو محاكمة يدفعنا للتّوقّف والتّساؤل حول قانون الاعتقال الاداري الذي ورثته اسرائيل عن الانتداب البريطانيّ، حيث يتمّ بموجبه اعتقال أيّ شخص لأشهر وسنوات دون تهمة محدّدة ودون محاكمة، أي أنّه اعتقال لمجرّد الشّك بالنّوايا، وقد سبق وأن وصفه حاييم شابيرا عندما اعتقله البريطانيون عام 1946 بموجب هذا القانون بأنّه “يمثّل شريعة الغاب”، لكنّه لم يعمل على إلغائه عندما استلم وزارة العدل الإسرائيلية في خمسينات القرن الماضي، ليبقى سيفا مصلّتا على رقاب الفلسطينيين الذين عضّوا على تراب وطنهم بالنّواجذ، وبقوا في ديارهم رغم المعاناة التي تنوء بحملها الجبال.
ومعركة الأمعاء الخاوية هي السلاح الوحيد الذي يملكه الأسرى، فلا خيارات أخرى أمامهم، فإمّا الحرية أو الموت جوعا رغم المعاناة والألم، وهذا ما يستطيعون فعله، وقد سبق لبعض أسرانا خوض هذه المعركة وسقط منهم شهداء، وما تجربة سامر العيساوي الذي استمرّ أكثر من تسعة أشهر إلا واحدة من هذه التّجارب المريرة، فلم يهن ولم يتنازل عن مطالبه حتى تحقّقت له الحرّيّة.
ولمّا كانت اسرائيل تدير ظهرها للقانون الدّولي وللوائح حقوق الانسان، ولاتفاقات جنيف الرّابعة بخصوص الأراضي التي تقع تحت الاحتلال العسكري مدعومة من حلفائها وفي مقدمتهم الإدارة الأمريكية، وبصمت أو دعم كنوزها الإستراتيجيّة في المنطقة العربيّة، فإنّ المريب هو موقف منظّمات حقوق الإنسان العالميّة التي لا تقوم بواجبها الإنسانيّ كما يجب لإنقاذ أسرانا من موت محتوم. لكنّ اللافت هو موقف الجامعة العربية، والنّظام العربيّ الرّسميّ من قضية أسرانا، والذي يكتفي بالشّجب والاستنكار في أحسن الأحوال، بعد أن أسقطت كلّ الخيارات الأخرى، بل إنّ أنظمة عربيّة في الخليج الذي ما عاد عربيّا تتهافت لتطبيع علاقاتها مع دولة الاحتلال في حين يصارع ماهر الأخرس من أجل الحياة الكريمة، وتئنّ القدس وأكنافها من ثقل البناء الإستيطانيّ عليها؟، فلماذا هذا الرّكود الدبلوماسي والشّعبيّ لإنقاذ حياة ماهر الأخرس وحيوات غيره؟ ومن حق المواطن الفلسطيني أن يتساءل عن موقف شعوبنا العربيّة، وعن عدم حراكها للتّضامن مع إخوتهم الأسرى؟