أمير مخول
ما كان ينبغي من أحد أن يتفاجأ من العدوان الإسرائيلي الاجرامي على غزة واستهداف قيادات كتائب القدس والناس. لم تكن الحشودات العسكرية على حدود غزة وإغلاق المنطقة الجنوبية بكل مستوطناتها واستدعاء الاحتياط العسكري، سلوكا دفاعيا او تحسّباً من رد الجهاد الإسلامي على عملية مخيم جنين الأخيرة واعتقال الشيخ بسام السعدي والسعي لأهانته وإهانة فصيله وإهانة شعبه، بل أن الاعتقال جاء ضمن الاستعداد لعدوان جديد له اهداف استراتيجية حتى ولو كان بحدّ ذاته محدود النطاق.
للأسف لم تُقرأ التحركات الإسرائيلية بشكل صحيح، وكان عدم المبالاة بما يبثّه إعلامها المجنّد بشأن حالة الهلع وبثّ روح الإخفاق، بينما الامر الحاسم هو ليس صوت إسرائيل بل أذرعها العسكرية والأمنية التي تحشد قواتها، لتؤكد أن عملية مخيم جنين هي جزء تمهيدي للتصعيد العدواني. حتى وإن كنا نشهد حالة هلع إسرائيلي، فإن مثل هذه الحالة مع دولة تملك ترسانة عسكرية هائلة قد تكون مدعاة لعدوان استباقي وليس بالضرورة أن نشهد الانكفاء.
لن يكون صحيحاً ربط العدوان بالحالة السياسية الصهيونية الداخلية وبانتخابات الكنيست، بل إنه يتماشى تماما مع عقيدة العدوان المتجذّرة وهو مخطط دولة يحظى بالإجماع وليس رئيس حكومة فحسب. هناك تحوّل هام في الاستراتيجية الإسرائيلية الإقليمية وليس فقط على الساحة الفلسطينية، وهو اعترافها ضمنياً بأنه لن يكون حلفاؤها من الأنظمة العربية على استعداد لخوض حروب إسرائيل. وهذا تحوّل جوهري.
تتحدّث الاستراتيجية الحالية عن أولوية “حرب البروكسي” كما حدّدها أيال زمير المرشح من ضمن اثنين لقيادة الأركان العامة، والقاضية بتعريف إسرائيل أن عدوها الأساسي في المنطقة هو ايران، بينما المعركة معها لا تتوقف الى أن تحقق هدفها وهو إعادة نفوذ ايران الى حدودها الإقليمية وعليه السعي للقضاء على كل أذرعها في المنطقة كأولوية، وعليه فالجهاد الإسلامي هو اول المرشحين فلسطينيا بالإضافة حلفاء ايران في لبنان والعراق واليمن.
يبدو أن الحديث عن إرجاء تشغيل منشأة كاريش للغاز الطبيعي المتنازع عليه مع لبنان، يندرج في هذا السياق.
بالرغم من كلّ ما ذكر، فإنه لا يعني أن العدوان الحالي سيحقق أهدافه، بل ما نشهده بالصورة الواسعة وعلى الأقل في العامين الأخيرين هو إخفاقات استراتيجية للعدوانية الإسرائيلية. شعب فلسطين ليس لقمة سائغة بل هو اللاعب الأهم الذي لا يمكن هزيمته.