جوليا.. حنجرةٌ من ذهبٍ ويمامْ 


هادي زاهر
(1)
جوليا.. حنجرةٌ خضراءُ تنزفْ 
عشباً.. ورداً وصلاة 
موسيقى كونيّةٌ تعزفْ 
الملايينُ نائمةٌ..
في العراءِ الدمارِ الخرابْ 
وقيامتنا قائمةٌ 
باللهِ يا أمّة الأعرابْ 
متى يكون لنا موقفٌ 
لو نصف موقفٍ أو ربع موقفْ!
لعلنا نشعرُ..
ما زلنا على قيد الحياة 
أو ربما نذكرُ 
أنّنا مازلنا نعرفْ 
أن الموقفَ في مدنِ الأمواتِ نجاة 
اهتفي سيدتي اهتفي
وين الملايين” هل هي أرصدة في البنوكْ 
أم هي جثثٌ بين طنجةِ وتبوكْ 
اهتفي سيدتي اهتفي 
هنا مراقد الشهداء تردد معكِ وتهتفْ 
هنا الأحياءُ وحدهم 
يعجنون من الترابِ وردهم 
لأموات الحياة لعلهم ينهضونْ ويلبّون 
صوتك العذب القوي الحنونْ
وين الملايين.. وين الملايينْ!
( 2)
جوليا.. حنجرةٌ من ذهبٍ ويمامْ 
راحةُ المتعبين من فصول الأرضِ 
صوتٌ نهونده قدسي الكلامْ 
ضوءٌ في ليل السراة 
علامةُ وقوفٍ في مسيرةِ المشاة 
هم الكادحون في مسيرة الرفضٍ 
وكل نشيدٍ هنا 
براقٌ لباب المسرات يفضي 
ارفضْ الظلمَ والظلامْ 
اهتفي يا سيدتي في الأنامْ 
لعل هذه الأمّة 
تنفض غبارَ الهزيمة 
وتعلو..
مثلما كانت في القمّة 
وتسمو..
وتنقشع الغُمّة 
ما عاد لنا وزنٌ ما عاد لنا قيمة 
أُتلى علينا أناشيد القٍيامْ 
رتّلي على جموعِ الغفاة 
تراتيلَ الرفضِ في كلِّ صلاة 
لعل أمّتنا الحليمة 
تستعيد صوابها 
يوم كانت عظيمة 
ولا صوتَ يعلو محرابها
(3 )
جوليا.. صوتُ الضمير العربِ 
بقعةُ ضوءٍ تلمع في ليل الغضبِ 
اصدحي يا سيدتي اصدحي 
وافضحي المستور افضحي 
فلا بدّ أن تنهمر أدمع السحبِ 
وتغسل ما تكلّس من سوادْ 
في شرفات البيوت الخائفة 
وفوق ذرى الجبال العالية 
في السهول الحقول الوهادْ 
فلا بدّ من سيولٍ جارفة 
تزيل الوخمَ العالق في البلادْ 
فكيف لأمّةٍ في سوق الكسادْ 
تباعُ وتشترى في المزادْ 
كأنها حُزمةٌ من الحطبِ 
في مواقد السادةِ النجبِ 
وبعد أن يعتريها الرمادْ 
تُكرّمُ بأن تكون حفنةً من سمادْ 
في حدائقهم الغنّاءْ 
وهل يجدي في ليلنا الغِناءْ 
ونحن من تعبٍ إلى تعبِ!
اصدحي وفجري بؤرة الطربِ 
فمثل هذا المزاجْ 
أبداً لا يحتاجْ 
سوى الثورة والغضبِ 
في الروحِ والعصبِ
(4)
صوتكِ حين يفيض عذوبة 
يملأ أرضنا العطشى خصوبة 
ربما ذات نشيدْ 
تعود الملايين من جديدْ 
تهدرُ من المحيطِ إلى الخليجْ 
وحين تغضب وتهيجْ 
تقلع النظم الفاسدة 
من شروشها المسمومة 
وتلعن الطٌغم الجاهدة 
حكومة بعد حكومة 
هم بغاة شعوبهم 
خدمٌ صغار عند كل احتلالْ 
ولهم الهزائم في كل حروبهم 
فهم إلى زوالٍ.. إلى زوالْ 
فلا تكفّي يا سيدتي عن الغناءْ 
ليكن الصدى ترديده 
بين الأرض والسماءْ 
وعلى الشعوب أن تعيده 
في الصباحِ والمساءْ 
فالملايين في صوتكِ لا تزالْ 
تُردّد نشيد الحياة!

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .