منظر عام من بيت لحم
اكتشاف إصابات بفايروس كورونا في بيت لحم، نقله لها سيّاح أجانب، ليس شيئا غريبا، فقد انتشر الفايروس في غالبيّة دول العالم، كما ظهرت إصابات أخرى في المناطق الفلسطينيّة، ويسجّل للسلطة الفلسطينيّة أنّها كانت سبّاقة في إعلان حالة الطّوارئ لمكافحة هذه الوباء. تماما مثلما يسجّل لأبناء شعبنا في بيت لحم خاصّة وفي بقيّة المناطق أنّهم استوعبوا هذا الوباء وقاوموه، رغم ضآلة الإمكانيات. ويسجّل لأهلنا في بيت لحم أنّهم السّبّاقون في محاصرة هذا الوباء والخلاص منه.
وأتساءل إذا ما كانت بيت لحم محظوظة أكثر من غيرها عندما انطلقت بداية الوباء في وطننا فلسطين منها! فهل ينطبق عليها المثل “ربّ ضارّة نافعة”؟ فبيت لحم مدينة مقدّسة، وهي مهد السّيّد المسيح عليه السّلام، ومنها انطلقت دعوته للسّلام والمحبّة.
وهل جاء الوباء بقدرات خارقة عامدا متعمّدا إلى بيت لحم التي تحتفل هذا العام 2020 بكونها عاصمة للثّقافة العربيّة؟ وبغضّ النّظر عن أسباب الوباء، فإنّني أجزم بأنّ مدينة العذراء وابنها المسيح عليهما السّلام قد ابتدأ الوباء بها؛ لحفظ ماء الوجه للنّظام العربيّ الرّسميّ، وهذه من فضائل وقدسيّة بيت لحم.
عندما كانت القدس شقيقة بيت لحم عام 2009 بتاريخها ومقدّساتها العظيمة عاصمة للثّقافة العربيّة، واعتبارها عام 2011 عاصمة دائمة للثّقافة العربيّة، وعام 2019 عاصمة للثّقافة الإسلاميّة، فإن العرب والمسلمين لم يقدّموا شيئا للقدس التي تئنّ من ثقل بساطير جنود الاحتلال. وليتهم اكتفوا بهذا الموقف السّلبيّ، فبعضهم تواطأ مع ترامب ونتنياهو فيما يسمّى “صفقة القرن”، وتعهّدوا بتمويل تهويدها دون أن يرفّ لهم جفن. فهل سيكون موقفهم من بيت لحم عاصمة الثّقافة العربيّة للعام 2020 أفضل من موقفهم من القدس، خصوصا وأنّ قلب بيت لحم لا توجد أطماع لتهويده رغم المستوطنات التي تحيط به وتدميه؟
وبالتّأكيد فإنّ الاحتفالات تليق ببيت لحم وبمواطنيها وبأبناء شعبها، ولأنّها فخورة بفلسطينيّتها وبانتمائها العروبيّ، فإنّها فخورة أيضا بأن تكون عاصمة للثّقافة العربيّة لهذا العام، وستقيم احتفالاته كما يليق بها وبتاريخها العريق، معتمدة على مقدّراتها ومقدّرات شعبها رغم ظلمة الليل، ورغم سنوات الاحتلال العجاف.
14-3-2020