قراءة في كتاب “حيفا في ذاكرة برهوم كي لا تُنسى” ناهد حامد حيفا

منذ زمن لم احتضن كتابًا بهذه اللهفة، أقلِّب صفحاته بتأمُّل، كمن وجد حنينَه الدَّائم المجهول وتعرَّف على ملامحه عن قرب، كتاب بعنوان :”حيفا في ذاكرة برهوم ..كي لا تُنسى”..

اهداني اياه طبيب العائلة ورفيقنا العزيز دكتور خالد ابراهيم سمعان تركي داود. بدأت قراءته منذ يومين وكنت انتظر الفرصة الأولى لأنهي انشغالاتي اليوميَّة وأعاود القراءة كطفل يشتاق لدميتِه المفضَّلة.

الكتاب شيِّق بلغته البسيطة السَّلسة في السَّرد ،غنيٌّ بالتَّعابير العربيَّة والمفردات الشَّعبيَّة، ممَّا يجعلك تعيش احداث الأحياء الأصيلة في حيفا، من وادي النِّسناس الى وادي الصَّليب الى الكرمل الى الألمانيَّة مرورًا بكلِّ معالم المدينة وزواياها وتفاصيل بيوتها وشكل مبانيها العريقة. كما وتتجلَّى ملامح فلسطين بين السُّطور جليًّا ويحلِّق الخيال التَّصوُّريِّ وكأنَّك تتابع فيلمًا وثائقيًّا جميلاً، بإخراج متقنٍ.

يتحدَّث الكتاب عن مسيرة حياة وذكريات فلسطينيَّة عاشها والدُ الكاتب الطَّبيب خالد تركي داود السَّيِّد: ابراهيم سمعان تركي داود اطال الله بعمره وعائلته وهو فلسطينيٌّ، أصيلٌ وصاحبُ مبادئ ومسيرة مشرِّفة مفعمة بتاريخ نضاليٍّ طويلٍ، وعصاميٌّ يأبى الخنوع ولا يعرف المستحيل، متشبِّثٌ بعروبته والوطن لأبعد حدٍّ،  كيف لا وهو “برهوم” الذي عاش وواكب تاريخ شعبنا الفلسطينيِّ الجبَّار واحداث مفصليَّة تاريخيَّة وما عاناه شعبنا تحت وطأة الاستعمار والاحتلال والتَّهجير وصولاً الى قيام الدَّولة ثم التَّقسيم والنَّكبة عدا عن الظُّروف المعيشيَّة الصَّعبة ممَّا يزوِّد روح العزم والإرادة لمواجهة تحدِّيات الزَّمن والتَّمسك بالتُّراب والوطن حتى آخر رمق. تدور الأحداث وتتمركز  في مدينة حيفا، بلد الكاتب والرَّاوي وممَّا يثير الفضول هو حضور فلسطين بملامحها ومعالمها وتاريخها وأدبها وأدبائها فلكلِّ زاوية في الكتاب حصَّة ووجدان. ما اضافه لي هذا الكتاب من معانٍ وقيم وعمق، وان دلَّ على شيء فإنَّما يدلُّ على انَّه لا غنى ولا بديل عن رحم الأرض، أرضنا وشعبنا ولا طريق اكثر نور من طريق الحقِّ. سنبقى هنا الى ان ينام القمر.

كلمة شكر لا تكفيك حقَّك دكتور خالد تركي سأهدي كتابتك لكلِّ من أُحِبُّ..

بك نفخر ونعتزُّ..

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .