أقام نادي الكنعانيّات للإبداع أمسية ثقافيّة، احتفاءً بتوقيع كتاب- امرأة وعرية- باكورة أعمال الكاتبة تفاحة سابا، الصادر عن دار الوسط للنشر والإعلام في رام الله، وذلك بتاريخ 27.6.2020، في مركز دنيا في دالية الكرمل، في جوّ حميميّ راقٍ وبتنظيم رائع، ووسط حضور كبير من شعراء وأدباء وأصدقاء وأقرباء، وبعد استقبال الضيوف والترحيب بهم، تولت عرافة الأمسية الإذاعية غالية ناطور قدور، وكانت مداخلة نقدية لرئيسة نادي الكنعانيات للإبداع د. روزلاند دعيم بعنوان- خواطر وعرية تكسر صمت شهرزاد، أما الكاتبة هيام أبو الزلف فقد حاورت تفاحة سابا حول توجهها الأدبيّ وإصدارها ومضامينه وبواعثه، أمّا الشاعرة آمال عواد رضوان المحررة الثقافية في الوسط اليوم فقد تحدثت عن سمة التمرد الاجتماعي والنفسي في نصوص الكتاب، وقرأت نصين شاهدين على الطرح، وقد قرأت تفاحة نصوصا بمرافقة موسيقية للفنان مروان حلبي، وختمت اللقاء بكلمة شكر للحضور والمتحدثين، وللإعلامي جميل حامد رئيس ومؤسس دار الوسط للنشر والإعلام ومتابعته الدقيقة لمراجعة وطباعة الكتاب، ثم تم التقاط الصور التذكارية.
*مداخلة د. روزلاند كريم دعيم رئيسة نادي الكنعانيات للإبداع: خواطر وعرية تكسر صمت شهرزاد
مساؤكن ومساؤكم بعطر الصنوبر والسرو، بعطر الكرمل وعبق الجبل.
لوجودي هذا المساء بينكم ملامحُ عديدةٌ تتعالق كالتعالقات النصية وتتداخل كدوائر انتماءاتنا. تستضيفني صاحبة الحفل لأحتفي معها بصدور “امرأة وعرية”، فعلاقتنا تمتد إلى بداية دراستنا الجامعية، حيث كنا شابات واعدات نحمل أفكارًا جريئة ونبحث عن سبل تحويلها إلى وقائع؛ مغازلات فكرية وصداقة وسفر وسهر ودراسة وبحث.
للكرمل في حياتي مكان، حيث قضيت سنوات طفولتي وشبابي الأولى من خلال عمل والدتي في التدريس هنا؛ فعشت الناس والحكايا والثقافة والحضارة واللهجة والمعتقد والنادرة والأدب… وحصلت على كتبي الأولى وتحفي الأولي من الكرمل الجميل.
تم تأسيس نادي الكنعانيات للإبداع قبل أقل من عام ليكون منصة مستقلة حرة تجوب كنعان والجولان، تحمل رسالة وطنية وفكرية وثقافية، تشارك بها شابات واعدات وأستاذات متمرسات، كسبن ثقة المشهد الثقافي بجهودهن وأخلاقياتهن وإبداعاتهن، وقد أصدرت الغالية تفاحة كتابها “امرأة وعرية” في دار “الوسط اليوم” للنشر والإعلام، الراعية الدائمة لنادي الكنعانيات للإبداع.
ومع اكتمال الدوائر والتعالقات يأتي كسر الصمت. لقد صمتت شهرزاد الجريئة التي تحدت شهريار عن قول الكلام المباح لقرون، أما بنت الجبل فقد كسرت حاجز الصمت من كلمتها الأولى، فهي على لسان المرأة تحكي ولا يدركُها الصّباحُ مثل شهرزاد، ولا تسكت عن أيّ كلام مباح، لتعود إلى ميثولوجيّا بدئيّةٍ تعاصرُ تشكُّلَ الفكرِ الإنسانيّ، وتنتقد صميمَ الدّيانات، وصميمَ قصّة الخليقة وجميع موتيفات الزّواج المقدّسة بحسب الشّرائع السّماويّة والتّوحيديّة، وثورة على المعايير المجتمعيّة والدّينيّة، لتدمج بين الجانب الشّعبيّ والميثولوجيّا: نِحْكي وَلّا ننَام؟؟!!
“مونودراما خطابيّة”، من مقطوعاتٍ سرديّة وحواراتٍ جريئة، تتمرّد بها الكاتبة على جميع التّعريفات والقوالب الفنّيّة، كتمرّدها على القوالب التّقليديّة الّتي تتناولُ قضيّة المرأة تناولًا تقليديًّا، وفي كلتا الحالتيْن يكون النّاتج غنيًّا رصينًا ومثيرًا، حيث أنّها تحملُ رؤيا واضحةً، وفكرًا حضاريًّا ثقافيًّا تراكميّا.
أتت نصوصُها نثريّةً بلغةٍ بسيطةٍ مباشرة غير استعراضية تحمل صورًا ومشاهد حية، وتحملُ روحَ ومشاعرَ أنثى متمرّدةٍ على المجتمع الذّكوريّ المسيطر والمسيّر للمرأة بحسب مفاهيمِهِ المتوارثة؛ نصوصٌ تحملُ صبغةَ غضبٍ وثورةً تنتصرُ لكرامة الأنثى ولكيانها ولعزّة نفسها، تستذكرُ العصرَ الأموميَّ حين حكمت الكونَ سيّداتٌ: ربّاتٌ وآلهاتُ خصوبةٍ وجمالٍ ومعرفة، كاهناتٌ ونبيّات، وعلى ما يبدو، فإنّ لكلّ نصٍّ خلفيّةً وقصّة في نفس الكاتبة، حيث تُعبّرُ بعضُ النّصوص عن تجربتها الزّخمةِ الغنيّةِ بالمعاناة إلى جانب الاكتشافات المثيرة، ولكن ممّا لا شكّ فيه، أنّ النّصوصَ بمُجملِها تُؤكّد سِعةَ اطّلاعِها في ثقافاتٍ وحضاراتٍ شرقيّةٍ مختلفة، ويتجلّى فيها تأثّرُها بدياناتٍ بوذيّةٍ وهندوسيّة، بالإضافةِ لمعرفتِها الواضحةِ بالدّيانات السّماويّة.
تبدأ المجموعةَ بنصٍّ سرديّ مُسجّع، يحملُ عنوانَ “قصّة غير شعبيّة – نحكي ولا ننام؟” عنوانٌ استفهاميٌّ بصيغةٍ تساؤليّةٍ، وقد تكونُ تشاوريّةً أو بلاغيّة يحملُ المفارقاتِ الفكريّة؛ فمن ناحيةٍ يأتي عنوانُ النّصّ الأوّل بإعلان أنّ الحديثَ يدور حول قصّة، مع التّأكيد على أنّها غير شعبيّة، ممّا يشير بشكلٍ أو بآخر، إلى كونها النّقيض من ذلك؛ أي قصّة رسميّة، إلّا أنّ الشّطر الثاني من العنوان يتكوّن من تناص واضح، تبدأ به الحكاياتُ والخرافات الشّعبيّة “نحكي ولا ننام؟”، لتضعَ القارئَ أمام تساؤلاتٍ عديدة في محاولةِ فهمِ العنوان وتأويلاته، وتبدأ بالجملة الافتتاحيّة المعهودة للقصص الشّعبيّ الخرافيّ:
كَانْ يا ما كانْ في قَديمِ الزّمان/ في سالِفِ الْأَوانْ وقَبْلَ الْأَدْيانِ
ويبدأ الصّوت بالحكي والحكي والحكي دون كلل، لينتهي النّصّ بحركة دائريّة، تعودُ بنا إلى البداية، دون الحصول على إجابةٍ وافيةٍ، بل على العكس، مع تساؤلاتٍ كبيرة تبقى مع القارئ كزاد للتّفكير:
ثُمَّ يَسْألونَني أَيْنَ أَنْتِ مِنَ الدِّينْ؟/ ما رأيُكُم أَيُّها الْأَنام/ نِحْكي وَلّا ننام؟؟!!
ولو بحثنا عن مكنونات العنوان: امرأة وعرية فإننا نكتشف إشاراتٍ ورموزًا متناقضة، بين مساراتٍ من اللّطف والنّعومة والأنوثة، والقوّة والضّعف، والحكمة والحنكة مما يُؤكّد أنّنا أمامَ حالةٍ صعبة تقول بضمير المتكلّم:
مَهْمَا تأنّقتُ، تَرَفَّعْتُ/ وَتَأَلَّقْتُ/ تَخْتَبِئُ في أَعْماقي/ امْرَأَةٌ أُخْرى/ صَحْراويَّة/ غَجَرِيَّة/ وَعْرِيَّة
هذه المرأةُ متعدّدةُ الوجوه والحالات والخطابات والأدوار، تتحرّك في الفراغ الباطنيّ والعقل الباطن الّذي
يتصارع مع الواعي، لا بل قد يغلبه في بعض الأحيان، تحثّها على الحركة وتهمس في أذنها، فتعيش في حالة روحانيّة “أوفورية” حتّى تغيب عن الوعي.
وتأتي اللّازمة “صحراويّة غجريّة وعريّة” لتفصل بين المشاهد والأقنعة والأصوات، وتُؤكّد برسالتها الواضحة أنه:
في كُلِّ امرَأةٍ مَهْمَا تأنّقتْ/ مَهْمَا تَرَفَّعَتْ وَتَأَلَّقَتْ/ تَخْتَبِئُ امْرَأَةٌ أُخْرى / صَحْراويَّة .. غَجَرِيَّة .. وَعْرِيَّة
وينتهي النّصُّ باعترافٍ واضحٍ ومباشرٍ بهذا التّناقض بين الإباء والكبرياء والوعورة؛ امرأة تتحدّث ببوليفونية متعدّدة الأصوات والقنوات، في حين تجمع بين تناقضات الدّاخل والخارج تتكاثف في الدّاخل أصوات عديدة متلبّسةً شخصيّات عدّة.
وتتلوّن المشاهد في عددٍ من النّصوص؛ لتعلن تمرّدها علانيّةً في “ما عدت أخاف”، ولا يأتي تمرّدُها من فراغ، فأرضُها راسخةٌ على محور الزّمان وفي كلّ مكان. فَلي مُتَّسَعٌ مِنَ اِلانْتِماءِ/ يَمْتَدُّ مِنْ ذاتي/ إلى كُلِّ الْأبْعادِ وَالْأَنْحاء/ لِأَسْتَوْطِنَ فيهِ أَوْ .. لا/ لا أَخافُ… ما عُدْتُ أَخاف!/ أَنْ أَكونَ رَبَّةَ الْكَوْنِ أَوْ إِلهَة/ نارًا مَعْبودَةً أَو .. لا / لا أَخافُ… ما عُدْتُ أَخاف!/ أُعْلِنُها عالِيَةً فَوْقَ رُؤوسِكُمْ/ قَدْ تُصيبُ قُلوبَكُمْ وَقَدْ لا/ لا أَخاف!
وتعودُ حركتُها الدّائريّة في “هي كلّ الحكاية”، لتُؤكّد الحركة الدّائريّة الّتي امتدت من آلهات الميثولوجيّا وربّات الكون، لتُنزل البطلات عن عروشهنّ، ويستبدلنها بانكساريّة أميرات الحكايات الخرافيّة في الحضارة المعاصرة، اللواتي يعشن “ميتوس” الجمال الوهميّ.
وتُؤكّد حركتها الدّائريّة في “حيث لا أعرف”: أَهيمُ عِشْقًا بِهذِهِ اللَّحظاتِ مِنَ الْهَذَيانِ/ حَيْثُ الدَّوَرانُ
وأي دائريّة هذه؟ هل هي دائريّة الحبكة الّتي لا تنتهي، أم أنّها دائريّة الرّقص المقدّس وطواف الزار؟
وأخيرًا، في قراءة النّصوص المطروحة بأدبيتها وشعريتها وفنها وثوريتها وجرأتها ورسوخها نسمع بوضوح، صرخة جريئة مغايرة تكسر حواجز الصمت عبر العصور، ورغم أن شهادتي قد تكون مجروحة، إلّا أنّها نابعة من تحد فكري، ينسجم ورؤية تفاحة المتمرّدة.
أتمنى لتفاحة السّنوات الطوال المعززة بوافر الإصدارات ولنا العديد من الحوارات والجدالات
**جاء في مداخلة آمال عوّاد رضوان مديرة نادي الكنعانيات للإبداع:
معظم نصوص تفاحة سابا تتميز بلغة متمردة ثائرة على المجتمع الشرقي، كونها تتمتع بالحقوق والحرية، وتتمسك بآرائها وعنادها، فلها عالمها المحبب الخاص بها وبشروطها، فنراها تطالب بتحرير الانثى من قيودها الاجتماعية، ومن التقاليد والأعراف السائدة، ولكل نص طبيعته وبواعثه الخاصة، فتقول تفاحة سابا في نصّ اِمْرَأَةٌ وَعْرِيَّة:
مَهْمَا تَأَنَّقْتُ، تَرَفَّعْتُ.. تَأَلَّقْتُ/ تَخْتَبِئُ في أَعْماقي امْرَأَةٌ أُخْرى.. صَحْراويَّة .. غَجَرِيَّة.. وَعْرِيَّة/ أَتَــنَــفَّـسُـهـا.. مِنَ الْوَريدِ إِلى الْوَريدِ .. تَتَقَمَّصُني كَالْجِنِّ/ تَسْكُنُنِي .. تَتَلَبَّسُنِي كَالْهاجِسِ.. تُوَسْوِسُ لِي.. تُلِحُّ عَلّيَّ أَنْ أَتْحَرَّكَ
تُوَشْوِشُنِي .. تَهْمِسُ في أُذُني.. سِرَّ الْأسْرارِ الْخَفِيّ
تَخْتَبِئُ في أَعْماقي امْرَأَةٌ أُخْرى.. ذاتَ شَعْرٍ أَسْوَدَ لَوْلَبِيّ/ تَخُطُّ الْكُحْلَ في عَيْنَيْها/ تَضَعُ في كاحِلَيْها أَكْثَرَ مِنَ خَلْخالٍ.. مِنَ الْخَرَزِ الْمُلّوَّنِ وَحَبِّ الْقُرُنْفُلِ/ تُبَلِّلُ قَدَمَيْها بِالْماءِ.. تَنْثُرُ الْعَبَقَ الشَّهِيَّ.. حَتَّى يَغْشاها .. وَتَغيبَ عَنِ الْوَعْيِ
تَخْتَبِئُ في أَعْماقي امْرَأَةٌ أُخْرى ..تُمَسِّجُ صَدْرَها النُّحاسِيَّ .. الْمُكْتَنِزَ السَّخِيَّ/ وَتَمْنَحُهُ لِلْكَوْنِ هَدِيَّة/ تُعَلِّقُ في عُنُقِها الْعِقْدَ تِلْوَ الْآخَرَ/ وَفي نَظْرَةٍ مِنْ أَلَقِ عَيْنَيْها.. تُفَكِّكُ ما تَشابَكَ مِنَ الْعُقَدِ/ تَلُفُّ حَوْلَ ذِراعَيْها وَيَدَيْها الْأَساوِرَ .. تُزَيِّنُ أَصابِعَها بِالْخَواتِمِ/ وَتَنْثُرُ الْوَشْمَ عَلى صَفاءِ جَسَدِها/ كَالنُّجومِ في صَفْحَةِ السَّماءِ .. تُعْلِنُ لِلسِّوادِ حَتْمِيَّةَ النُّورِ
تَلْبِسُ ما يَحْلو لَها.. ما يَسْتَفِزُّ الْغَرَابَةَ في النُّفوسِ .. وَالْعُيونِ .. / وما يَشي بِالْاسْتِحالَة .. تَسْتُرُ، تَكْشِفُ .. تُغَطِّي، تُعَرِّي ما يَطيبُ لَها/ ما يُبْرِزُ مَواقِعَ الْفِتْنة .. وَيُثيرُ الشَّغَبَ/ قَوانينُ التَّهْدِئةِ لا تَعْنيها/ تَنْظُرُ إِلى نَفْسِها في الْمِرْآة .. ظُهورٌ أُنْثَوِيٌّ شَقِيّ
مُعْجَبَةٌ هِيَ .. تَبْعَثُ قُبْلَتَيْنِ وَاحْتِضان .. إِلى نَفْسِها وَإِلى الْكَوْن/ وَتَخْرُجُ.. تَمْشي.. وَتَتَهادى/ تَهُزُّ الْأَرْضَ .. مَعَ اهْتِزَازِ أَطْرافِ جَسَدِها وَحُلِيِّها/ صَحْراويَّة .. غَجَرِيَّة .. وَعْرِيَّة .. لَكِنَّها تَتَجَمَّل / تَصْرُخُ بِصَوْتِ زينَتِها
في وَجْهِ مَنْ يَقْمَعُها .. مَنْ يَدْعوها أَنْ تَتَقَلَّصَ .. في وَجْهِ مَنْ مَنْ يَحْجُبُها/ تَعْزِفُ لَهُ بِموسيقى زينَتِها ../ مَعْزوفَةَ حُبٍّ/ وَتَدْعوهُ لِمُراقَصَةٍ وَحْشِيَّةٍ
تَخْتَبِئُ في أَعْماقي امْرَأَةٌ أُخْرى .. مُفْعَمَةٌ بِالنَّهَمِ هِيَ/ تَتَحَدَّى بِصَخَبِ أَلْوانِها .. رَتابَةَ صَحْراءِ الْحَياة
وَمِنْ مَواقِعِ الْفِتْنَة .. تُحْدِثُ الثَّوْرَة / نعم.. في كُلِّ امرَأةٍ مَهْمَا تَأَنَّقَتْ .. مَهْمَا تَرَفَّعَتْ وَتَأَلَّقَتْ/ تَخْتَبِئُ امْرَأَةٌ أُخْرى / صَحْراويَّة .. غَجَرِيَّة .. وَعْرِيَّة
**معظم نصوص تفاحة تتحدث بصيغة الأنا وبتمرّد نفسي، تتحدث عن نفسها بالصيغ المفردة، وتتمرد علی الماضي. لقد قالت غادة السمان: “تمرد المرأة على الحب .. معناه تمردها على أنوثتها! والتمرد على الأنوثة ليس إنتصارًا/ إنه بُؤرة الإنهزام والإنكسار.. إنه الشيخوخة المبكرة؟ فأين تقع تفاحة من هذا القول؟ دعونا نستمع ولتحكموا بأنفسكم. تقول تفاحة سابا في نص- أنا لا أُلَمْلِمُ نَفْسي:
أَنا لا أُلَمْلِمُ نَفْسيَ مُسْتَعْجِلَة/ أَوْ خَجِلَة، عِنْدَ الْحُبِّ.. أَوْ بَعْدَهُ .. وَلا عِنْدَ الْفَرَحِ/ أَنا أَنْفَجِرُ عِنْدَ الْغَضَبِ .. وَلا أَعْتَذِرُ/ أَنْسابُ في الْحُلْمِ .. أتَهَشَّمُ معَ الْحُزْنِ/ أتَفَتَّتُ مِنَ الْوَجَعِ .. وَلا أَجْفُلُ مِنْ تَناثُرِ أَشْلائي
أَنا أُطْلِقُ صَوْتَ الصَّهيلِ .. مِنْ أَعْماقي/ أَحْتَضِنُ كُلَّ الآتي.. وَأَسْتَبقيهِ حَتَّى الرَّمَقِ الْأَخيرِ وَاسْتِنْفادِ الْقوى..
