بيت جن الزابود 1987 ملحمة جماعيّة – المعارضة تتّهم الرئيس

بيت-جن-1024x768

الفصل الثالث – المعارضة تتّهم الرئيس.

قضية  المحمية الطبيعية لجبل الجرمق وممارسات سلطة حماية الطبيعة لم تنزل عن جدول حياة بيت جن منذ الاعلان عن المنطقة محميّة طبيعيّة، وإن غابت احيانا فكغياب الجمر تحت الرماد لأقل هبّة ريح يشتغل، وهذا ما كان قبل مواجهة “الغدير” وبعدها، قبل الدورة المجلسية الحالية (1883-1989) وبعدها كما يظهر في جلسة عمل مع مدير المحميات الطبيعية.(1)

شارك في هذه الجلسة، التي افتتح المجلس في دورته هذه مهامه فيها إذ لم يمض على تسلمه مهامه اسابيع قليلة، قسم من أعضاء المجلس. طرح رئيس المجلس في هذه الجلسة المشاكل بإسهاب: اصلاح الاراض، قطع الحطب، الخارطة الهيكلية، منطقة النفوذ، طرق زراعية ورفض السماح بقطع الحطب للتدفئة.

ومن بين ما طرحه فيما يخص الارض قال:

“سكان القرية اصحاب الارض في المنطقة الشمالية، الجرمق والزابود، تضرروا جدا من منع السلطة استصلاحها، بالإضافة ان المحمية بدأت تزحف جنوبا حتى منطقة بير موسى. اذا اقترحت امكانية بديلة، نكون مستعدين لتبديل ارض المنطقة الشمالية بأراضي ملائمة.”

عضو المجلس جمال قبلان: “فيما يتعلق بالبدل اعتقد انه غير مجد ان نتنازل في التبديل واذا كان لا بد ففي منطقة القرية وليس بمكان اخر.”

العضو علي طافش: “انا ضد التبديل وأؤيد اقوال جمال بما يخص الارض الزراعية.”

لم يعد مدير الدائرة بغير الكلام المعسول الفارغ من أي حل عيني.

التلخيص شفيق اسعد اننا مستعدون للمصفاة للبحث وايضاح المشاكل شرط ان تفهمها السلطة ويؤكد ان سكان بيت جن حافظوا على الطبيعة قبل قيام الدولة”.

المدير: يبارك اقتراح رئيس المجلس وتقفل الجلسة”.

يوم 2/6/84 وعلى اثر تقديم دفعة اولى من المواطنين للمحاكمة على خلفية مواجهة “الغدير”، طلب عضو المجلس جمال قبلان إثارة الموضوع على جدول اعمال المجلس وهذا ما جاء في طلبه:

“الموضوع: اقتراح ادراج المواضيع التالية في اقرب جلسة للمجلس المحلي / او عقد جلسة طارئة (البند الاول): قضية سلطة حماية الطبيعة ومحاكمة المواطنين وقرارات المجلس في الجلسات الطارئة التي عقدت خصيصا لبحث الموضوع.” (2)

لم اجد في بروتوكولات المجلس استجابة للطلب. هذا لا يعني ان رئيس المجلس لم يعالج القضية ولكن بطريقته الخاصة دون ان يطرح الموضوع على جدول الاعمال. مما اثار استياء المعارضة، فكما اسلفت كانت القضية العائق اي عملية تطوير للقرية وهذه مهمته وواجبه كرئيس قبل اي انسان اخر ان يعالجها وهذا طبيعي لكن ايضا ان يشرك هيئة المجلس.

تمخضت معالجته عن جلسة في مكتب مدير عام مكتب رئيس الحكومة يوم 3/3/85 لبحث القضية، صيغ على اثرها ملخص تطرق بالأساس لقضية “القبع”. النظر في فحوى الملخّص يوصل إلى نتيجة واحدة لا ثانية لها، ان الطروحات خطيرة بل خطيرة جدا لها ابعادها على القضية ككل. (3)

ويبدو ان هذا اثار حفيظة العضو جمال قبلان  رئيس لجنة المراقبة، فطلب عقد جلسة بخصوص حماية الطبيعة خطيا، صيغ الطلب بلهجة قاسية لم تخلو من اتهام لرئيس المجلس وهنا ايضا يبدو ان الرئيس لم يستجب ولم يعقد جلسة لبحث الامر. (4) مما ادى على ما يبدو لاحقا بالعضو جمال قبلان ان اصدر نشرة للأهالي. وجاء في النشرة:

“تمنينا من كل قلبنا الا نجد مادة لهذه النشرة …. ووجدنا ان الوضع يعود الى الوراء، الى عهد المخترة …  وبعد سرد الكثير من الامور المتعلقة بالمجلس المحلي تتابع: “6 – سلطة حماية الطبيعة: يذكر كل المواطنين الموقف المشرّف لأهالي القرية والمجلس المحلي ضد تصرف سلطة حماية الطبيعة يوم 8/3/84 بخصوص شارع “الغدير”. عقد المجلس جلسات طارئة بإدارة نائب الرئيس السيد عبدالله حرب واتخذ قرارا بالإجماع ولكن جميع هذه القرارات وغيرها ذهبت ادراج الرياح بعد عودة الرئيس من مرضه لمزاولة اعماله في المجلس، وتقدمت مجموعة من المواطنين للمحاكمة بتاريخ 25/4/84 وكان القرار ان يدفع كل واحد منهم 23 الف شيكل وكأن الرئيس يقف بجانب سلطة حماية الطبيعة فيوافق على تسكير الشارع المذكور لولا المعارضة … ويرفض إدارج الموضوع على جدول اعمال المجلس رغم مطالبتنا بذلك، بل يذهب على ابعد من ذلك فيوافق في جلسة (الجلسة في مكتب رئيس الحكومة اعلاه س.ن.) على استمرار عملية مبادلة الاراضي وتعيين موظف درزي لذلك، بل ونستغرب جدا ان يحدث، ونودّ ان لا نصدق انه يوافق على ايقاف البناء وعلى هدم كل بناية جديدة تقام في “القبع” ولو كان بشكل مؤقت (اليوم في “القبع”، وغدا في “حيدر” وبعد غد في “الديدبة” و ….) اما موقفنا نحن فلا زال كما كان ونستنكر ما حدث جملة وتفصيلا.” (5)

لم اجد في بروتوكولات المجلس المحلي اي بحث للقضية على مستوى هيئة المجلس حتى بعد ان وصل الامر بين الائتلاف والمعارضة حد الاتهام المباشر للرئيس حول موقفه من القضية والمحمية الطبيعية، حتى تاريخ 1884\04\14 جلسة عادية رقم 22\1986 حيث ادخل إلى جدول الاعمال بند رقم 4: “توكيل محامي لمعالجة قضايا مع دائرة حماية الطبيعة والخريطة الهيكلية.” وهذا ما جاء في بروتوكول الجلسة:

“المبحث الرابع- شرح الرئيس باختصار عن مضايقات دائرة حماية الطبيعة في سبيل تقدم وتطوير القرية بحيث أعرب الأعضاء عن موقفهم وشعورهم تجاه تصرفات دائرة حماية الطبيعة، ونظرا لأن الموضوع حساس ويتعلق في مصير القرية في الحاضر والمستقبل يدعو الواجب الوقوف في وجه هذه الدائرة وتوكيل المحامي سعيد نفاع ليعالج القضايا المتعلقة مع دائرة حماية الطبيعة وذلك على حساب المجلس المحلي- تقرر ذلك بالإجماع.”

إن هذا التوكيل جاء دون أدنى علم منّي ودون أخذ رأيي، ومن الناحية العمليّة فيما يتعلّق بالقضايا في منطقة “القبع” كان قد مضى على الإجراءات القانونية ضد السكان أكثر من سنة ، كما جاء في الفصل الثاني، كنت خلالها وكيل المستدعى ضدهم بشكل شخصي، لكن هذا التوكيل الذي قبلته وللحق أقول وباعتزاز خصوصا أنه جاء بإجماع أعضاء المجلس، وإن دلّ القرار على شيء فيدل أن الرئيس بدأ يقتنع أن الأمر لم يعد موضوع اتصالات عاديّة بين المجلس والسلطة لحل قضية عادية، فالقضية أكثر من عاديّة بكثير تتعلق بسياسة عليا للسيطرة على الأرض وإن بقيت القرية فقط لتبقى كفندق لا أكثر ولا أقل لمبيت سكانها.

بعد هذه الجلسة دعا الرئيس لاجتماع عند الأخوين راضي وأنور حرب من أصحاب البيوت المهددة في منطقة “القبع” شارك فيه أعضاء المجلس وأصحاب الدور والأراضي في المنطقة، ودعيت إليه على خلفية القرار أعلاه. وقد طمأن الرئيس المواطنين أن المجلس وراءهم وبكل قواه وإمكاناته وأعلمهم بقرار المجلس أعلاه، وأنكر ما جاء في النشرة التي كان وزعها جمال قبلان.

هدأ هذا الاجتماع من الروع خصوصا وأن بروتوكول الجلسة في مكتب رئيس الحكومة آنف الذكر وموضوع نشرة عضو المجلس جمال قبلان، كان قد تسرّب للناس وأثار أشد التخوف، غير أن البعض ورغم ذلك ظل يساورهم الشك. شارك في هذا الاجتماع موظف حماية الطبيعة محمد حمود وصاحب أرض في المنطقة وكان خلال حديثه مدافعا عن دائرته ورغم أنه لم يُعر الاهتمام إلا أن أقواله أثارت المخاوف، خصوصا وأن الناس كانت قد اكتوت سابقا بنار السلطة ومرارا ليس قبل أن تلقى السلطة الدعم من بعض الزعامات التقليديّة، فصار الناس متشككين.

 

هوامش…

(1)  جلسة تلخيصية مع مدير المحميات في الشمال عاموس تور يوم 29/12/83

(2) بروتوكولات المجلس المحلي الدورة السادسة.

(3) تلخيص جلسة في موضوع سلطة حماية الطبيعة في بيت جن في 3/3/85.

(4) رسالة من جمال قبلان تاريخ 1985\08\04.

(5) جمال قبلان، نشرة: قضية ومواقف !! اليوم في القبع واين غدا ؟؟

                                                                                                                                                                       …… \ يتبع  

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .