يعد نظام الانتخاب في الولايات المتحدة الأمريكية نظاماً فريداً من نوعه، بخلاف ما يعتقده كثيرون بأن الناخبين الأمريكيين يقومون بانتخاب رئيسهم مباشرة، فإن كلمة الحسم ترجع للمجمع الانتخابي الذي يتكون من 538 مندوباً.
حين يتوجه الناخب الأمريكي في الثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد أو رئيسة جديدة للولايات المتحدة الأمريكية، فإنه عملياً لا يختار رئيسه مباشرة، بل يمنح صوته لأحد المندوبين في الولاية التي يصوت فيها، وذلك لأن نظام انتخابات الرئاسة الأمريكية يعتمد على ما يدعى بالمجمع الانتخابي Electoral College.
أصوات العاصمة واشنطن لا تُحتسب
ولدخول البيت الأبيض يحتاج المرشحان للرئاسة الأمريكية إلى 270 صوتاً -أي النصف زائد واحد- على الأقل من مجمل أصوات أعضاء “المجمع الانتخابي” البالغ عددهم 538 مندوباً، أي ما يوازي عدد أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الأمريكي. ولكل ولاية أمريكية عدد معين من الأصوات داخل هذا المجمع بحسب عدد سكانها وعدد النواب الذين يمثلونها في الكونغرس الأمريكي.
تجدر الإشارة هنا إلى أن ولاية كاليفورنيا، أكبر الولايات الأمريكية من حيث عدد السكان، لها 55 صوتاً في المجمع، في حين تبلغ عدد أصوات فلوريدا 27 صوتاً، بينما تملك ولاية داكوتا الشمالية ثلاثة أصوات فقط.
وفي المقابل لا تحتسب أصوات الناخبين المقيمين في العاصمة الأمريكية واشنطن. في هذا السياق تقول دونيتا دافيدسون وهي مساعدة سابقة في اللجنة المساعدة للانتخابات الأمريكية: “العاصمة واشنطن ليست ممثلة في الكونغرس الأمريكي، رغم أن سكانها من دافعي الضرائب مثلهم مثل باقي المواطنين الأمريكيين. لست أدري ماذا كان الآباء الأوائل يقصدون بذلك”.
وتضيف دافيدسون في السياق ذاته قائلة: “ربما كانوا يعتقدون أن العاصمة واشنطن سوف تكون مجرد مقر للحكومة الأمريكية وأجهزتها، فيما يدلي كل المواطنين بأصواتهم في الولايات التي ينحدرون منها”. وباءت حتى الآن كل المحاولات بالفشل لسن قانون يمنح العاصمة واشنطن صوتاً داخل المجمع الانتخابي.
الحصول على أكبر عدد من أصوات الناخبين لا يضمن الفوز
وباستثناء ولايتي نيبراسكا وماين، اللتين تطبقان نظاماً نسبياً، تسري قاعدة ثابتة طبقاً للنظام الانتخابي الأمريكي: من يحصل على أغلبية أصوات الناخبين في إحدى الولايات، يحصل على جميع أصوات أعضاء المجمع الانتخابي الممثلين لهذه الولاية. فمجرد حصول أحد المرشحين على أغلبية بسيطة في ولاية كاليفورنيا على سبيل المثل، يفوز المرشح الانتخابي بعدها بجميع أصوات المجمع الانتخابي للولاية البالغ عددها 55 صوتاً.
ورغم ذلك تؤكد دافيدسون من ناحيتها أن “أغلبية أصوات الناخبين الأمريكيين من شأنها أن تحسم نتائج الانتخابات”. بيد أن التجربة تظهر أنه في بعض الانتخابات التي يحصل فيها كلا المرشحين على نتائج متقاربة، يمكن أن يخفق أحدهم في الفوز بالانتخابات رغم فوزه بأغلبية أصوات الناخبين الأمريكيين، وذلك في حال نجح أحد المتنافسين في الفوز بأغلبية أصوات أعضاء المجمع الانتخابي.
وفي انتخابات عام 2000، فاز جورج بوش الابن بالانتخابات آنذاك على الرغم من أنه حصل على أصوات أقل من منافسه الديمقراطي آل غور بفارق 540 ألف صوت وذلك لأن بوش حصل على أغلبية أصوات المجمع الانتخابي (271 صوتاً) ليصبح رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية.
تنظيم الدوائر الانتخابية
تتولى كل ولاية أمريكية المسؤولية التنظيمية لضمان سير عملية الانتخاب. فكل ولاية تعين مدير انتخابات تسند إليه المسؤولية الأخيرة فيما يتعلق بفرز الأصوات. أما مهمة تنظيم الانتخابات فهي مسؤولية منوطة بالدوائر الانتخابية لكل ولاية حيث تحدد ضوابط الاقتراع وتحدد موعد بدء التصويت المبكر، فضلاً عن تقريرها لكل ما يتعلق بكيفية الاقتراع (الاقتراع عن طريق التصويت الالكتروني أو بأوراق الاقتراع العادية) بما في ذلك تحديد أوقات فتح مراكز التصويت وإقفالها.
كما تتحمل الولايات الأمريكية معظم التكاليف الإدارية المتعلقة بهذه الانتخابات ولا تحصل إلا على دعم ضئيل من الحكومة المركزية حسب ما ذكرته دافيدسون، التي تقول في هذا الإطار: “الولايات والدوائر الانتخابية والمدن هي التي تتحمل عبء تمويل الانتخابات، إنها في نهاية المطاف أموال دافعي الضرائب التي ستدفع”. علما أن هذه الانتخابات تكلف بعض الدوائر الانتخابية ملايين الدولارات.
وتحاول الدوائر الانتخابية اتخاذ كافة التدابير اللازمة لضمان النظام والهدوء والانسيابية في عملية التصويت، وذلك من خلال تجنيد مزيد من المتطوعين وتنظيم اللوائح الانتخابية. ولجأت مناطق عديدة إلى اعتماد آلات تقوم بفرز الأصوات، يمكن إعادة إحصائها إذا ما أثيرت شكوك حول صحة نتائجها.
كريستينا بيرغمان/ ط.أ