كسرى وكابول النموذج

1

لم يُعطِ أهل القريتين النبلاء الشجعان طيبو القلب وأحياء الضمير فرصة للطيور القمّامة، “الليكودية” منها خصوصًا التي تحتاج “صبر أيّوب!”، كي تأتي للعق دم شبابهم النازف.

فما ان وقع الاعتداء الجبان والأزعر والطائش، المدفوع بتعصّب طائفي وتحريض ربما، على شاب من كابول بأيدي زمرة صغيرة من الشبان في كسرى، حتى تنادت قيادات هذه القرية الكريمة فورًا لتدفن الشرّ قبل أن تطلع عليه الشمس.

اجتمع الكسارنة بكبارهم وصغارهم وفلاحيهم وعمالهم ومتعلميهم وقيادتهم المنتخبة والدينية، وأعلنوا موقفًا مكتوبًا بحبر الشرف: رفضوا الاعتداء ورفضوا تبريره ورفضوا أن يتكرر، محذّرين كل من تسوّل له نفسه أن يفعل، بالحرمان والنبذ الاجتماعي.

وبنهج عملي مثابر (حبذا لو تعلمت منه “المتابعة” و”القطرية”!)، اتصلوا باخوتهم وأهلهم في كابول وتوجهوا اليهم بوفد عاد على تأكيد الموقف القاطع المستنكر للفعلة والمحرضين عليها، والمشدّد على أخوة الانتماء العربي والمصير الواحد المشترك الثابت.

هاتان القريتان ليستا مرسومتين في الانطباع العام بألوان نخبويّة برّاقة؛ غير معروف عن اهلهما الغرور الفارغ ولا تورّم الأنا ولا الصدور المنفوخة كالطواويس لكثرة ما ابتعلته من “وهم الثقافة الاستعراضية الشكلية”.. هاتان قريتان معروفتان بالبساطة والأصالة والطيبة، وأعرف مثقفين من شبابهما هم مفخرة للجميع.

لهذا الصدق بالذّات فإن أهلهما قد سلكوا مسلكًا يُسجّل كمأثرة، ويجب أن يُحتذى به – وخصوصًا من قبل “أعداء الزّحام” من الذين يصمّون الآذان ويعمون الابصار بمفرقعاتهم التنظيرية الاستعلائية الواعظة المتأففة من “قيم شعبنا المتخلفة”.. لا يا سادة، هذه أيضًا هي قيم شعبنا، ولا زالت دائمة الخضرة كالزيتون في كسرى وكابول، حيث ظلّ للشهامة معنى ولعبقرية الحكمة الشعبية معنى. السؤال على ماذا نحثّ من قيم ولأيّها نحرث ونزرع! كم أحبكم وأجلّكم يا أيها الكرام في القريتين.

يعرب بن كنعان”

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .