هو يوم حزين ووقْع جلل عندما بلغني ان رفيق العُمر، رزق قيصر سمعان (ابو سليم)، قد فارق هذه الحياة الى جوار ربه.. وسرعان ما عادت بي الهواجس والذكريات الى ايام الشباب الاولى والذكرى المشؤومة للنكبة، التي ادت بهذا الشاب ابن السبع عشرة سنة في حينه، باللجوء الى قريتنا البقيعة، التي لا تبعد عن قرية سحماتا بمفهوم الفلاحين “رمية حجر” والتي قامت الطائرات الاسرائيلية بهدمها يوم 29 /10/1948. فاحتضنته البقيعة واستقر مع عائلته فيها، كما احتضنت عددا لا بأس به من اهالي قرى اخرى ومنعت تهجيرهم.
نعم عادت بي الذاكرة الى سنة 1950 عندما انضممنا،انا والرفيق رزق للشبيبة الشيوعية، بعد ميلاد عام على تأسيس فرع للحزب الشيوعي في البقيعة، اخذ فرع الشبيبة الذي وصل عدد اعضائه 18 رفيقا، يعمل بنشاط كبير لجانب الحزب، فجن جنون الحكم العسكري وبما ان المناسبة لا تدعي لندخل بتفاصيل، اود فقط الاشارة الى ان فرع الحزب قرر حل نفسه لأسباب مختلفة ومنها التهديد والوعيد الذي طال ايضا فرع الشبيبة ومن اصل 18 عضوا لم يبق سوى خمسة رفاق، وفي نهاية الامر لم يصمد سواي وسوى طيب الله ثراه الرفيق رزق. استمررنا وتحدينا كل الضغوطات والملاحقات وبرز الرفيق رزق بنشاطه وصلابة موقفه، شامخ الرأس لا تلين له قناة، ولا تفارقه غصة عندما يمر بجانب قريته المهجرة او يعود بزيارة الى حجارة بيتهم مع بعض ذكريات الطفولة.
اذكر انه سنة 1956 تم ترفيعنا للحزب وبموجب الاجراءات الدستورية لطلب الانتساب، قمت انا بتزكيته وترفيعه وهو فعل الامر نفسه معي. استمررنا في النشاط وتوزيع جريدة الاتحاد وكان الواحد منا مكملا للثاني، هو انا وانا هو في كل المواقف، واخذ الحزب يستعيد عافيته..مع العلم أن الرفيق رزق كان يعمل في مجال البناء: “قصار” الى “بلّاط” الى “بنّاء” اتقن مختلف الاعمال فكسب محبة الاهالي لصدقه وامانته ومهارته في تنفيذ مهنته، وبقي ينشط في صفوف الحزب والعمل الجماهيري الى ان اقعده المرض، ولم ينسه فرع الحزب، فهو القدوة التي يحتذى بها، فقمنا قبل مدة وجيزة بزيارته في بيته، وقلدناه درع تكريم، عرفانا بعطائه ومبدئيته ودوره الاممي الحزبي..لكن للعمر اجل مسمى، فجاء ليدركه عن عمر ناهز 87 عاما.
فنم يا رفيقي واخي قرير العين، فزوادتك كبيرة وبيدرك واسع، ودعني باسمي واسم فرع الحزب الشيوعي والجبهة وكل الاصدقاء في البقيعة، ان نتقدم باحر التعازي لأبنائك وبناتك والانسباء وعموم الاقارب.. راجين لك الرحمة ولهم من بعدك طول البقاء وحسن العزاء.