صدرت عام 2022 رواية “العاصي” للكاتب الأسير سائد سلامة عن دار الفارابي في بيروت، وتقع الرواية التي قدّم لها النّاقد فيصل درّاج في 332 صفحة من الحجم المتوسّط.
الكاتب: ولد الأسير الفلسطيني سائد محمد خليل عبدالله سلامة شقيرات في جبل المكبر-القدس في 17 -11-1976، حاصل على شهادة بكالوريوس كيمياء من جامعة القدس. صدرت له مجموعة قصصيّة “عطر الإرادة” عام 2018 عن دار الرّعاة في رام الله. اعتقل عام 2001 وحكم بالسّجن لمدّة 24 عاما. في العام 2011 توفّيت والدته، وفي العام 2015 توفّي والده، ولم يتمكنّا من رؤية ابنهما، كما مُنع سائد من وداع والديه، ليبقى فراقهما غصّة في القلب.
العنوان: “العاصي” هو العنيد المخالف الخارج عن الطّاعة. وبطل الرّواية هو ساري، والسّاري هو من يسير ليلا، وكأنّي بالكاتب يرى أنّ المقاومة انتهت بعد أوسلو، ومن يقاوم فهو عنيد مخالف خارج عن الطّاعة.
ملخص الرّواية: تدور أحداث الرّواية حول فلسطينيّ طعن مستوطنا بسكّين حتّى الموت، وضاقت به الأرض على سعتها وهو مطارد في نابلس من قوى الاحتلال الأمنيّة، فلم يجد من يؤويه أو يساعده حتّى من الأقربين الذين كانوا يخشون سطوة المحتلّ، لكنّ عددا قليلا من أصدقائه حاولوا مساعدته مع بعض التّحفّظ، ولم تحمه الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة التي لجأ إلى مقرّاتها أكثر من مرّة، وحتّى لم يجد مستشفى آمنا يقدّم له العلاج حيث أصيبت يده إصابة بالغة عندما صدمه مستوطن بسيّارته يريد قتله.
الأسلوب: لجأ الكاتب إلى أسلوب السّرد الحكائي الإنسيابيّ، الذي لا ينقصه عنصر التّشويق، وكان يقفز من حدث لآخر بشكل سريع لتداخل الأحداث التي تركّزت على محاولات بطل الرّواية “ساري” لعلاج يده المصابة، ومحاولاته في التّخفّي والبحث عن مكان آمن بعيد عن قوّات الاحتلال التي تطارده، وعن عيون العسس الذين يتتبّعونه. كما بدا واضحا أنّ الكاتب متأثّر بأسلوب الرّوايات البوليسيّة وروايات المغامرات التي تعتمد على عنصر المفاجأة، وسرعة الأحداث المتلاحقة.
واضح أنّ الكاتب الذي أمضى ما يزيد على واحد وعشرين عاما خلف القضبان، اعتمد في أحداث وحكايات روايته على ما يسمعه من أخبار مّما يتيسّر لديه من وسائل، أو من خلال معلومات استقاها من أسرى جدد اعتقلوا بعده، وهي بالتّأكيد معلومات مبالغ فيها.
وأثناء قراءتي للرّواية وبعد أن انتهيت منها راودني سؤال هو: هل لو كان الكاتب حرّا طليقا سيكتب رواية بمضمونها هذا؟ أو هل أنّ كاتبا طليقا يكتب رواية كهذه؟ وقد طرحت هذا السّؤال على المحامي حسن عبّادي الذي يواظب على زيارة الأسرى ومنهم سائد، وكان الجواب: لا ! لكن الأسير لم يبق له ما يخاف عليه أو منه، فهو كما قال المثل:” اللي خايف منه قاعد عليه.
تساؤل: لماذا توقّفت عجلة الحياة على ساري ومعاناته ومتاعبه، وعلى مداهمات الاحتلال لحارات في نابلس بحثا عنه؟ ولماذا لم تتشعّب الرّواية إلى ما جرى ويجري في مدن وبلدات أخرى؟
أعجبني: أثار انتباهي وإعجابي أنسنة الكاتب لبطل الرّواية ساري، فقد وصف من خلاله نفسيّة المطارد الخائف الحائر، ووصف شوقه لأسرته والديه وأخويه، وخوفه عليهم من بطش الاحتلال بسببه، وأجاد الوصف، وفي مرحلة ما وفي أكثر من مناسبة فكّر ساري بتسليم نفسه لقوّات الاحتلال؛ كي يخلص من الضّيق والمعاناة التي وجد نفسه فيها.
ملاحظة: في تقديري أنّ الرّواية انتهت في الصفحة 319، ولا مبرّر لوجود الفصل الثالث عشر الذي امتد من صفحة 320 -332.
وماذا بعد: القارئ لهذه الرّواية سيجد نفسه أمام كاتب يجيد فنّ الرواية.
12-اكتوبر 2022