اوكرانيا بين المطرقة والمنجل

كتب سليم اكرم خوري:

اين الحقيقة؟ والعالم الى اين؟ هل من جنة تعرفنا؟

رؤية حادة –كيف سيتم تقسيم أوروبا ؟

لنبدأ في مقولة ممتعة للفيلسوف السويسري جان جاك روسو  الذي تحدث في كتابه ” ثنائية الخير والشر ” كاتبا – أتأمل طبيعة الانسان ان ينطوي على عنصرين مختلفين. احدهما يجذبه نحو الحياة الازلية، يدعوه الى حب العدل والفضيلة , الى اقتحام العالم العلوي الذي يبهج قلب حكيم , والثاني يربطه بذاته السفلى , يجعله اسير حواسه , مطاوعا لأدواتها , أي الشهوات , معاكسا بذلك كل ما يلهمه العنصر الأول .كنت أقول في نفسي وانا اشعر بتجاذب وتصارع هاتين الحركتين المتعاكستين : لا وحدة في الانسان , اشعر في اني  حر واني مقيد , أرى الخير , احبه ثم افعل الشر , متحمس نشيط عندما انصت للعقل , متخاذل ضعيف عندما انصاع للشهوة . وما يحز في قلبي عند الانزلاق اني اعلم اني كنت قادرا على الصمود .

وعندما تحدث هيجل وماركس عن الشيطنة الراسمالية لم يكن مجرد دعابة انما اصبحنا بعصر يلغي كل فكر واخلاق, عصر الشرور والهيمنة والغرائز الحيوانية التي هدفها الوحيد جلب الأموال والتخلي عن حياة الانسان ومبادئه أي لا معنى لوجوده

وما علاقة حرب روسيا واوكرانيا ؟وكيف نستطيع ان نرى تلميح لتقسيم أوروبا ؟

نعود ادراجنا, خطبة السيناتور البرت بريدج في عام 1989 حيث يقول فيها : ما جعلنا الله شعبه المختار الا لكي نعيد صياغة العالم …. . ولا شك ان ضمنا للفلبين سيوفر للجمهورية الامريكية هيمنة مطلقة وابدية في المحيط الهادي

والشرق ان أبناء هذه الامة لم يكونوا اقليميين بل كانت اعينهم على كل جغرافيا العالم ….. كانوا يعلمون ان رايتهم يجب ان ترفرف حيث ترسو سفنهم…… سيصبحون اقوى جمهورية يعترف العالم بحقها في ان تكون على مصائر الجنس البشري .

انتصار أمريكا في الحرب الباردة وثورات أوروبا الشرقية اعطى للولايات المتحدة التفوق العسكري , كمل قال احد الماركسيين بعد نهاية الحرب الباردة ان نهاية مرحلة ثنائية القطب  امر خطير ولسوف يتحول الى منافسة جيوسياسية

سابقا واجهت الولايات المتحدة تحدي كبير وهو اليابان وألمانيا وأصبحتا تهددان هذه القوة المهيمنة , وقامت المانيا بتفكيك الاتحاد اليوغسلافي (الاستراتيجية الامريكية بعد الحرب الباردة )

المجموعة  الأخرى التي واجهت امريكا هي الصين وروسيا اذ ان الصين في أواخر الثمانينات حققت نمو اقتصادي سريع مما يجعلها قوة عظمى مسيطره ادت لتراجع الدور الياباني والألماني .

توسع حلف الناتو بعد حرب البلقان 1999 وسع هذا قيادته  في الشرق .

لنربط الأفكار بين  ا لماضي والحاضر  مع صعود الرئيس الحالي   فلاديمير بوتين , الذي هندس عودة روسيا كقوة عظمى

بعد الاستهزاء الذي تم من قبل الرئيس السابق أوباما في فترة حكمه الأولى  ان روسيا بلد صغير فقير , الشعار الذي استخدمه في حكمه لكي يتربع على العرش , ولكنه إزاء ذلك أراد الحرص على علاقة وطيدة مع روسيا بسبب غزو جورجيا في عام 2008 عندما كان ميدفيديف رئيسا  لروسيا وجورج بوش رئيسا في الولايات المتحدة .

الدب الروسي ورئيس الكي جي بي لا يعرف الهزيمة حرب روسيا بدأت ولن تنتهي الى بضمانات تعيد روسيا الى مجدها

