أحد الاحتفالات في كردستان العراق ..رويترز
الولايات المتحدة ومصالحها النفطية والاستراتيجية هي الأساس
محاربة داعش بدعم أمريكي وأوروبي كان لاستبدال جسم زرعته فتمرد عليها لأجسام تصبو إلى مستقبل أفضل، الولايات المتحدة دعمت وتدعم البشمركة في العراق لأن هؤلاء يسيطرون على أكبر مصادر البترول في العراق وكذلك الأمر في سوريا فدعم الولايات المتحدة لوحدات حماية الشعب ولقسد ( قوات سوريا الديموقراطية) بعد ٢٠١٥ ما هو إِلَّا ابتغاء لسيطرة أمريكية على المناطق الكردية الغنية بالنفط ومعادن ثمينة أخرى.
صحيح أنّ هناك تناقض بين قيام كيان مستقل للأكراد في شمال سوريا ومصالح تركيا التي تريد منع قيام جسم كهذا على حدودها لاعتقادها أنّ ذلك يزيد من قوة حزب العمال الكردستاني الذي يطالب باستقلال كردستان والذي يقبع زعيمه عبدالله أوجلان في سجون أردوغان، لكن الولايات المتحدة ومن أجل مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية بإمكانها الضغط على تركيا لقبول حكم ذاتي كردي في شمال سوريا وأن تتوقف كلياً عن التدخل في شؤون كردستان العراق وأن توقف تعدياتها على المناطق الكردية.
إنّ الشعبين السوري والعراقي يرفضان رفضاً باتاً التدخل الأمريكي في شؤونهم الداخلية ويطالبان بانسحاب القوات الأمريكية من العراق وما تبقى من القوات الأمريكية في سوريا لأنّها دخلت الأراضي السورية دون إذن من الحكومة السورية.
أمّا اسرائيل فقد دخلت على الخط الكردي كجزء من سياستها الرامية إلى تجزئة الدول المجاورة على أساس فرق تسد ولتبرير وجودها كدولة يهودية في شرقنا. إنّ تجاوب بعض الأحزاب الكردية مع الإغراءات الصهيونية هو جزء من تجاوب الرجعية العربية مع المشاريع الصهيونية.
واذا عدنا تاريخياً الى الأكراد بعد الحرب العالمية الأولى نجد أنّ أول أمل للأكراد في دولة مستقلة على كل أراضي كردستان كان في معاهدة سيڤر عام ١٩٢٠ التي وقعت بين الحلفاء والدولة التركية بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية التي كانت حليفة لألمانيا ودول المركز فقد كانت معظم أراضي كردستان تحت الحكم العثماني.
وكان الحلفاء قد وعدوا الأكراد بدولة مستقلة على مبدأ حق تقرير المصير الذي وضعه ويلسون في نقاطه الأربع عشر. لكنّ الحلفاء أخلفوا وعدهم مع توقيعهم لمعاهدة لوزان ١٩٢٣ مع مصطفى كمال اتاتورك اذ ضمّت تركيا معظم أراضي كردستان وكان فيها أكثر من ٥٥ بالمائة من الأكراد في العالم، أمّا البقية فقد قسمت إلى ثلاث دول أخرى وهي سوريا والعراق وإيران، ويعيش في إيران ١٨ بالمائة من الأكراد ١٥ بالمائة في العراق و٦بالمائة في سوريا.
الأكراد في تركيا:
بعد لوزان قام الشيخ محمود الحفيد بإعلان دولة كردية مستقلة لكن الحكم التركي قضى على هذه المحاولة بالقوة .
لم يتنكر اتاتورك للأكراد فقط بل قام بمذابح منها قضاؤه على ثورة سعيد بيران عام ١٩٢٥ وإعدامه، وقضاؤه على ثورة إحسان نوري باشا التي استمرت من ١٩٢٦ حتى العام ١٩٣٠، كذلك قضاؤه على ثورة سيد رضا التي دامت حتى العام ١٩٣٨ فقد استعمل أتاتورك الطائرات والدبابات ووصل عدد القتلى من الكرد ٧٠ ألف كردي علوي وتشريد مئات الآلاف من الأكراد.
في العام ١٩٧٨ أسّس عبدالله أوجلان حزب العمال الكردستاني وطالب بالاستقلال عن تركيا ، وحزبه حزب يساري نادى بتأسيس دولة مستقلة على مبدأ الماركسية اللينينية.
بدأ الحزب نشاطاً عسكرياً عام ١٩٨٤، تخلله عدة محاولات للسلام مع الحكومة التركية منها محاولات عام ١٩٩٤ وعام ١٩٩٨، في ذات الفترة انتقل أوجلان من سوريا حيث كان منفياً إلى روسيا ثمّ إلى أيطاليا فاليونان ثمّ وصل إلى السفارة اليونانية في نيروبي حيث اعتقل وأُرسل إلى تركيا عام ١٩٩٩ وحوكم بتهمة الخيانة العظمى وقدحُكم عليه بالإعدام في العام ٢٠٠٢ وحوِّل إلى السجن المؤبد لأن حكم الإعدام أُلغي في تركيا، ولا يزال في السجن والتفاوض معه يتم في السجن.
في العام ٢٠١٩ سُمح لمحاميَين من محاميه بزيارته وناشد أوجلان آلاف السجناء الأكراد بإيقاف إضرابهم عن الطعام الذي قاموا به بسبب ظروف سجن أوجلان، وكان أوجلان في وقت سابق ناشد الأكراد في تركيا بوقف الكفاح المسلح، ونُقل عنه انه دعا قسد في سوريا إلى ايجاد حلول أخرى غير الصراع في نضالهم في سوريا.
الأكراد في العراق:
كانت أول محاولة لتأسيس دولة كردية في العراق في انتفاضة السليمانية أيار- حزيران ١٩١٩، وتزعم هذه الانتفاضة الشيخ محمود البرزنجي إِلَّا أنّ الاحتلال الانجليزي أخمدها.
في ٢٣ آب ١٩٢١ تمّ تتويج فيصل ملكاً على العراق، لكنّ هذه المملكة كانت خاضعة لبريطانيا.
في العام ١٩٢٢ عاد الشيخ محمود البرزنجي من المنفى وقاد انتفاضة جديدة وحرّر كافة المناطق الكرديّة الجبلية من سيطرة المحتلين، لكنّ هذه المحاولة أُخمدت بأعمال قمع قاسية. لكنّ انتفاضة عشائر كردستان استمرت حتى العام ١٩٢٦.
في ١٩٢٦ حسمت بريطانيا الخلاف بين تركيا والعراق حول الموصل وضُمّ نهائياً للعراق، وقد حاولت بريطانيا تأجيج الحزازيات بين العرب والأكراد في الإقليم الغني بالنفط .
بين عامي ١٩٣٠ و١٩٣٢ اجتاحت الانتفاضة الشعبية كردستان وكان أوسعها في منطقة قبيلة بارزان وتزعّم هذه الانتفاضات أحمد ومصطفى البرزاني.
في العام ١٩٣٥اندلعت انتفاضة قام بها أكراد العمادية والسليمانية والأكراد اليزيديون في جبل سنجار.
إبان الحرب العالمية الثانية كانت حالة الكرد يرثى لها، ففي بداية الحرب تقلَصت لدرجة كبيرة المخصصات الحكومية لتطوير الألوية الكردية وللإجراءات الاجتماعية والثقافية. وقد انعدم التزويد المركزي للمناطق الشمالية بالأغذية والسلع الضرورية ، وتفشّى الفقر والجوع والأمراض بين الشغيلة الأكراد، واستخدمت السلطة القوة لقمع أي تعبير عن الاستنكار والتذمر.
في ١٩٤٣ انتفض البرزانيون الذين بلغ بهم اليأس أشده فعادوا إلى ديارهم(١٩٣٢طُرد أفراد القبيلة من ديارهم وأزيحوا إلى أراضي السليمانية القليلة الخصوبة)، وجردوا مراكز الشرطة من السلاح واستولوا على مستودعات الأغذية الحكومية.
وانتهت بالفشل الذريع الحملة التنكيلية التي جهزتها حكومة نوري السعيد ضد الثوار في آلعام ١٩٤٣،واضطرت الحكومة إلى الدخول في مفاوضات مع الأكراد في مستهل عام ١٩٤٤.
في السابع من آب ١٩٤٥ استأنفت الحكومة العراقية عملياتها الحربية فاستعملت سلاح الجو ضد الثوار، واستطاع زعيم قبيلة بارزان مصطفى البرزاني أن يواجه هذا الجيش بفصائل غير نظامية سلاحها الوحيد البنادق وعدد ضئيل من الرشّاشات. ولَم يغيّر سير العمليات الحربية إِلَّا تدخل سلاح الجو البريطاني وعندها اضطر الثوار إلى وقف المقاومة المنظمة.
في العام ١٩٤٦ أي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، أسس مصطفى البرزاني ” الحزب الديموقراطي الكردستاني” وقد بدأ نشاطه سرّاً، وكان هذا الحزب يدافع بصورة رئيسية عن مصالح البرجوازية الوطنية الكردية، ولكنّه كان يضم أيضاً ممثلي الشغيلة والمثقفين بل وحتى الإقطاعيين وزعماء القبائل الكردية.
الأكراد بعد ثورة ١٩٥٨:
بعد ثورة تموز في العراق ووصول عبد الكريم قاسم كرئيس للجمهورية العراقية أطلق سراح المعتقلين وأعلن العفو عن المساهمين في الانتفاضة التحررية الكردية لأعوام ١٩٤٣-١٩٤٥، وتهيّأت للوطنيين الأكراد إمكانية العودة إلى الوطن. في السنتين الأوليين من حكمه التزم عبد الكريم بالديموقراطية، فالدستور المؤقت الصادر في ٢٧ يوليو ١٩٥٨ نصّ على مساواة العرب والأكراد وأعلن عن تحقيق الأماني القومية للشعب الكردي في إطار الجمهورية العراقية. واعتبرت خطب قاسم وحدة العرب والأكراد حجر الزاوية للدولة العربية الكردية واعتبرت تلبية مطالب الأكراد القومية واحدة من المسائل الرئيسية في البلاد. وساهم السكان الأكراد مساهمة نشطة في بناء المجتمع العراقي الجديد. وأُشرك ممثلو الشعب الكردي في الهيئات الإدارية لألوية الموصل وكركوك وأربيل والسليمانية، ودخل الحكومة المركزية وزراء أكراد.
وتهيأت للأطفال والشابات والشبان الأكراد إمكانية التعليم بلغتهم الأم، وفِي أيلول ١٩٥٨ تشكلت مديرية خاصة لدى وزارة التربية والتعليم لتطوير التعليم في المناطق الكردية، وأخذت الصحف والمجلات والكتب تصدر باللغة الكردية. وخرج إلى العمل العلني اتحاد الشبيبة الديموقراطي الكردستاني واتحاد طلبة كردستان
في كانون الأول ١٩٥٨بعد انضمام الحزب الديموقراطي الكردستاني إلى جبهة الإتحاد الوطني، ايّد الحزب حكومة قاسم تأييداً تاماً وأمل الشعب الكردي ان يحصل على الحكم الذاتي في إطار الجمهورية العراقية بعد انتهاء الفترة الانتقالية.
بعد مرور سنتين على نجاح الثورة حدث تحول في التعامل مع الأكراد والقضية الكردية. فمنذ ١٩٦٠ أخذت الصحافة الرجعية العراقية بتغاضٍ من السلطات وبتأييد من صحافة وإذاعات الدول الإمبريالية تسعر العداء بين العرب والأكراد وتشدّد التهجمات على الحزب الديموقراطي الكردستاني وزعمائه متهمة اياهم بالارتباط بموسكو وبالدعوة إلى الانفصال وقد دعا الشوفينيون الحكومة والعرب إلى القضاء على” العملاء الحمر” إلى تصفية” النزعة الإنفصالية الكردية” بالقوة. وهذا عملياً تحريض للاعتداء على الأكراد.
اعتباراً من تموز ١٩٦٠ أسهمت سلطات الألوية في الشمال بالخفاء في الحملة على الأكراد، فقد نظّمت هذه السلطات هجمات على القبائل الموالية البرزاني وعلى الشيوعيين الأكراد وعلى زعماء وأعضاء الحزب الديموقراطي الكردستاني وبدأ فصل الموظفين الأكراد واعتقالهم.
وفِي أواخر عام ١٩٦٠ اشتدت الحملة على الأكراد فقد اضطر أعضاء المكتب السياسي للحزب الديموقراطي الكردستاني إلى مغادرة بغداد. في آذار ١٩٦١منعت وزارة الداخلية صحيفة ” خابا ت” لسان حال الحزب، وفِي حزيران ١٩٦١أغلق أفراد الشرطة مقر المكتب السياسي للحزب في بغداد.
في نهاية العام ١٩٦١ بدأت مواجهات عسكرية بين الجيش العراقي والثوار الأكراد وقام الجيش بقصف عشرات القرى الكردية (.١٥ قرية كردية) وفقد أكثر من مائة الف مأواهم ومصدر رزقهم، لكنّ الجيش رغم استعماله الأسلحة الحديثة لم ينجح في وضع حدّ للمقاومة الكردية واكتسبت الحرب ضد الشعب الكردي طابعاً طويل الأمد. أي أنّ اضطهاد الأكراد استمر بعد سقوط عبدالكريم قاسم.
في أواخر ١٩٦٦قامت حكومة البزّاز بالإعلان عن تسوية سلمية للمساألة الكردية في إطار الجمهورية العراقية، إِلَّا أنّ المؤتمر السابع للحزب الديموقراطي الكردستاني الذي عُقد في تشرين الثاني ١٩٦٦أكّد انّ برنامج التسوية السلمية للمشكلة الكردية الذي أُعلن في٣٠ حزيران من العام نفسه ظلّ “حبراً على ورق”. في أواخر العام١٩٦٧
قامت حكومة طاهر يحيى سيف بمنع صدور عدد من الصحف منها جريدة “التآخي” لسان حال الحزب الديمقراطي الكردستاني في إطار قانون الصحافة الجديد الذي أصدره.
في ١٧ تموز١٩٦٨حدث انقلاب عسكري بقيادة أحمد حسن البكر الذي اعتقل عبدالرحمن عارف ونُفي خارج البلاد، أمّا بالنسبة للأكراد فقد وعدتهم الحكومة الجديدة بتسوية القضية الكردية في إطار الدولة العراقية مع رفض استخدام القوة رفضاً حازماً.. لكنّ الدستور الجديد صاغ بصورة غير دقيقة حق الشعب الكردي في الحكم الذاتي وهذا أقلق زعماء الحركة التحررية الكردية.
في ١١آذار ١٩٧٠ بمبادرة من حكومة البكر تمّ توقيع اتفاقية وقف حرب اقتتال الأخوة بين عرب العراق وأكراده، وقد نصت الإتفاقية على منح الأكراد العراقيين حقوقاً متساوية مع العرب بما في ذلك حق الشعب الكردي بالحكم الذاتي في إطار الجمهورية العراقية. وأن تعتبر اللغة الكردية لغة رسمية على قدم المساواة مع اللغة العربية في المناطق التي تقطنها أكثرية كردية، كما نصت الاتفاقية على فتح المدارس الكردية وتأسيس جامعة تركية وإصدار الصحف والمجلات وتنظيم البرامج الإذاعية و برامج التلفزيون باللغة الكردية وتقديم معونة اقتصادية واسعة للمناطق الكردية المتضررة وإجراء الإصلاح الزراعي بوتائر متسارعة.
✓ بعد توقيع الاتفاقية دخل الحكومة المركزية خمسة وزراء أكراد، وأُعيد المستخدمون الأكراد الذين فُصلوا سابقاً، وحصل الحزب الديمقراطي الكردستاني على حق ممارسة النشاط العلني وبوشر بأعمال ترميم القرى والمدن الكردية التي تدمرت أثناء العمليات الحربية..
✓ في العام ١٩٧٥ ظهر حزب كردي جديد في كردستان العراق هو الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة جلال الطالباني
◦ بعد سنة من انهيار الاتفاق الذي وُقِّع عام ١٩٧٠.
◦ بعد ١٩٩١ والانتفاضة الفاشلة ضد حكم صدام حسبن انسحب الأكراد إلى الجبال وهنا تدخلت الولايات المتحدة وأعلنت عن منطقة حظر جوي فوق المناطق الكردية وأعطيت كردستان العراق حكماً ذاتياً. في العام ١٩٩٤ اندلعت حرب أهلية بين الحزبين الكرديين، الحزب الديمقراطي الكردستاني والحزب الوطني الكردستاني واستمرت حتى العام ١٩٩٨.
◦ بعد غزو القوات الأمريكية للعراق عام ٢٠٠٣ حافظت كردستان العراق على استقلاليتها كجزء من دولة العراق الموحدة.
الحزب الشيوعي العراقي والقضية الكردية:
بعد نجاح ثورة تموز بقيادة عبد الكريم قاسم بدأت صدامات عسكرية حادة بين القوات الكردية وبين النظام الجديد في العراق، وقد قام الحزب الشيوعي العراقي بالتواصل مع الحزب الديمقراطي الكردستاني ووصل الحزبان إلى ميثاق طالب فيه الحزبان بحكم ذاتي للأكراد في إطار الدولة العراقية الموحدة وقد استند الحزب الشيوعي على البند الثالث في دستور الجمهورية العراقية الجديدة “يعتبر العرب والأكراد شركاء في هذا الوطن ويقر الدستور حقوقهم القومية ضمن الوحدة العراقية. رغم مبدأ الحزب الشيوعي العراقي الداعي إلى حق الشعوب في تقرير مصيرها فقد رأى أنّ الدعوة للاستقلال التام في هذا الوقت متسرعة لأنّ الظروف الموضوعية الداخلية والخارجية عبر مؤاتية للاستقلال التام ولأنّ الحكم في الدول الثلاث العراق وتركيا وإيران غير معني بدولة كردية مستقلة. لكنّه أيّد عن طريق اتحاد الطلبة العام إقامة جامعة في كردستان والتمتع بثقافتهم القومية الخاصة، وحصل اندماج بين مؤسسات الحزبين وكان للاتحاد السوڤييتي دور في هذا التقارب بين الحزبين.
في الربع الأخير من العام ١٩٥٩ بدأت العلاقات بين الحزبين تسوء لاعتقاد البرزاني أنّ نفوذ الحزب يزداد في كردستان وقد تزامن هذا مع رغبة عبد الكريم قاسم في إضعاف الحزب الشيوعي لأنّ الأخير بدأ يطالب بالمشاركة في الحكم، وهنا أصبح موقف البرزاني ولو مؤقتاً مؤيداً لقاسم ومعادياً للحزب الشيوعي. لكنّ الحزب الشيوعي بقي على موقفه المطالب بالحكم الذاتي للأكراد في إطار الدولة العراقية. أيّد الحزب ما وصل إليه الأكراد عام١٩٧٠ من حكم ذاتي بعد تضحيات كبيرة، وقد ثمّنت الجبهة الكردستانية دور الحزب الشيوعي ففي ميثاقها عام ١٩٨٨ ذُكر “إنّ الاعتراف المبكر للقوى والشخصيات التقدمية العراقية والعربية بالشعب الكردي وحقوقه المشروعة..ساعد على تعزيز الكفاح العربي الكردي المشترك الذي هو الأساس لوحدة الحركة الوطنية العراقية”. وكان الموقف خلال فترة صدام حسين” إسقاط النظام الدكتاتوري وإقامة العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد”.
وقد أقرّ البرلمان الكردي عام ١٩٩٢ اختيار الفدرالية كتعبير عملي عن حق الشعب الكردي في تقرير مصيره في هذه المرحلة. وثبتت هذه الفدرالية في دستور العراق لعام ٢٠٠٥.
الأكراد في إيران:
اول دولة مستقلة الكرد كانت في إيران “جمهورية مها باد” وقد أسقطها نظام الشاه بدعم أمريكي عام ١٩٤٦، لكنّ الأكراد استمروا بالمطالبة بحقهم في تقرير المصير أي الاعتراف بحقوقهم القومية في إيران.
كان الملا مصطفى البرزاني وزير الدفاع في جمهورية “مها باد” وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني أصل تفكير البرزاني في إقامة الحزب الديموقراطي الكردستاني العراقي وكان تأسيس جمهورية مها باد بدعم من الاتحاد السوڤييتي.
دعم الأكراد الخميني في الثورة ضد حكم الشاه ووقف الحزبان الكرديان العراقيان الى جانب إيران في الحرب العراقية الإيرانية التي شنها صدام حسين على إيران الثورة.
قامت في بداية حكم الخميني محاولات للحصول على الحكم الذاتي عن طريق الثورات لكنّ هذه الطريقة لم تنجح فتحوّل الكرد إلى الطرق السلمية أي الانتقال من التمرد المسلّح إلى الميدان السياسي وانبثاق الحراك السلمي الكردي وبدأ ذلك في عهد الرئيس محمد خاتمي ويعتقد المحللون أنّ هذا الانتقال إلى الحراك السلمي له أسباب عدة منها:
١.تطور وتعزيز الطبقة الوسطى الكردية وتزايد عدد الطلاب الكرد في المدارس والجامعات.
- 2. شعور النُخب المتصدرة للمشهد السياسي بعدم جدوى الكفاح المسلّح فلجأوا للسلمية كخيار استراتيجي.
٣. مشاركة أكراد العراق في السلطة السياسية هناك، حفّز أكراد إيران لانتهاج الخط السلمي وقد تبوّأ بعضهم مناصب هامة فعلى سبيل المثال لا الحصر عُيِّن عبدالله رمضان زادة نائباً لخاتمي ومتحدثا باسم الحكومة. ونستطيع القول أنّ الأكراد في إيران اندمجوا في المجتمع الإيراني وزالت على الأقل حتى الآن مطالبتهم بالحكم الذاتي.
الأكراد في سوريا:
ارتبط مصير الشعب الكردي في سوريا بمصير باقي أبناء الشعب السوري، وهم يسكنون شمال شرق سوريا وأهم مراكزهم القامشلي على الحدود السورية التركية وعين العرب (كوباني) وعفرين ورأس العين، وجزء منهم يسكن في المدن الرئيسية مثل دمشق وحلب.
بقيم أكثرية الكرد في الريف ويعملون بشكل رئيسي في الزراعة.
يقبل الشباب الكردي على العلم بشكل رائع، حيث يلتحق جزء كبير منهم بالجامعات السورية. أمّا المرأة فتحتل مكانة هامة في المجتمع الكردي، ويبرز انتشار تعليم الفتاة الكردية، وتولي الأحزاب الكردية أهمية كبيرة مسألة المرأة وزُجّت في العمل السياسي التحرري للمجتمع.
انخرط الكرد في سوريا في النضال السوري ضد الانتداب الفرنسي منذ اليوم الأول للانتداب، إذ قاد يوسف العظمة الكردي معركة ميسلون ١٩٢٠ واستشهد في هذه المعركة. كذلك هنانو الذي قاد ثورة ضد الفرنسيين كان كردياً، لم يسأل أحد يومها إن كان العظمة أو هنانو كردياً، لكن الجميع يعرف انهما سوريّان ناضلا ضد السيطرة الفرنسية على بلادهم، وهما فقط مثال فقد قام الآلاف من الأكراد بالنضال ضد الانتداب الفرنسي ومن أجل استقلال بلادهم. وقاد الحزب الشيوعي السوري خالد بكداش الكردي الذي ناضل على رأس كل الشيوعيين السوريين من أجل تحرر سوريا ووحدتها. ولا تستخدم معظم الأحزاب الكردية في سوريا تعبير كردستان سوريا، وتعتبر نفسها جزءاً من الحركة السياسية الوطنية والتقدمية والديموقراطية في سوريا، وتحدّد أسلوب عملها بالنشاط السياسي الجماهيري الديموقراطي السلمي، ويرتبط نضالها مع نضال كل الوطنيين والتقدميين والديموقراطيين في سوريا على اختلاف انتماءاتهم وتطالب هذه الأحزاب بتأمين حقوق الكرد القومية المتمثلة في الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية في إطار الوطن السوري.
عندما بدأت داعش والنصرة محاولاتهما في القضاء على الدولة السورية حارب الأكراد ببسالة ضد هذه التنظيمات الإرهابية وكانت مخلصة في الدفاع عن الوطن السوري.
لكنّ الدعم الأمريكي ودول التحالف للأكراد لم يكن محبة بهم بل رغبة في إقناع الأكراد للانفصال عن الوطن الأم سوريا ،لكن هذه المحاولات ستفشل حتماً وسيعود الأكراد إلى حضن سوريا الأم التي عليها أن تؤمن لهم حقوقهم القومية المتمثلة في الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية.