بين الحين والآخر يكتب مقالًا هنا وتغريده هناك، أو يطلق تصريحًا ردا على أحد السياسيين الذين ينتقدون موقفًا ما لوليد جنبلاط، هذا حق من الطبيعي ان يكون تباين في الآراء والمواقف، لكن ان يحمل في طياته ابعادا مغرضة منها مذهبيه او سلوكيات بعيده عن النهج الوطني او التخوين، على سبيل المثال انتقاد الشيخ كمال الخطيب في حينه، وعزمي بشارة حين كان يعد مفكرا، هذا ليس انتقادا حضاريا انما عداء للشخص ويمكن أيضا لمناصريه، وليد جنبلاط زعيم لبناني وله نفوذ اقله عند مناصريه من دروز سوريا وفلسطين والأردن ، له مواقف وما يقال اتجاه بعض القضايا الشائكة والمصيرية في الشرق الأوسط، وأحيانا ينضم لتلك الانتقادات جوقة اخرى لكن بلحن آخر قسم من دروز بلادنا (عرب48) أشخاص يعتبرون انفسهم من “قادة” الطائفة، تهجمهم وعداؤهم له نزولا عند رغبة اسيادهم وكأنهم توقعوا منه ان تكون آرائه متطابقة ومؤيدة لحد بعيد مع إسرائيل الدولة المعادية والمحتلة لأراضي عربية! وقسم اخر تأخذه الوقاحة الى ابعد من ذلك وكأنه يتمنى ان تتماشى مواقفه مع حزب الليكود اليميني المتطرف في عدة قضايا دوليه!! هم ونحن نعلم انهم مجرد ابواق وكل سياستهم مبنية على خطأ.
وليد جنبلاط شخص له ثوابت ومبادئ تربى وسار عليها طيلة حياته وخلفها لأنجاله، الشرق الأوسط هو المصدر الاكبر للأخبار والاحداث العالمية مليء بالتغيرات السريعة المتقلبة، كل سياسي او قائد حكيم عليه ان يلائم نفسه لتلك المتغيرات الإقليمية ليتأقلم معها وان يبقى على الخطوط العريضة لسياستيه، ليجنب مناصريه قدر الإمكان دوامه العنف او المواجه التي يمكن تجنبها وتفاديها ان لم تكن تهدد كيان اتباعه.
على المتطاولين ان يتذكروا ان المعلم كمال جنبلاط هو شهيد القضية الفلسطينية ونجله الذي تابع المسيرة ما زال مخلصا لطريقه رغم ان الكثير من الدول العربية القوية وصاحبه النفوذ لم تعد تعني لها شيء هذه القضية سوى إعلاميا، قسم منها قام بتطبيع علاقات بلاده مع إسرائيل سرا وآخرين جهرا، لو أراد وليد جنبلاط ان يكون حليف لإسرائيل لكان منذ زمن ،كل الأبواب كانت مشرعه له ،بعد مقتل والده ، لكنه فضل ان يتحالف مع قاتل ابيه كما يعتقد ،وان يبقى خطابه عربيا ناصريا، ومحافظا على عهد ابيه ووصيته، قاوم إسرائيل وحلفائها اللبنانيين، سنه 1983 اسقط مع حلفائه نبيه بري وسمير فرنجيه وغيرهم من الزعماء الوطنيين اتفاق 17 أيار الذي ابرمه الرئيس السابق امين الجميل بغطاء ومباركه أمريكية الذي ينص على انهاء النزاع اللبناني الاسرائيلي والسلام بين الدولتين!.
أيضا قاد حرب تحرير الجبل من بطش الكتائب بعد ان انسحاب الجيش الإسرائيلي منه وتسليمه لحلفائه الذين ارتكبوا فيه مجازر عده، في القرى الدرزية وراح ضحية تلك الاعمال الإرهابية المئات من الشيوخ والنساء والأطفال، وعاثوا فيه دمارا وخراب حتى قبور الاولياء لم تنج من حقدهم.
لكن بعد ان وضعت الحرب اوزارها رغم جراح الجميع نادى بضرورة إحلال السلم الأهلي في الجبل ولبنان اجمع، عندما سنحت الظروف رعى المصالحة مع قداسه البطرك نصر الله صفير وحث بإصرار على عوده المهجرين الى قراهم في الجبل. عند أي منعطف خطير او عاصفه هوجاء كنت تهدد استقرار لبنان كان من اول الداعين الى طاولة الحوار مع جميع مركبات واطياف الدولة اللبنانية، وفي الكثير من المعضلات كان يتعالى ويتنازل عما يسمى حصة طائفته ليعبر الوطن تلك الازمة.. فيما يخص الشأن السوري ورغم اختلافه ومعارضته للنظام لكنه كان وما زال يصرح بأهمية وحده الأراضي السورية وعلى وحده الجيش كونه الركيزة الأساسية للحفاظ على الدولة ومؤسساتها، كونه من معارضي النظام هذا لا يعني قربه من إسرائيل وسياستها، يظن البعض ويتهمه الحاقدين انه في معارضته أصبح حليفا لإسرائيل، رغم بعده وعدائه للنظام السوري يبق أقرب منه الى إسرائيل فلا يتوهم أحد بغير ذلك.
كما هو معلوم انه قارئ بارع للأحداث العالمية والعربية، محلل فذ لانعكاس تلك الاحداث على لبنان والمنطقة يحاول التأثير على أصحاب القرار والزعماء العرب بتحليلاته العميقة ليتجنبوا قدر المستطاع الوقوع في مآزق تلك الاحداث.
اثبت وليد جنبلاط خلال سنين طوال انه من أبرز السياسيين في لبنان واستطاع بحنكته ان يكون بيضه القبان بين اقطاب السياسة في لبنان، له أصدقاء في معظم الدول العالم وبالأخص روسيا والدول الاشتراكية، هو ربان ماهر قاد مركبه بحكمه حين تعرض أكثر من مره وهو في عرض البحر لجو عاصف، صارع الأمواج والرياح حتى وصل الى شاطئ الأمان.
قبل ان تكيلوا له الاتهامات العشوائية من أي مزاود كان او كاتب طائفي يتهمه بين سطور كلماته بتخاذل نحو أي قضية عربيه، فما عليكم سوى قراءة سيرته الذاتية فما كتبت هو غيض من فيض من تاريخه المشرف.