أقامَ نادي حيفا الثقافيّ والمجلسُ المِليُّ الأرثوذكسيُّ الوطنيُّ في حيفا، واتّحادُ الكرمل للأدباءِ الفلسطينيّين أمسيةً عكاظيّةً حيفاويّةً، بتاريخ 11-2-2016، في قاعة كنيسة ماريوحنا المعمدان الأرثوذكسيّةِ في حيفا، وسط حضورٍ كبيرٍ مِن أدباء وذوّاقي الكلمة الشعرية، وقد تولّى عرافة الندوة الأديب فتحي فوراني، بعد أن رحّبَ المحامي فؤاد نقارة رئيس نادي حيفا الثقافي بالحضور والمشاركين، وشاركَ كلٌّ مِن الشعراء: عزالدين السّعد، وسلمى جبران، ولبنى دانيال، ونظير شمالي وابنته غفران شمالي، وتخلّلت الأمسية وصلاتٌ فنيّةٌ وفقراتٌ موسيقيّةٌ مع فرقة التخت الشرقي/ بيت الموسيقى/ شفاعمرو بقيادة عامر نخلة، وازدانت القاعة بلوحاتٍ تشكيليّةٍ للفنان جميل عمرية، وفي نهايةِ الأمسيةِ الشعريّةِ وبعد أن شكر العريف الحضور والمشاركين، تمّ التقاط الصّورِ التذكاريّة!
مداخلة الأديب فتحي الفوراني: لا بدّ مِن كلمةٍ سريعةٍ في بدايةِ هذه الأمسيةِ العكاظيّةِ الرابعة، ولنلتفتْ إلى الوراء، إلى أكثرَ من خمسةَ عشرَ قرنًا. مِن جميع أنحاءِ الدنيا الجاهليّة يأتي العربان بجماهيرهم وفودًا وفودًا، زرافاتٍ ووحدانًا، للمشاركةِ في المؤتمر السنويّ، فيجتمعونَ في الميدان، ويُقيمون العرسَ الثقافيَّ بين الطائفِ والرياض، وعلى البوّابةِ الشاهقةِ تنتصبُ رايةٌ نقشتْ عليها العبارة: “سوق عكاظ يُرحّبُ بكم”. إنّه موسمُ المواسم، إنّه مؤتمرٌ سنويٌّ عالميّ، في لغةِ هذه الأيّام، ولربّما غابَ عن بال كثيرينَ منّا السّؤالُ: لماذا سُمّي عكاظ بهذا الاسم؟ ولا يلبثُ الجوابُ أن يَعتلي المنصّةَ، فيُزيلَ الضباب، ويُميطَ اللثامَ عن صفحةٍ مِن سِجلِّ المواسم، نقرأ فيها: سُمّي عكاظ بهذا الاسم، لأنّ العربَ كانت تجتمعُ فيه فيتعاكظون، أي يتفاخرون ويتناشدون. وسوق عكاظ يقفُ في طليعةِ الأسواق التي بلغ عددها أكثر من أربعةَ عشرَ سوقًا، على ذمّةِ الرّواةِ ومُؤرّخي الجاهليّة. يُعتبرُ (عكاظ) ملك الأسواق، تُعرَضُ فيه البضائعُ المادّيّة كالتمر، والسمن، والعسل، والخمر، والملابس والإبل، وسوق للبضائع الأدبيّة، حيث يأتي الشعراء بقصائدهم لتُعرض على محكمين من كبار الشعراء والنقاد، وكلنا يعرف النابغة الذبياني الذي كانت تنصبُ له قبّة من أدم، وكان يقوم مقام الناقد أو الحكم ليبت في ما يلقى أمامه من شعر. فعكاظ سوق تجاريّ واقتصاديٌّ واجتماعيٌّ وأدبيّ مِن أسواق الجاهليّة وأشهرها. يعتبر عكاظ مؤتمرًا سنويًّا يستغرق مدة 20 يومًا، من أول ذي القعدة إلى العشرين منه. ومن أطرف ما يذكره التاريخ، أن يرى زائر السوق بعض الآباء يعرضُ بناته للتزويج. أليست الداعشية الحديثة خليفة للداعشيّةِ التي ترضع جذورها من ظلاميّة العصر الجاهليّ؟!
أيّها الإخوة، عكاظيتنا الحيفاوية ترتدي حلة أخرى لها مذاق آخر، إنّها عكاظيّة فصليّة، تلقي بظلالها على مواسم سنويّة أربعة، إنّها عكاظيّة أدبيّة ثقافيّة واجتماعيّة ووطنيّة، تضمّ تحت جناحيها أقلامًا جاءت من جميع أنحاء الوطن، بدءًا من الجليل الأخضر، حتى زهرة المدائن التي تنزف دمًا وتضوع عطرًا وصمودًا. وهذا المساء تُفتح الشرفات على مدينة البشارة وأسوار عكا وقرية الشعراء “البقيعة” وعروس الكرمل، وصولا إلى اللجون وزهرة المدائن. أدعو إلى المنصة الإخوة: نظير شمالي وغفران شمالي، وسلمى جبران، وعز الدين السعد ولبنى دانيال. أرحب بهذه الكوكبة، كما أرحّب بفرقة التخت الشرقي القادمة من بيت الموسيقى في شفاعمرو والتي يقودها الأستاذ عامر نخلة. أرحّب بالفنان جميل عمريّة الذي يُتحف هذه الأمسية بلوحاته التشكيليّة، وأرحّب بالضيوف الكرام جميعًا وأهلا وسهلا بكم.
(آمال عوّاد رضوان)
الخبر كاملا منشور في زاوية لقاءات الوديان على صفحة الموقع