ماذا تريـدون أيضـًا أيـها العربُ ألا تـرون بـلادًا مـلـؤها الـنُّـوَبُ
ألا تـرون َضَـياعًا قـاتلًا جـاثمًـا على القـلوب ومنه الناس تنتحبُ
ألا تـرون بـنـات الـدهـر محدقةً بـكـم بـشـبّانـكـم كـأنّـهـم حـطبُ
خـيـرَ الشباب خسرتم دونما سببٍ فـي كل يومٍ دما الشبان تنسكبُ
حتّى الصـبـايـا تـولى الوأد مقتلها ألـم يُحَـرَّمْ وأدُ البنت يا كـتبُ؟
وكم تفشّى سـلاح الـغـدر في يدكم ومنه طار رصاص الغدر يلتهبُ
فيما مضى كنتمُ الأفعال في الوطن أصبحتم اليوم مفعولًا به النَصَبُ
فيما مضى كـنـتـمُ الرُّبّان وجهها سفينةَ العصر وهي اليوم تنقلبُ
ماذا دهـاكـم فـقـدتـم كـل مكرمـةٍ أخطأتمُ الفكر والأعصاب ترتعبُ
ألـم يـَجِـئْ منكمُ الإبداع معرفـةً سالت مدادًا لأقلام الهدى تهبُ؟
ألـم تـقـم فـيـكـمُ روحٌ مـبـاركـةٌ غذّت حضارتها أقلام من كتبوا؟
ألم تصيغوا لأفلاك السما صُوَرًا ما غاب نيزكها عنها ولا الشهبُ؟
ألـم تـُداووا بـأدواءٍ مـركـّبـةٍ ألم يُحَقَقْ بأعشاب الفلا الأربُ؟
ألم تحلُّوا بعلمٍ صعب معضـلةٍ عن غيركم من شعوب الأرض يحتجبُ؟
ألم تقيموا علومًا ذات فلـسـفةٍ ألم تجودوا بأغلى ما آحتوى الأدبُ؟
أما جعلتم كلامًا صان صنعتَه أصحابُه ما علاهُ اللحن والعطبُ؟
تـقـوم فـيه صفاتٌ ليس يتقنُها إلّا الجهابذ والأعلام والنخبُ؟
أما أخذتم من الإغريق ما علموا والهند والصين والساسان ما جلبوا؟
أصلحتموها وزدتم من قريحتكم حتى آستحالت بساطًا دونه السُحُبُ؟
كان الذي يبتغي في العلم معرفةً يسعى إليكم بجهد ليس يضطربُ
كان الذي عنده في الأرض موهبةٌ يرنو إليكم لكي ترقى به اللبَبُ
كـنـتـم عـمـاد بـلاد الله قـاطبةً واليوم أصبحتمُ عُدْمًا ولا عجبُ
صار آسم كل من آستبقى عروبَتَه بالدون مقترنًا للنقص يصطحبُ
ماذا دهاكم أليس الوضع مضطربًا كـعـزة الـنـفـس فـيـكـم حـالـها خَرِبُ؟
مـاذا فـعـلتم لوقف النزف من كبدٍ مـثـيـلـه قـلَّ مـهـما مرَّتِ الحِقَبُ؟
فـإنـّكـم يـا بـنـي قـومي لمفخرةٌ على الزمان…إذا ما الروح تنتصبُ
فآستحضروا العزَّمن دهرأتى ومضى وآستنشطوا عصبًا ما مثله عصبُ
فما لكم غير ذاتٍ كي تقوم بكم من ذاتـكـم أنـتـمُ أهلٌ ولا غُرُبُ
فليس في الشرق من يختار رفعتكم ولا ينام على خيرٍ لكم غُرُبُ
فَلْتُرفَعِ النفسُ من همٍّ ألمَّ بها ولْتُصْقَلِ الروح صقلًا ما به الشؤُبُ
ولْيَنفُضِ الجسمُ ما عاث الغبارُ به مُجابِهًا رأي مَن كَلُّوا ومن عَتِبوا
كي يعلم العالم ” العالي ” برمَّته أنَّ الـمـعـادن فينا جُلُّها الذهبُ
وأننا سوف نجني نصرنا بغدٍ ولْينظُرِ الكلُّ أصداهُ ويرتقبوا!
# (استاذ الرِّياضيَّات وعلم الفيزياء في الكليَّة الأرثوذكسيَّة العربيَّة-حيفا)