أَنا لا أَجْلِسُ مَكْتوفَةَ الْيَدَيْنِ .. كَما عَلَّمَتْني مُدَرِّسَتي في الِابْتِدائِيَّة/ وَلا أَكْتُبُ بِخَطٍّ صَغيرٍ مُرَتَّبٍ مُنَمَّق/ حُروفي مُتَناثِرَةٌ .. هَوْجاءُ كَأَفْكاري… كَأَحْلامي .. كَمَشاعِري… كَخَيالاتي
أَنا لا أَضَعُ إِصْبَعي عَلى فَمي .. دَلالَةَ السُّكوتِ/ وَلا أَرْفَعُ يَدي طَلَبًا لِلْكَلامِ/ أَنا أَنْدَفِعُ مُتَدَفِّقَةً هَادِرَةً كَماءِ نَهْرٍ انْهارَ بِهِ السَّدُ
أَنا لا أَتَرَبَّعُ عَلى الْأَرْضِ مَحْنِيَّة .. كَما رَوَّضَتْني أُمِّي/ وَلا آكُلُ اللُّقْمَةَ صَغيرَة .. أُحِبُّها مِلءَ فَمي شَهِيَّة/ وَلا أَضُمُّ رِجْلَيَّ .. أَكْرَهُ مَفْهومَ الْحَشْرِ أَيْنَما حَلَّ
أَنا لا أَرْبُطُ شَعْري .. أُحِبُّهُ مَنْفوشًا/ وَصَدْري مُشَرَّعًا لِوَجْهِ الشَّمْسِ وَالْحُرِّيَّةِ، أُحِبُّهُ
أَنا أَعْشَقُ الانْزِلاقاتِ والْوقوعَ في الْحُفَرِ- وَالتَّسَرُّبَ كَالْماءِ في الرَّمْلِ/ وَالذَّوَبانَ.. وَالْمَشْيَ في الْأَزِقَّةِ الْجانِبيَّة
وَالْبَحْثَ في الشُّرُفاتِ عَنْ أَسْرارِ أَصْحابِ الْبيوتِ.. وَكِتابَةَ الْقِصَصِ
**هيام ابو الزلف تحاور تفاحة سابا
1*حدثينا عن بداياتك في الشعر ودافعيتك لكتابة الشعر؟
قصتي غريبة مع كتابة الشعر، أولا لم يكن الشعر يوما من الأنواع الأدبية التي تستهويني، دائما كان لي ما أقوله في قضايا كثيرة، ودائما سئلت من قبل أصدقاء: لماذا لا تصوغي أفكارك بصورة أدبية.
بدأت كتابة الشعر قبل أربع سنوات فقط، ضمن تجربة روحية مثيرة في معبد دمنهور في إيطاليا، وهو معبد محفور في الجبل بعمق 70 متر وبمساحة 7000 متر مربع، وهو من أكثر المعابد إثارة في العالم. يقع في منطقة تمر فيها 4 أو أكثر من خطوط. هو عبارة عن كتاب في الحجر مليء بالأعمال الفنية: زخارف بديعة، رسومات، فسيفساء، لوحات جدارية، زجاج، منحوتات، مندلات وكلها تحكي قصة الحضارة الإنسانية والعالم، وهدفها تأكيد التعاون الإنساني المسالم.
كنت قد بدأت مسارا روحانيا متنوعا تضمنَ رحل روحانية في العالم، دراسة علم النفس البوذي وممارسة تدريبات التأمل، وكنتاج لهذا المسار تفتحت ملكات في داخلي، ولم ابق محصورة ضمن البعد العقلاني، ولكن ما حدث هناك أني رأيت مشهدا لطفلة معينة كنت متأكدة أنها أنا، رأيتها بكل تفاصيلها، وجهها، لون بشرتها، شعرها، لباسها، نظرة عينيها، كانت من فترة زمنية بعيدة (مئات السنين)، رأيت مميزات المكان، الشارع، البناء، ورأيت ما يحدث معها. وهكذا كانت أول قصيدة كتبتها عن هذه الطفلة، وعن مجموعة تجارب حدثت هناك.. لم تدخل أي قصيدة في هذا الكتاب
قد يبدو ما أقوله أشبه بالهذيان أو غير قابل للتصديق. ولكن هذا ما حدث. ومن يومها انا أكتب الشعر، وما زلت حتى اليوم أكتب بنفس الطريقة يراودني مشهد – أو تلح على رأسي جملة لها علاقة بالتأكيد بمخزوني الثقافي، وبالقضايا التي تشغلني، فأقذفها شعرا دون فلترة أو سيطرة عليها أحيانا، او تخرج كالطلق في حالة ولادة مستعصية أحيانا أخرى
2* ما هي المضامين التي تتطرقين لها
قضيتي المحورية هي الإنسان- حريته وكرامته في هذه الحياة التي تديرها الكثير من القوى العاملة على تهميشه، على قتل ملكاته وقدراته، على التلاعب بمصيره. ضمن هذه القضية الكبرى تبقى قضية المرأة هي الأهم وهي المركز في كل كتاباتي.
لا يمكن أن أنظر الى هذا العالم وأتعامل معه منفصلا عن قضية المرأة، وتحرير المرأة من القمع والاضطهاد الذي مورس ضدها على مدار عصور وتذويتها لهذا القمع لدرجة انها تؤمن بذاتها انه طبعها او أنه هكذا خلقت المرأة… هذا الواقع يتطلب أنسنة من جديد لها وللرجل على حد السواء وهذا ما أحاول أن أقوله في كتاباتي التي تكون أحيانا غاضبة، متمردة، متحدية وأحيانا حزينة منكسرة…
3* حدثينا عن غلاف الكتاب:
الغلاف هو صورة لبيلية إلهة النار والبراكين في هاواي – كنت هناك في مسار روحاني، أحد أبعاده كان التواصل مع البعد الأنثوي، وقد اخترت الصورة لثلاثة أسباب:
رأيت أنه يجب استحضار من جديد فكرة ألوهية المرأة التي سُلبت منها على المستوى الشخصي وعلى المستوى الحضاري.
أردت لهذه العظمة المتجلية بالنار والبراكين بما تحمله من تمرد على النظام القائم والقدرة على قلب الموازين أن تأخذ مساحتها في الغلاف كما لها من مساحة كبيرة في مضامين الكتاب
رأيت ان الصورة بما تحمله من التصاق بالأرض والطبيعة تتماشى مع نموذج المرأة الوعرية وتعكسه -وهو عنوان الكتاب وعنوان إحدى القصائد فيه.. رغم اني أرفض أي تنميط أو تعميم في شأن المرأة.
4* بأي مدى تعكس كتاباتك أفكارك ونهج حياتك
غالبا الشاعرات يسألن عن مدى علاقة نصوصهن بحياتهن وليس الرجال، ويكون الهدف من السؤال هو التلصص على حياتهن، واستعمال المعلومات فيما بعد كأداة تشهير ضدهن، ولأن هذا هو الواقع غالبا ما تكون الإجابة تنصلا من أي علاقة بين نصوصهن وحياتهن، وغالبا ما يحاولن تفسير ما يكتبنه في أشعارهن، على أنه حالة من الابداع والتخيل ولا يمت بالضرورة لحياتهن بصلة تماما كالتمثيل مثلا
أنا أريد أن أوضح أن كل ما أكتبه هو عني، يعكس غضبي، تمردي، حزني، خيبة املي، أحلامي، أفكاري، قيمي، مواقفي في الحياة، خيالاتي، توقعاتي، عواطفي، تجاربي، خبرتي، كيف يمكن أن يخرج نتاجا فنيا وفكريا مني ولا يكون عني؟ والسؤال الأهم ماذا نعني عندما نقول “حياة”؟ –
كلمة حياة لا تقتصر على سلوكنا الخارجي، هي كل ما نحن عليه، هي لحظات قلقنا ووجعنا وفرحنا، هي قصص حبنا وانكسارنا وجرأتنا وتحدينا، ومن يتنكر لكل هذه الشمولية في الحياة يتنكر لإنسانيته، لذلك عندما أكتب عني أنا أكتب من خلالي عن تجربة إنسانية شمولية وأكتب عن النساء عامة
وكما في الفكر النسوي الشخصي هو سياسي – ما يحدث معي كامرأة أو كإنسان يحدث معي لأني انتمي لفئة معينة. أنا آتي من خلالي بصوت غيبته الحضارة الإنسانية بما في ذلك الشعراء الذين تكلموا عن المرأة فقد تكلموا عنها من منظار رجولي.
5* قصائد تحبين إلقاءها
*التلاشي في الجرح القادم ص159 نص الاختتام بالمقارنة بالنص الأول “قصة غير شعبية – نحكي ولا نام؟) الذي يأتي بالصوت الجمعي، يعيد ترتيب التاريخ ويحكي القصة من جديد.. هذه القصيدة تأتي بالصوت الشخصي، لكنه يبين ان الشخصي عام وان الوجع الشخصي في العلاقة مع الرجل هو وجع بُنيوي ممتد على مدار حيوات، وسيتكرر أيضا ما لم تحدث عملية أنسنة للرجال في الأساس في رؤيتهم لأنفسهم، ولشريكتهم وللعلاقة فتقول: التَّلاشي في الْجُرْحِ الْقادِم/ تفاحة سابا
الْقَلْبُ يَنْزِفُ ذِكْرى حَياةٍ سابِقَة/ يَشْعُرُها حَيَّة .. يَتَحَسَّسُها بِكُلِّ تَفاصيلِها/ يَسْتَنْزِفُها نَبْضًا؛ لَهُ نَكْهَةُ الْقَهْوَةِ الْمُرَّة…/ وَلَوْنُ الْمَوْتِ الشَّاحِبِ/ يَذْكُرُ أَنَّهُ تَمَزَّقَ عُنْوَةً/ كَغِشاءِ بَكارَة في لَيْلَةِ زِفافٍ بارِدَة/ يَذْكُرُ أَنَّ دَمَهُ أُريقَ في احْتِفالِيَّةٍ بِدائِيَّةٍ/ لِعُيونٍ جائِعة .. تَتوقُ لِمَنْظَرِ الدَّم!/ تَمامًا كَتِلْكَ الْعُيونِ الْمُعَلَّقَةِ عَلى الشُّرُفاتِ/ انْتِظارًا لَعَلَمٍ يُرَفْرِفُ عُرْبونَ شَرَفِ امْرَأَة
الْقَلْبُ يَذْكُرُ/ رُبَّما كانَ ذَلِكَ فُراقًا .. رُبَّما خِيانة/ رُبَّما طَعْنَةَ ثِقَةٍ تَعَذَّرَ بَعْدَها الرَّدْمُ!/ رُبَّما زَعْزَعَة… / رُبَّما حَبيبًا ذَهَبَ إِلى الْحَرْبِ وَلَمْ يَعُدْ/ رُبَّما هاجَرَ دونَ وَداعٍ، كَما يَفْعَلُ الرِّجالُ!/ وَجَع… وَجَعٌ فَوْقَ قُدْرَةِ الْاحْتِمالِ
الْقَلْبُ يَذْكُرُ/ يَذْكُرُ وَيَنْزِفُ مِنْ جَديد/ كُلَّما دَغْدَغَتْهُ طَراوَةُ عِشْق/ كُلَّما راوَغَتْهُ وَراوَدَتْهُ…/ يَذْكُرُ وَكَأَنَّهُ خَرَجَ لِلتَوِّ .. مِنْ عَمَلِيِّةِ قَلْبٍ مَفْتوح
آهٍ لَوْ تَعْرِفُ كَمْ أَخافُ أَنْ أُعيدَ الْكَرَّة/ كَمْ أَخْشى لِخُيوطِ الرَّتْقِ أَنْ تَتَفَتَّقَ/ أَنا لا أَقْوى عَلى اشْتِياقِكَ .. / وَلا عَلى ما دونِ النَّصابِ مِنْهُ/ وَأَخافُ/ أَخافُ مِنْ عَدَمِ اسْتِعادَةِ قُدْرَتي عَلى التَّرْميمِ بَعْدِ الْهَجْرِ/ فَالذِّكْرى حَيَّة
أَنا أَخافُ أَنْ أَنْكَمِشَ أَمامَ الْحَياةِ/ فَأَغُضَّ الطَّرْفَ عَنْ مِلْءِ الْخَفَقانِ/ عَنِ اجْتِياحِ الْحُبِّ .. عَنِ الدَّوَرانِ في إِعصارِهِ/ فَالْقَلْبُ يَذْكُرُ السُّقوطَ إِلى الْهاوِيَة/ يَذْكُرُ قَسْوَةَ الِارْتِطامِ بِالْقاعِ
أَخْشى السُّقوطَ أَنا/ أَخْشى أَنْ يَنْفَرِطَ الْعِقْدُ وَتَرْتابَني الْفَوْضى/ اعْتَدْتُ التَّرْتيبَ،/ وَعالَمي قِطَعُ مَلابِسٍ وَضَّبْتُها عَلى الرُّفوفِ/ أَخافُ مِنْ بِناءِ الْجُسورِ إِلَيْكَ/ فَالْقَلْبُ يَذْكُرُ جُسورًا مَنْسوفة/ وَدُخولًا بَطيئًا شِبْهَ مَشْلولٍ بَعْدَها إِلى الْقَوْقَعَة
الْقَلْبُ يَذْكُرُ/ وَأَنا أَذْكُرُ خَوْفًا أَكْبَرَ مِنَ التَّلاشي/ في الْجُرْحِ الْقادِمِ/ وَهُوَ قادِم
*والنص الثاني صوتي زهرة لوتس ص151– نموذج إضافي يبين أن الشخصي سياسي، أي انه عندما أتكلم عني (عن إخفاء صوتي)، انا أتكلم عن فئة النساء او طبقة النساء في هذا العالم على مدار عصوره، وعن التعامل معها من خلال تغييب أجزاء منها، وإبراز أجزاء أخرى وفق رغبات وأفكار الرجال.
صَوْتي زَهْرَةُ لوتَس/ تفاحة سابا
الْأَصْواتُ كَالْعُيونِ… كَالْأَسْماءِ/ تَحْتَضِنُ رُؤانا.. تُصافِحُ الْعالَم عَنَّا وَتَحْمِلُ نَبْضَنا/ لِماذا لَمْ يَتَغَزَّلِ الشُّعَراءُ بِالْأَصْواتِ؟/ وَصَفوا الْعُيونَ وَلَحْظَها/ رُموشَها… أَلْوانَها… نَظَراتهِا/ وَالسُّيوفَ الْمَحْنِيَّةَ فَوْقَها
مَنْ ذا الَّذي اخْتَرَعَ تَعْبيرَ “صَدْرُكِ كوزُ رُمّان”/ وَ “خَدُّكِ كَالتُّفَّاحِ”/ وَ “شِفاهُكِ كَرَزٌ” وَ “رِيقُكِ شَهْدٌ يَسيل”؟
ما الَّذي جَعَلَهُم يَتَوَقَّفونَ عِنْدَ الْخَصْرِ وَالشَّامَة/ وَالشَّعْرِ الْأَسْوَدِ الطَّويل .. وَالْقَدِّ وَالْقَوامِ الْمَمْشوقِ/ وَالنُّعومَةِ وَالطَّراوَة .. وَيَنْسَوْنَ الصَّوْتَ؟
أَيْنَ اخْتَفى صَوْتي مِنْ كُلِّ مُفْرَداتِهِم؟!/ كَيْفَ يُمْكِنُ لِصَوْتي أَنْ يَصِلَ كَما هُوَ إِلَيْكَ/ دونَ الصَّدى… دونَ الْغَرْبَلَة؟!/ كَيْفَ يُمْكِنُ؟!/ وَالْمسافاتُ بَيْنَنا تَخْنُقُها عَثَراتُ الطَّريقِ وَالْمَطَبَّات؟
صَوْتي لَوْ تَعْلَمُ مُطَرَّزٌ بِرَذاذِ الْمَطَر/ كَزَهْرَةِ اللّوتَس يُزْهِرُ مَسيحًا عَلى الْماءِ/ صَوْتي شَلَّالٌ شَهِيٌّ/ يَنْهالُ أَسْئِلَةً وَعَلاماتِ اسْتِفْهام/ وَمَعَ نَغْمَةِ اسْمِكَ يُصْبِحُ أَشْهى/ وَيُصْبِحُ أَشْهى بِكَثيرٍ/ عِنْدَما تَبْتَلِعُهُ وَأَنْتَ تَلْتَقِطُ شِفاهي/ وَتُطْبِقُ عَلَيْه .. فَيُطْلِقُ الْآهَ/ وَيصبحُ شَهِيًّا بِعَشَراتِ الْمَرَّاتِ أَكْثَر/ عِنْدَما يَثورُ عَلَيْكَ/ وَيَصْرُخُ في وَجْهِكَ:
“إِلى الْجَحيمِ أَنْتَ وَعالَمُكَ،/ إِلى الْجَحيمِ أَنْتَ وَكُلُّ الشُّعَراءِ الّذينَ تَجاهَلوه،/ أَنْتَ وَكُلُّ رِجالِ الدِّين الّذينَ بِالْعَوْرَةِ وَصَموهُ / أَنْتَ وَكُلُّ رِجالِ الْحُكْمِ الّذينَ أَسْكَتوهُ”
صَوْتي نَبْعُ حَكايا وَأَحْلام/ مَوْجاتُهُ عابِرَةٌ لِلْحُدودِ… لِلزَّمانِ… لِلْمَكان/ وَسَيَبْقى رَغْمَ كُلِّ قَصائِدِكَ/ وَأَحْكامِكَ وَقَوانينِكَ/ ماءً يُدَغْدِغُ حُلْمَ الْجَنَّة/ وَنارًا يُثيرُ كَوابيسَ جَهَنَّم
**جاء في تحيّة شكرٍ وامتنانٍ تفاحة سابا:
أُقدّمُ باكورةَ أعمالي الشّعريّة “اِمرَأَةٌ وعريّةٌ” هذه، مع تحيّةِ شكرٍ وامتنانٍ لكلّ ما فاضتْ بهِ عليّ الحياةُ مِن هِباتٍ وهدايا، جعلتني أُقبلُ على ما تجودُ به عليّ، بنهمٍ وشغفٍ لا يعرفانِ الحدودَ، في واقعٍ أرادَ للمرأة أن تعيشَ ضمنَ قوالبَ مفروضةٍ، وضمنَ خارطةِ طريق مرسومة.
أُقدّمُ كتابي هذا مع تحيّةِ شكرٍ وامتنانٍ لمِا منحتني الحياةُ من تحدّياتٍ وصعوباتٍ جعلتْني أكبرُ، وجعلتْ هذا العالمَ يكبرُ في داخلي، لأصبحَ أكثرَ ليونة، وتتفتّحَ روحي على كلّ إمكاناتِهِ، فيصيرُ مثيرًا بتعدُّدِهِ، مُتاحًا لي بكلّ أبعادِهِ، مُعيدًا لتكويني كلَّ مرّةٍ مِن جديد، تاركًا إيّاي في خضمّ دهشةٍ مُستمرّة.
هديّةُ حبٍّ وامتنانٍ أقدّمُها لعائلتي- ولأبي وأمّي، على احتضانِهم غيرِ المشروط لي رغم اختلافي فيهم؛ قبولهم لي في كلّ مراحل حياتي، دعمهم لي كيفما كنتُ وأينما كنتُ، ومرافقتهم لي في كلّ الخطواتِ والمساراتِ الّتي اخترتُها، لأعيشَ الحياةَ بانسجامٍ معَ ما تصبو له روحي.
جزيل شكري لأصدقائي وصديقاتي الّذين حثّوني على مدار سنواتٍ، على إصدار ما أكتب، وأخصُّ بالذّكر قُرّائي على الفيس بوك الّذين رافقوا قصائدي على مدار أربع سنوات، وعلّقوا عليها داعمينَ مُشجّعين، وساهموا في نشرها على صفحاتهم.
شكرٌ خاصٌّ لمن رأوْا في نصوصي قيمةً مُضافة، فترجموها للغاتٍ أخرى؛ للدّكتور نبيل طنّوس على ترجمته للعديد منها إلى العبريّة، وللأستاذ هفال زاخوي الّذي نشر بعضها باللّغة الكرديّة في العراق.
جزيل شكري لكلّ من ساهم في إخراج هذا الكتاب إلى النّور؛ أخصُّ بالذّكر دار الوسط للنّشر والإعلام في رام الله، ولمديرها الإعلاميّ والكاتب جميل حامد، على المهنيّة الفائقة والمسؤوليّة الكبيرة، في مَنتجة وتنسيق ومراجعة الكتاب وطباعته.
*وشكري للشّاعرة آمال عوّاد رضوان الّتي أشرفت على التّدقيق اللغويّ وطباعة ومتابعة المجموعة الشّعريّة. وجزيل شكري للصّديقة العزيزة د. روزلاند دعيم على مقدّمتها القيّمة للكتاب.
وجزيل شكري أقدّمُهُ لكم قرّاء هذا الكتاب، على مرافقتكم لي في رحلة الغوص والتّحليق هذه، إلى دواخل ذاتي وفي العالم الخارجي، علّ روحي المنحوتة في النّصوص تثيرُ أرواحكم، وعلّ القضايا الّتي تشغلني تستثيركم ونلتقي، وأضع بكثير من الحبِّ عالمي ببعض أبعادِهِ بين أياديكم.