ابعاد أخرى منذ صعود الرئيس فلاديمير بوتين صرح انه من يعتقد ان الاتحاد السوفيتي سيعود فهو احمق وأيضا من يعتقد ان الاتحاد السوفيتي قد انتهى فهو أيضا احمق وإذ به يخطط لإعادة مجد روسيا , في عام 1999 حينما قسمت الولايات المتحدة يوغسلافيا ودول البلقان أدى الى ابعاد روسيا عن الخريطة السياسة  وأيضا ضم دول البلطيق الى صف الولايات المتحدة بعد ان كانت شيوعية , ويقوم النفوذ الروسي في البلقان على القوة الناعمة لاسيما الدين والعرق اللذان يجمعهما بعدد من الدول والطاقة باعتبارها مورد رئيسي لها والى أوروبا ويسعى الغرب الى التمدد في البلقان اتت تسعى لاستعادة مكانة روسيا كقوة عالمية فاعلة في مقابل قوة حلف شمال الأطلسي -بزعامة أميركا والاتحاد الأوروبي- حيث عملت موسكو، عبر توظيف أدوات متنوعة، تأتي في مقدمتها القوة الناعمة وسلاح الطاقة، على ترسيخ موقعها في غرب البلقان، المنطقة الأكثر هشاشة في القارة الأوروبية. ورغم أن البلقان لا يمثِّل “هدفًا استراتيجيًّا” روسيًّا واضحًا في حد ذاته، إلا أنه يمثل على الأقل، ساحةً جيوستراتيجية بالغة الأهمية لاستعادة “القوة العظمى” الروسية. فموقع المنطقة الجغرافي الاستراتيجي الواقع بين البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط وقربها من منطقة الشرق الأوسط مهم لموسكو؛ حيث يوفر البحر الأسود لروسيا إمكانية الوصول إلى موانئ المياه الدافئة. وباعتبارها واحدة من آخر المناطق الأوروبية- قبل المساحة السوفيتية السابقة.

 

مع صعود بوتين الى السلطة وإذ به يتقدم بخطوات صغيره ولكن ابعادها كبير لإعادة امجاد روسيا اذ به يتدخل بجورجيا في عام 2008 ويعلن عن الاقليمين  مستقلين ابخازيا واوستيا الجنوبية , وإذ به يحتل القرم في عام 2014 دون ان يستشير دولة أخرى لعبة الشطرنج لا بد ان تنتهي برابح واحد , كما ان ظهر سبوتنيك V   الأول عالميا والأكثر نجاعا وبما ان ال ف دي اه FDA مهيمن عليه من قبل أمريكا لم يتم الاعتراف به وهذه نقطة استياء لروسيا من السياسة العالمية

نستطيع ان نرى الصورة اكثر بوضوح ان استراتيجية بوتين لا احد يعلم بها غير بوتين , ولو أراد ان يوقف الحرب لأوقفها , الاعلام الغربي يشوه الحقيقة ولا احد يدري ما المتوقع من الحرب ولكن نستطيع ان نحلل الصورة كمحللين سياسيين وان نتوقع لو بقليل من المستقبل وما شهدناه في الآونة الأخيرة ونود من خلاله تحليل الاحداث : أولا أمريكا تريد ان تكون الوحيدة المسيطرة عالميا صناعه , وإنتاج وزراعة , وتصدير ومستعده ان تقتل كل شيء يقف امامها , الا ان العالم جيوسياسية  تغيير ولم تعد هذه الأطفال صغيره وتنتمي للاب الدكتاتور المدعي بالحرية وهو لا يطبقها , والحرب الروسية الأوكرانية ما زالت مستمرة واستولاء روسيا بالكامل على إقليم دونباس واذا برقعة الصراع تتوسع والامر الواقع لكل الدول ان تتخذ موقف  وكما ذكرت سابقا في مقالي الأول  شاهدنا كيفية ظهور الميلشيات , وإذ  بايران أصبحت مع الولايات المتحدة , وإسرائيل مصلحتها مع روسيا والسعودية تتخلى عن البترودولار ( أي برميل نفط في الاقتصاد العالمي يجب ان يباع بالدولار ووافقت منتجي النفط ومنهم السعودية  في عام 1973) , وجزء من الاتفاقية هيمنة الولايات المتحدة على الاقتصاد,ثانيا : تصريح بوتين الأخير لن نبيع الغاز والنفط الا بروبل الروسي هذا دليل ان بوتين يفرض عملته كعملة عالمية وليس هنالك رجوع الى الخلف , نقطة أخرى كما ذكر سابقا من جميع وسائل الاعلام أوروبا تعتمد على 40 % من الغاز الطبيعي التابع لروسيا اذ ان أوروبا واقعه تحت هيمنة الغرب باتخاذ القرار ولكنها لا تستطيع ان تستغني عن روسيا , ولكن النفط تستهلك اقل من الغاز ,وتبحث عن بديل اخر مثل قطر او ايران او حتى الامارات , وإذ بروسيا تصرح ان سعر برميل النفط سيصل الى 400 دولار اذا استمرت العقوبات الامريكية , كما أعلنت المخابرات الألمانية عن تحركات بوتين لحصار دول البلطيق عبر ممر ” سوالكي ” , واذا قامت أوروبا بحظر النفط الروسي لسوف يجتاح ممر  “سوالكي ” وفصل دول البلطيق عن الناتو , تأتي التطورات الخطيرة , والتي تنبه بحرب اكبر حجما وابعد من حدود أوكرانيا وسط تنبيه سعودي بحفظاها على سعر النفط في ظل استهداف شركة ارامكوا النفطية من قبل ايران

نهايتا حرب أوكرانيا وروسيا هي حرب أوروبية روسية في باحات أوكرانيا ولكن كم ذكرنا هناك العديد من المليشيات الأوروبية تحارب مما يجعل الحرب تتوسع خارج نطاق الموضوعية فأوكرانيا ضحية .

 

**سليم اكرم خوري ، لقب ثاني علاقات دولية ـ البقيعة

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .