خلود فوراني- سرية
أقام نادي حيفا الثقافي مؤخرا أمسية ثقافية مع صاحب المشروع الفكري للترجمة البروفيسور يهودا شنهاف شهرباني تم فيها إشهار ومناقشة كتابه “عاملون في الترجمة”.
افتتح الأمسية مؤهلا بالحضور والمشاركين على المنصة رئيس النادي المحامي فؤاد مفيد نقارة. وقد رحب ترحيبا خاصا بصاحب الأمسية ب. يهودا شنهاف، معبرا عن تقديره لمشروعه في الترجمة الذي ينشر ثقافتنا ويتيحها للقارئ اليهودي بمنتهى الأمانة.
وقد بادر لهذه الأمسية وتولى إدارتها د. خالد فوراني كفعل حضاري يتوافق مع أجندة نادي حيفا الثقافي في تقدير المبدعين لا سيما مبدع لا ينفك يعمل على ترجمة ثنائية القومية لنصوص من أدبنا العربي والفلسطيني للغة العبرية بمهنية وإخلاص للنص الأصلي. كترجمته للكاتب اللبناني الياس خوري (اسمي آدم-أولاد الغيتو، نجمة البحر)، محمود درويش، سلمان ناطور … وغيرهم.
وقد قدّم د. خالد لسيرة صديقه وزميله بالعمل في قسم علم الاجتماع والأنتروبولوجيا في جامعة تل أبيب، يهودا شنهاف شهرباني، بشكل مغاير لا نجده في موسوعة ويكيبيديا. مشيرا إلى أن شنهاف يجد روحه في الترجمة وهو يترجم النصوص العربية للعبرية ترجمة ثنائية القومية واللغة وليست فردانية، من باب نقد جذري لمشروع السيادة الاستعماري وما يرافقه من تطهير يميز الحداثة: تطهير الأرض، البشر واللغة.
في باب المداخلات قدمت د. راوية بربارة مداخلة بعنوان ” الترجمة على الطاولة المستديرة”، تحدثت فيها عن حيثيات الترجمة وموضوع الترجمة الفردانية مقابل الترجمة الجماعية.
حيث أن الترجمة مسألة ثقافية وحضارية تشرع الأبواب لفهم الحضارات الأخرى والتعرف على أدبائها.
وكزميلة للمترجم شنهاف في أعمال ترجمة عديدة أشارت إلى أنه صاحب تصور فكري لمدرسة جديدة للترجمة سيشهد لها التاريخ.
وفعل الترجمة هذا يلغي الحدود بين الأدب والحياة اليومية حيث أن ترجمة شنهاف لا تقوم على القواميس بل على الحياة اليومية.
تلاها الكاتب إياد برغوتي بمداخلة حول أعمال الترجمة التي يقوم بها شنهاف مشيرا إلى أنه بعيدا عن النموذج الفرداني للترجمة الذي يكرّس العلاقات الاستعمارية، يترجم شنهاف أدبا عربيا فلسطينيا بشكل أن للفلسطينيين العرب دورا فاعلا فيه.
وأضاف، الترجمة ثنائية القومية كعمل جماعي التي يعتمدها شنهاف، تلغي الترجمة الفردانية -مترجم واحد لكل الأعمال- وهذا ما كان في كتاب “بلسان مبتورة” عن دار نشر معهد فان لير-القدس الذي عمل شنهاف على ترجمته مع مجموعة مترجمين وحررته د. راوية بربارة.
قدم بعده عجالة بموضوع الترجمة، المحاضر والمترجم نبيل طنوس، فتحدث عن تجربته في عمل الترجمة مشيرا إلى أنها فعل سياسي ومقدما نماذجا عن ترجمته لأشعار محمود درويش بمفرداتها العربية المتنوعة والغنية إلى اللغة العبرية بدقة ومسؤولية . وما بين الغربة والإخلاص للنص الأصلي، محافظا على المعنى والسياق.
في الختام كانت الكلمة لبروفيسور يهودا شنهاف وقد بدا تأثره البالغ بهذه الأمسية الثقافية، مشاركين على المنصة وحضورا متفاعلا، كونه وكتابه موضوع الأمسية.
وقدم شكره للحضور أولا ثم للقيّمين على النادي برئيسه المحامي فؤاد نقارة ولزملائه على المنصة ومداخلاتهم حول مشروعه. ثم تحدث عن طفولته ونشأته كابن لعائلة ذات أصول عراقية وعن حبه للغة العربية الذي ورثه عن والده حيث عمل والده مدرّسا للغة العربية فنشأ على أهمية اللغة العربية ووجوب تعلمها وممارستها حياة وعملا.
فتح بعدها باب الأسئلة والنقاش للحضور فكانت أسئلة ومداخلات عكست تفاعل الجمهور وتقديرهم لما يقدمه شنهاف من مشروع ترجمة فكري وحضاري في خدمة ثقافتنا العربية الفلسطينية ونشرها بين القرّاء اليهود بأبهى وأصدق وأعمق تجلياتها.
بقي أن نذكر أن الأمسية أقيمت برعاية المجلس الملّي الوطني الأرثوذكسي.
خلود فوراني سرية