هي زيتونة رومية شامية، ووردة نبتت وبسقت وفاح أريجها في رياض الشعر والإبداع، ودالية تعربشت على صدر القصيدة، يسكنها الوطن وتسكنه، وتعيش همومه وأوجاعه وآلامه. إنها شاعرة الإحساس والجمال والرقة، ابنة جبل العرب السويداء، الصديقة الشاعرة شاديا عريج، التي تطل علينا بين فينة وأخرى وتتحفنا بنص شعري أو نثري يحمل في ثناياه الصدق الفني الجمالي، صدق الحاسة والإحساس، والأناقة التعبيرية والانسيابية المتدفقة التي تلامس المشاعر وتعانق القلب والروح معًا.
وقد تسنى لي قبل أيام قراءة ما جادت بها قريحتها من ديوانها ” لغة الروح “، وهي قصيدة تحمل عنوان ” أنا سورية ” تعبّر فيها عن حبها وعشقها لموطنها السوري، وعن اعتزازها بانتمائها لهذا البلد الجريح المخضب بالدماء، الذي عاثت فيه قوى الظلام والارهاب فسادًا وخرابًا، وواجه المؤامرة بكل قوة، وانتصر في المعركة وبقي أسده في عرينه.
وبكل الشفافية والرهافة والتجلي، وبأسلوبها البسيط المشوق الممتع الجذاب والعذب، الذي عودتنا عليه في كل نصوصها، تقول شاديا: . أنا سورية.
أنا من ضمت أحبابي
إلى صدري
وناديت عليهم
لا تشعلوه
أنا التي أستريح
إذا غفوا
تحت الجناح
والجفن أسدلوه
أنا السَّماء الَّتي
لا يغيب بها غمام
أنا نبضة
من نبضات
هذا الزمان
أنا غصن زيتون
وردة في بستان
أنا قصيدة
بين الحرف والحرف
لي عنوان
أنا زهور الشّرفة
لا تقسوا عليَّ
أنا العشب الذي
يغطي ثراكم
حضن دافئ
وكل شيء
ولو علمتم إنِّي
أرنو اليكم مؤرقة
لجئتم وقبلتم يديَّ.
أنا سورية.
فلا تقسوا عليَّ.
وهذه القصيدة تعكس طاقة انفعالية وطنية داخلية لدى شاديا، مصدرها عشق الوطن وترابه، وفيها الكثير من المعاني والألفاظ الدالة على هذا العشق السماوي السرمدي، وتظهر الأثر الانفعالي الوجداني لموقفها وإحساسها الشعوري وخيالها المحلّق، وكل لفظة ساقتها لها مخزون نفسي وعاطفي، وللكلمة في نصها وقع في نفس القارئ والمتلقي، باستنادها إلى تعابير إيحائية لا تتوفر إلا لشاعرة موهوبة ومبدعة.
وإذا كانت العاطفة أحد عناصر النص الأدبي، فقد انطلقت في قصيدتها من تجربة شعرية خصبة، تحمل في طياتها العواطف الجياشة، والروح الوطنية الوثابة المتوهجة بكل معناها، التي تبرز بشكل واضح في سطور نصها، من خلال الصدق الشفيف، الجمالي والتعبيري، ومفرداتها ذات الرونق الخاص، المعبرة والمؤثرة.
فللصديقة الشاعرة شاديا عريج خالص التحيات، وتمنياتي لها بالمزيد من العطاء والتألق الدائم.