كلمة وفاء بحقّ  المربية لميس عبدو بقلم : عدلة شدّاد خشيبون ـ قانا الجليل

 

 

عذرًا قلمي …فالسّواد نصيبك اليوم
هذا ما كتبته الان ..الان والدّمعة حيرى ..والشّمعة لروحها مضاءة
يومكم مبارك باسم الاب والابن وكلّ روح جميلة بكلّ المعاني فارقت الحياة
علّمتنا الحرف وكانوا الاهالي يتسابقون لتسجيل أبنائهم عندها …لم تكن متساهلة لا كمربية فقط وإنّما في كلّ الاصعدة ..سياسيّا تعليميّا إنسانيًّا..كانت كلمتها كالسّيف المغمّد تخرج فقط لقول الحقّ ..
حزينة بقيعتي اليوم لهذا الفراق المفاجئ الذي وقع كالصّاعقة على كلّ من عرفها. ..
إنّها الجارة  الانسانة المربية الرّفيقة لميس عبدو غيّبها الموت وهي تحتضن الفرح من خلال رحلة استجماميّة في جزر الكناري وكأنّ الغربة تناشدها بالبقاء والطّبيعة تشدّها إليها ليعلن هذا القلب التّوقّف المفاجئ دون سايق انذار.
أمّا عنها فيكثر الكلام ويقلّ لأنّ مضمونه واحد ..تلخص صفات الانسانيّة بكلّ معانيها لا يفوتها حدث إلا وتكون السّبّاقة في الحضور تضامنًا مع الوجع الذي يتكبدّه أبناء شعبنا ..

وما اجملها من لميس تحمل الرّاية الحمراء في كلّ الاوّل من أيّار وتعايد الصغار قبل الكبار إيمانًا منها أنّهم بناة المستقبل.

وما أروعها من لميس حظيت بكلمة معلّمتي بجدارة واستحقاق ..هذه اللّميس التي علّمت من قلبها قبل لسانها ومن دم شريانها كتبت على لوح الصّف عبارت المحبّة بأبجديّة وطنيتها.

حزينة حواكير البقيعة عليك ..وتبكيك عيونها الواردة صيفًا وشتاء .تبكيك أزقة بقيعتنا من شرقها لغربها .

قبل حوالي سنة وبضعة أشهر كنّا قد اجتمعنا أبناء صفّي لنعيد ذكرى الايّام الغابرة بعد أن شتتنا الايّام كلّ في مكان أو عمل وقد كانت نقطة لقائنا في مدرسة البقيعة الابتدائية وهناك المربية لميس جارة المدرسة ..فأتت إلينا وباركت خطواتنا وبدأنا معها نتذكّر أيام الطّفولة الشّقيّة ..والتقطنا بعض الصّور وقد اعتذرت فلم يكن بوسعها الانضمام معنا لنهاية المشوار
التقطنا الصّور معها وشعرنا بطفولتنا …وتبادنا الاحاديث الفكاهيّةمربيّتنا لميس عبدو اليوم فارقت الحياة بعد صعودها فضاء هبوطها إلى بلاد تشبهها بالجمال ..صعودًا بغير حراك ..هبوطًا إلى أرض الوطن لتتلاحم ذرات ترابه مع جسدها لتسهم في وطنيته ووطنيتها .هذا بعد أن قالوا  لها أحبّتها ..عودة سالمة …لم تحظَ بتطبيق هذا الدّعاء..وكان لها الذي يبكينا الان . ..
على الصّعيد الشّخصّي وصدقًا أقول كلّ يوم أستقبل منها رسالة في أوقات متفاوتة من الزّمن وآخر رسالة كانت في 27 آب معظم رسائلها كانت مصحوبة بصور من حديقتها الغنّاء التي كانت تعتني بها ..أو الفاكهة الموجودة العنب والتّين والتّفّاح ..
آخر لقاء لي معها كان في 13 تمّوز في أمسية الكاتب فادي أبو شقارة واشهار كتابه رهين الجسد في طرعان وحضورها أكّد مشاركاتها الانسانيّة في كلّ عمل إنساني ولو بعُد المكان وضاق بالوقت الزّمان.. ..
كما أنّها لم تبخل بالوقوف بجانبي والاحتفال معي باشهار كتابي في حيفانا عروس البحر.وحظيت باعجابها في كلّ ما أكتب حيث كانت تحبّ القراءة وتعشق الادب. .
كنت بالامس القريب في الاوّل من أيلول قد كتبت شيئًا عن أيّام الطّفولة في المدرسة وكانت المعلّمة لميس كأنها توحي لي بالكتابة لآن الاوّل من أيلول يعني لها الكثيركما يعني بذكرياتنا معها الكثير  وها هو القدر يختار لها هذا الايلول ..لتكون هناك لميس عبدو …الأنسانة ..الجارّة…الرّفيقة ..المربيّة .زميلتي في العمل في فترة من الزمن ….لروحك السّلام والسّكينة ها هي عودتك سالمة لجوار ربّك ..ارقدي بسلام وسيبقى هاتفي يرّن وسأقرأ دومًا ما بعثته من رسائل  تفتح الجروح وتضمدها بالذّكرى الطّيّبة ..

أعزّي وطننا بهذا الفقدان الانسانيّ ..لروحك السّلام .

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .