وقفات على مفارقنا مع محاكمات التواصل – سعيد نفاع

 

وقفات على مفارقنا مع محاكمات التواصل

الوقفة الأولى… المحاكمة

نهاية الأسبوع الفائت بحثت المحكمة العليا استئناف الموقع أدناه على قرار المركزية في الناصرة والتي كانت فرضت عليه حكما بالسجن الفعلي سنة ونصف (نصف سنة على مساعدة وفد المشايخ وسنة على التقائه شخصيّة معادية ونصف سنة إضافية “حسن سلوك” عشان يبطل يتهامل !).

المطروح أمام المحاكمة هو كثيرا أبعد من كونه قضيّة شخصيّة ولا أقصد في هذا السياق مشروع التواصل، بمعنى أن القضايا المطروحة قانونيّا لم تُبحث سابقا في المحاكم وأي قرار فيها سيكون له وقع القانون أي سيشكّل سابقة قضائيّة.

هذه السابقة ستطال كل أعضاء الكنيست عربا ويهودا، ستطال حدود حصانتهم في كل ما يتعلق بحقهم في مغادرة الدولة وإلى أين شاءوا دون أن يكونوا خاضعين لترخيص من السلطة التنفيذيّة والتي هم أعلى منها قانونا، كذلك حول المدى المتاح لهم لخدمة ناخبيهم وهل تحقيق حقهم الإنساني كما في سياقنا وحقهم المذهبيّ جزء من مهام عضو البرلمان. وفي شقها الثاني ستطال السابقة كل مواطن وكذلك أعضاء الكنيست حول كل تواصل مع أية شخصيّة تعتبرها إسرائيل معادية وما هي حدود هذا التواصل خصوصا إذا كان التواصل سياسيّا أو إنسانيّا، فكل أبناء شعبنا لهم أقارب معتبرين معادين للدولة وحسب قرار المركزيّة وأبعاده فحتى مثل هكذا تواصل يمكن أن يكون جريمة.

هذا هو البعد في المحاكمة وإسقاطاته علينا كعرب قيادات وجماهير.

 

الوقفة الثانية… الوفاء

الجرائم لا عدّ لها ولا حصر وتختلف الواحدة عن الأخرى في الكثير من التفاصيل، ولكن القاسم المشترك فيها هو أن هنالك فاعلا وضحيّة ونتائج ضارّة، والنتائج الضارة عادة محصورة ومحدّدة ويمكن وقفها عند حدّ، اللهم إلا في جريمتين الفاعل فيهما فقط هو المحصور والمعروف لكن الضحيّة والنتائج لا يمكن حصرهما لا زمنا ولا كمّا، ويبقى الفاعل خارج دائرة العقاب الوضعيّ على الأقل.

في الجرائم الأولى يًحاكم المرتكب يُعدم أو يُسجن ويُرفع الضرر، وأمّا في الثانية فلا يُحاكم المرتكب ولا حدود لا لضحايا جريمته ولا للضرر وهما “الكذب” “والعقوق والجحود – انعدام الوفاء”. فالكاذب مجرم لا حدود للضرر الذي يسببه كذبه ففيه يكمن تسبب بالقتل وخراب البيوت لا بل خراب الأوطان وقس على ذلك، وعادة يبقى خارج العقاب. كذا هو العاق بوالديه والجاحد لمعروف استفاد منه، اللهم إلا للمؤمنين من القراء فلهذا عقاب سماويّ لا يُقاس به أي عقاب وضعيّ، إذ أنه وانطلاقا من الضرر غير المحدود اعتبرت هذه الجرائم في أدنى سلّم الجرائم لما فيها من انحدار تحت الحدّ تحت الحد الأدنى في الأخلاقيّات كذلك.

لم يكن الصدق يوما ولا الوفاء، لا في عمامة ولا في عباءة ولا في ربطة عنق، ولا في “بسطار” عامل أو فلاح كذلك، موطنه شيء غير معرّف اسمه ضمير، وفي نظر البعض الضمير هو الله.

الوقفة الثالثة… التضامن

“لا تكرهوا أمرا لعلّه خيرا”، و- “يأتيك بالأخبار من لم تزوّد”، مقولتان كانتا ماثلتين في المحاكمات، فالأولى كما الثانية زوّدانا بالخير. فقد صفّ من هم على شكل بعضهم وإن اختلفت المنطلقات في نفس الصف، متضامنون من ناحية يجمعهم الحس الوطنيّ لأن الوطنيّة إنسانيّة، ومقاطعون من الأخرى يجمعهم كذلك الحس الوطنيّ ولكن المتدني من ناحية وغير الإنساني من الأخرى.

الوقفة الرابعة… الوطنيّة

قال أحد الناس البسطاء ، وعلى ذمته، أنه رأى الوطنيّة تبكي وعندما أراد تجفيف دموعها رفضت.

سعيد نفاع

أواخر أيار 2015

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .