الزراعة التقليدية البعلية للتبغ – من البذرة حتى تسويق الأوراق الجافة ـ بقلم سهيل مخول

 

المقدمة: كتبت في المقال السابق عن التبغ (الدخان) بشكل عام وعن اسباب انقطاع هذه الزراعة التي كانت مصدراً للرزق لأكثر من 1200 عائلة عربية غالبيتها في الجليل، بينما في جنوب لبنان مازالت هذه الزراعة قائمة على مساحة 50 الف دونم في الجنوب وفي البقاع اللبناني، زراعة التبغ مدعومة مالياً من قبل حكومة لبنان.

 تُستعمل أوراق التبغ للسجائر والغليون والنرجيلة. تُزرع بذور التبغ في لوحات البذر (مشاتل)  قبل أن تُنقل إلى الحقول. تحتاج كافة أنواع التبغ إلى نور الشمس (3 إلى 5 أشهر)والى درجات حرارة فوق 20 0م  وتختلف نوعية التبغ بحسب صنف التبغ، نوع التربة ،المناخ وطريقة التجفيف والتخزين.

زراعة بذور التبغ:  بذور التبغ صغيرة جداً، بحجم حبات الرمل الناعم، تستوجب تحضير التربة بشكل مناسب، يبدا تحضير المشاتل في نهاية فصل الصيف يتم حرق بقايا سيقان القمح (القصل) على تربة المشتل نتيجة الحرق المتواصل أصبحت تربة المشاتل سوداء، يضاف للتربة روث الحيوانات (الزبل)، وبعد المطر الاول يتم حرث أرض المشتل، تقسم قبيل الزرع الى أحواض (مساطب) عرضها متر واحد تقريباً وتترك ممرات بين الأحواض، تكون الأحواض مرتفعة قليلاً عن الممرات لتصريف مياه الامطار الزائدة.

في نهاية كانون الأول ومطلع كانون الثاني تتم تسوية تربة المشاتل بالمجرفة (المشط) ثم يحضر خليط من بذور التبغ مع الرماد الذي تم جمعه من المواقد. ( لكي يضمن توزيع البذور بشكل غير كثيف وتظهر بشكل واضح ما قد زرع، ثم تنثر على المشاتل حتى تتم تغطية المشاتل باللون الرمادي – لون الرماد) . حتى سنوات الخمسينات من القرن الماضي كانت تغطى المشاتل بأغصان البلان اما بعد ذلك فقط استبدلت “بالنايلون” الشفاف. المشاتل تحتاج الى عناية مستمرة (الري، قلع الاعشاب البرية، التسميد ورش مبيدات الامراض والحشرات). عندما يصل طول الاشتال 15-25 سم تصبح جاهزة لكي تقلع وتنقل للحقل في مطلع شهر نيسان.

غرس الأشتال في الحقل:

 في نهاية الصيف يتم اخراج روث الحيوانات من الحضيرة، وعلى الغالب روث (زبل) الماعز واضافوه لحقولهم، يتم حرث الحقول عدة مرات قبل غرس اشتال التبغ وذلك لتخزن أكبر كمية ممكنه من مياه الامطار وللتخلص من الأعشاب البرية. الحرث الاول يكون عبارة عن شق الارض لتستوعب أكبر كمية من الأمطار، الحرث الثاني يكون لقلع الاعشاب، بعد هذه الحرثة لا تظهر الاتلام. يوم قبل نقل الاشتال للحقل تحرث الارض ثم تُقطع الى اتلام. تقلع الاشتال وتوضع في صناديق وتنقل لغرسها في الحقل. يحتاج غرس الاشتال الى ثلاثة عمال أحدهما ينقل الاشتال والماء وعلى الغلب يقوم بهذا الدور طفل، الثاني يعمل وهو منحني ويمشي الى الخلف يحمل النصية  في يده اليسرى تحتوي النُصية (حجمه تقريباُ 10 لتر وتصنع من التنك)  على الماء لتكوين الحفرة ولري الاشتال بعد غرسها والعاتول بواسطته يعمل الحفرة لغرس الشتلة . اما الثالث على الغالب تكون فتاة تحمل رزمة الاشتال في يدها اليسرى، اما يدها اليمنى تنقل الاشتال الى الحفر وتقوم بتغطيتها بالتراب.

قطف أوراق التبغ وتجفيفها وتحضيرها للبيع: يتم نمو أشتال التبغ تدريجياً، عند بداية اصفرار الأوراق السفلية 2-3 ورقات من كل شتلة يتم قطفهم، هذه القطفة الأولى “تكعيبة” وبعد اسبوعين تقريباً يتم قطف الاوراق التالية ” فحلة أولى” ثم القطفة الثالثة ” فحلة ثانية” اما القطفة الاخيرة فتكون في نهاية شهر آب وهي “الطربونة” يتم قطف الأوراق في ساعات الصباح الباكر وعلى الغالب قَبل شروق الشمس. تجلب الاوراق للمنزل او بجواره، تجتمع العائلة لشك الاوراق في “الميبر” (يشبه المسلة- الابرة  طوله 20-40 سم) ومنه يتم تفريغ الاوراق الى خيط طوله 1.5 – 2.20 متر.  تعلق الخيطان على منصات خاصة حتى تجف ويصبح لونها بني يميل للأصفر. يتم جمع  4-6  خيطان بمجموعة واحدة “كبش” وتعلق عدة ايام في الشمس ثم تنقل الى المخزن وبعدة مدة يتم فتحها ووضع الخيوط والاوراق في “القالب” صندوق خشبي خاص لتحضير رزم (بالات) التبغ لتسويقها.

 unnamed unnamed الطربونة تجفيف التبغ

تعليق واحد

  1. أشكر موقع الوديان لتغطية ما أكتبه وأخص بالذكر السيد مفيد مهنا ، آمل أن تساهم هذه المقالات في شحن ذاكرتنا لمعانات المزارع العربي من الظلم الذي طاله من سياسة وزارة الزراعة ومن إجحاف شركات السجائر
    توجه الي العديد من قراء الموقع للسؤال عن جودة التبغ وتأثير موقع الاوراقعلى نبتة التبغ .
    كتبت في المقال مايلي بأنه تختلف نوعية التبغ بحسب صنف التبغ، نوع التربة ،المناخ وطريقة التجفيف والتخزين.
    أضيف هنا بان السجائر المصنعة من أوراق القطفة الاولى التكعيبة خفيفة حسب التعبير الدارج ، أما القطفة الثانية والثالثة (الفحلة) تكون سجائرها حادة أكثر (حامية) أما القطفة الاخيرة الطربونة فهي على الغالب أقل جودة.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .