بقلم: د. نسرين حداد- حاج يحيى
مع بداية تفشي وباء الكورونا، تم الإدراك أنّ النساء في مختلف دول العالم من المحتمل أنّ يدفعن ضريبة مُركبة على الضرر الموسع الذي الحقته جائحة الكورونا. على سبيل المثال، الإغلاقات المتكررة عرّضت النساء لعنف اضافي من قبل ازواجهن بالتالي اضاعوا شبكة الدعم الجماهيرية؛ اغلاق المنظومة التعليمية اجبرت الكثير من النساء على تقليص حجم وظيفتهن من أجل الاهتمام بتعليم الأولاد؛ الكثير من المشغلين قاموا بتقليصات موسعة مست بالنساء بشكل كبير. هذه الظاهرة لم تتخطى إسرائيل. وفق تقرير عملت على نشره مفوضية خدمات التشغيل في تشرين أول الأخير، النساء في إسرائيل تضررن بشكل أكبر فيما يتعلق بأمنهن التشغيلي، في الموجة الأولى وايضًا في الموجة الثانية.
من الاطلاع على مواد قام بنشرها مكتب الاقتصادي الرئيسي مؤخرًا يظهر أنّ من بين النساء في إسرائيل سجلت النساء العربيّات أكثر انخفاضًا في مجال التشغيل (18.3%)، كما سجلت أكبر ارتفاعًا في البطالة. عليه، من كان من المفترض أنّ يربح من النمو الاقتصادي في إسرائيل تحوّل إلى أول المتضررين.
تدريبات مهنية والعمل عن بعد،
حتى وقبل تفشي الكورونا، وضع النساء العربيات في سوق العمل لم يكن لامعًا، إن صح التعبير. التجاهل الحكومي المتواصل القى بظلاله وانتج واقعًا من الفجوات الكبيرة بين النساء اليهوديات والعربيات، والتي تعاظمت رغم الارتفاع المتواصل في نسب النساء العربيات اللاتي تم دمجهن في سوق العمل. في السنوات الأخيرة، ورغم كل شيء، كان هنالك بشائر التي اشارت إلى أمل مستقبليّ؛ تطوّر أكاديمي للنساء العربيات بنسب عاليّة جدًا وأخذة في الازدياد، ارتفاع بوعي المشغلين لأهمية التنوع في التشغيل بفضل نشاط المنظمات والمجتمع المدني، وايضًا دعم وتشجيع حكومي في برامج تهدف إلى رفع نسب مشاركة النساء العربيات في سوق العمل. لكن، ازمة الكورونا باتت تهدد اليوم بالمس بكل ما ذكر من خطوات لامعة، عليه، وخلاف لما يحدث حاليًا والمقبول لدى بعض الدوائر، علينا التحضر لذلك بدءً من الآن، مما يقلل الضرر الذي ممكن أن يحدث، ويمنع أي ضرر مستقبلي.
من أجل التحضر، علينا اتخاذ بعض الخطوات الاستباقية: الأولى، استثمار في المدى القصير في دورات مهنية مع التركيز على نساء عربيات أخرجن من سوق العمل أو هؤلاء اللاتي يحاولن حتى اليوم الاندماج في السوق. في ظل الكورونا، العمل عن بعد، قد يحل صعوبة مناليّة الوصول إلى مكان العمل من البلدات العربيّة (عدد من مراكز المصغرة، التي تشجع بيئة عمل مهنية، بالقرب من البلدات العربية قد تكون حلا). الخطوة الثانية، استثمار طويل الأمد في منظومة التعليم العربيّ بدءًا من الجيل الأول إلى التعليم الثانويّ. فعليًا، يمكن قطف ثمار هذا الاستثمار بشكل فوريّ- النساء اللاتي يجدن لأطفالهن اطر مناسبة سيتشجعن ويرغبن بالذهاب إلى العمل. وايضًا، من نافل القول، أنّ خريجات التعليم الثانوي حاملات شهادات بجروت جيدة وايضًا صاحبات قدرات وكفاءات مطلوبة، يستطعن من خلال اكتشاف قدراتهن على الاندماج في عمل ذي جودة والحفاظ على مدخول ذاتي. الخطوة الثالثة، حلول تفاضليّة؛ فهنالك فرق كبير بين احتياجات اكاديمية شابة من المثلث واحتياجات سيدة لم تمم تعليمها العام في قرية غير معترف بها في النقب، عليه، لا يمكن منح الطرفين ذات مستوى التعامل والطلب وعلى المستوى ألا يكون موحدًا حتى ايضًا تجاه نساء أخرجن من سوق العمل من الجليل، أو نساء لم يعملن من المدن المختلطة ويرغبن بذلك.
كل هذه الخطوات مفصلة في المخطط الذي عملنا عليه في العامين الأخيرين بالتعاون مع عددٍ من الوزرات الحكومية، وبالأساس مكتب العمل والرفاه والخدمات الاجتماعية، إلى جانب تعاون من قبل منظمات المجتمع المدني. نقطة الانطلاقة في هذا المخطط، والتي يجب أن يتم تبنيها، هي النظرة الشمولية.
نمط تشغيلي ثابت
وفقط هذه الرؤيا، من غير الممكن معالجة المشكلة دون التطرق إلى جذورها وسياقها الأوسع: فجوات بالتعليم، الطلب والوضع الاقتصادي للعائلات والسلطات المحلية العربية. بالذات، بسبب المس بحقوق النساء عامةً والعربيات خاصةً في ظل أزمة الكورونا، بات الالتزام المُلقى على السلطات المحلية في تطوير أفق تشغيلية ثابتة، أكبر.
لطالما تسير المؤسسات الحكومية بنهج قصير الرؤية، سيكون المس بالنساء أكبر، ولن يقتصر ذلك عليهن فقط، فهو يطال المس بالمجتمع الإسرائيلي عامة. في المقابل، اذا ما خصصت الأطر اللازمة الوقت اللازم لمعالجة الموضوع والتعامل معه بجدية، مع التعاون مع القيادات العربية قطريًا ومحليًا ومع منظمات المجتمع المدني ومشغلين محتملين، يمكننا حينها بدأ نسج أحلامًا قد تتحوّل إلى واقعية.
مؤخرًا، تم تبشيرنا أنّ الحكومة وافقت على تمديد الخطة الخماسية للتطوير الاقتصادي للمجتمع العربي، وهذا قرار مطلوب ازاء الوضع الحاليّ، لكن من غير الجيد أنّ يقوم القيمون على المخطط بالتكاسل نحو بناء وتنفيذ الخطة الخماسية القادمة. فقط، مخطط طويل الأمد قادر على منع جائحة الكورونا من ترسيخ الفجوات الموجودة حاليًا، وقادر على التحول إلى علامة فارقة وبارزة في القلادة التي تسمى بمجتمع إسرائيلي.