عالمُ الطفولةِ مَحفوفٌ بالمفاجآت والتحدّيات!

 

عالمُ الطفولةِ مَحفوفٌ بالمفاجآت والتحدّيات!

آمال عوّاد رضوان

مداخلة العريفة فوز فرنسيس: مساؤُكم أضمومةٌ عطرةٌ مُفعمةٌ بضحكاتِ طفولةٍ بريئةٍ، تحُطّ رحالَها على شطآن المُغامرةِ والمعرفةِ معَ قليلٍ مِن الخوفِ والتردّدِ، مُنتظرةً مَن يُوصِلُها هذا المساء إلى برِّ اليقينِ والأمان. أبحرتُ كثيرًا ولا زلتُ أفعل كلَّ يومٍ، وفي هذا المساءِ سأعيدُ الكرَّةَ وأبحرُ مِن جديــدٍ على متنِ سفينةٍ، وسأدعوكم لتشاركوني رحلتي المسائيّةً، لنبحِرَ في عالمٍ ساحرٍ أخّـاذ، لكنّي لن أكونَ القبطانَ، لأنّي بصراحةٍ أبحرُ في هذا اليمِّ منذ سبعٍ وعشرينَ سنةً، ولا زلتُ أجهلُ خباياهُ وأسرارَهُ. سأستعينُ بأساتذتِنا وأدبائِنا ليكونوا لي عونـًا، فنوجـّهُ دفّةَ سفينتِنا، نغترفُ ما أمكنَـنـا مِن عالم الصّغار المَحفوفِ بالمفاجآت والتحدّيات، فنُعرّجُ على أدبِهم ونُحلّقُ في فضاءاتِهم وآفـاقِهم، فقد تُلامِسونَ مشاعرَهم وقد تتعثّرونَ بوجدانِهم. رفقًا بهم! تبسَّموا وتابعوا واقبلوا منّـي بعضَ نُـصحٍ قد يُفيد: لا تتدخّـلوا باُختيارهم، ولا تُكثروا الأسئلة. لا تُربِكوهم، ولا تُحدّدوا زمنَ لقائهم بأصدقائِهم وبقصصِهم المعروضةِ على الرّفوف. مِن حقّـهم أن يقرؤوا القصّةَ أكثرَ مِن مرّة، فأضلاعُ مثلّثِ النجاحِ هي: الصّغيرُ والكتابُ وأنا “أمينة المكتبة”. التّربة الصّـالحة تشتملُ على عناصرَ عِدّةٍ: الثقة، الإيمان بالعطاء، المَحبّة، زرع بذور حُبّ اللغةِ في نفوس الصّغار وتعهّـد ذلك. أن تواكبَ رحلة كلِّ صغيرٍ على حِدة قدرَ المستطاع، وتُشجّعُهُ وتُحفّزهُ على قراءةِ المزيد. أن تـرقبَ تحدّيات العصر والتّـكنولوجيا، وتعرف كيف تُواكبُ ذلك بحكمةٍ، وتدمجُ بينَ القصّةِ والفعاليّات المختلفة. أن تتبـنّـى مشروعًـا ما على الأقلّ، وتؤمن به وبأهميّـته في تذويتِ اللغةِ وجَمالِها، ومأسسةِ المُطالعةِ وتجذيرها في نفوسِ الطّلاب صِغارًا، لـتُعتِقَهم وأنت واثقٌ أنهم سيتابعونَ مستقبلًا حبّ القراءة وإن أهملوها حينًا. أن تُـبدِعَ وتبتكرَ وتخلِقَ المـحفّـزاتِ، لِتُـعيدَ مَن حاولَ الهربَ والعزوفَ عن القراءة. أن تـخرجَ معهم مِن العالم المَحصورِ في الكلماتِ والصّفحاتِ، إلــى لقاءٍ فعليٍّ مع الكاتبِ ومتعةٍ لا نهائيّةٍ، والقاعدةُ الـذهبيّـةُ والأهمُّ هي أن تـنسـى ذاتَك، وأن تقرأَ وتقرأَ لهم ولنفسكَ دون كللٍ أو مللٍ.

أثقلتُ عليكم وما زلنا على الشاطئ. شدّوا الوثاقَ معي ودَعـونا نبدأ أمسيتَنا. وأذكّرُكم أنّنـا سنعرّجُ هذا المساء على عالَـمِ مُبدِعٍ متألّقٍ بارعٍ، أخذَ على عاتقهِ أن يُحلّقَ في فضاءاتِ اللّغةِ والإبداع، لِيودعَ بينَ أيدي صغارنا أقراصَ شهدٍ يتذوّقون منها ويهنؤون.

مداخلة صالح أحمد كناعنة: أدبُ الأطفالِ عالمٌ واسعٌ كبيٌر مُهمٌّ وخطيرٌ في آن؛ واسعٌ لأنّهُ يَشملُ هذا عالمَ الطفولةِ الجميلَ الكبيرَ الذي هو عالمُ الإنسانيّةِ، فكلُّ جهودِ العالمِ وأحلامِ الخلائقِ مرتبطةٌ بهذا العالمِ الذي يَحملُ أحلامَنا وآمالَنا وتطلّعاتِنا، لذلك، فإنّ الكتابة للأطفالِ هي أخطرُ أنواع الكتابةِ، لأنّها مُوجّهةٌ لهذا العالم الجميلِ الّذي يحتضنُ آمالَ مُستقبلِنا.

الكتابةُ للأطفالِ تحتاجُ إضافةً إلى الموهبةِ- كشرطٍ أساسيّ- إلى الثّقافةِ العامّةِ؛ وخاصّةً بكلِّ ما يَتعلّقُ بعالمِ الطّفولةِ وما يُناسبُهم، وما أروعَ الكاتبةَ غادة السّمّان حين سُئلت: لماذا لا تكتبين للأطفال؟ أجابت: لأنّني لا أُتقنُ الكتابةَ للأطفال! هذهِ الصّراحةُ معَ النّفسِ أوّلًا ومعَ الآخرِ ثانيًا؛ هي المطلوبةُ مِن كلّ كاتبٍ للأطفال.

سهيل عيساوي قادمٌ مِن عالم الأطفال، هو أبٌ ومُرَبٍّ ومُديرُ مدرسةٍ ابتدائيّةٍ، على احتكاكٍ دائمٍ وفعّالٍ معَ عالمِ الأطفال، ومِن المُربّينَ الحريصينَ دائمًا على تطويرِ الجانب التّثقيفيِّ للأطفال، مِن خلالِ اهتمامِهِ الدّائمِ بالمطالعةِ وتشجيعِ القراءةِ لدى الطلّاب، وقد لمستُ ذلك عن كثب، مِن خلالِ مُشاركتي في العديدِ مِنَ الورشاتِ الأدبيّةِ والفعاليّاتِ الثقافيّةِ في مدرستِهِ، ولمستُ مدى اهتمامِهِ بثقافةِ الطّفلِ وبأدب الأطفالِ خاصّة، ومدى تفاعُلِ الأطفالِ في مدرستِهِ معَ الموضوع. إضافة إلى كوْنِهِ مثقفًا، وخاصّة في مَجالِ أدب الأطفال، فهو يَقرأ كلَّ ما يُكتبُ في هذا المَجالِ تقريبًا، وكتابُه الرّائعُ: “دراساتٌ في أدب الأطفال المَحلّيّ” دليلٌ على ثقافتِهِ في هذا المجال.

أدبُ الأطفالِ خطيرٌ لأنّهُ أدبٌ تنمويٌّ- إذا صحّ التّعبيرُ- مسؤولٌ عن تنميةِ الطّفل، شعوريًّا وفكريًّا وتربويًّا واجتماعيًّا وحضاريًّا وإنسانيًّا، لذلك ليسَ مِن السّهولةِ بمكانٍ الكتابة للطّفل، وما أروعَ الكاتبَ الروسيَّ “مكسيم جوركي” الذي اقتنعَ، بأنَّ الكتابةَ للطّفلِ يجبُ أنْ تنبعَ مِن رغبةِ الأطفالِ أنفسِهم، ومِن وحي أفكارِهم وعالمِهم الدّاخليِّ والحِسّيّ، لذلك عندما قرّرَ أنْ يَطرُقَ عالمَ الكتابةِ للطّفلِ، طافَ مدارسَ بلدِهِ الابتدائيّةَ، وطلبَ مِنَ الأطفالِ أنْ يُجيبوهُ على سؤالٍ واحدٍ: “ماذا تُحِبُّ أنْ تقرأ؟” وكم كانتْ دهشتُهُ كبيرة، عندما وَجدَ أنّ ألفَيْ رسالة كانت تحملُ نفس الإجابة: “أحِبُّ أنْ أقرأ كلَّ شيء”!

الإنسانُ العاديُّ يَفهمُ مِن هذا الجوابِ أنّ الطّفلَ لا يعرفُ ماذا يريدُ، ولا يستطيعُ أنْ يُقرّرَ لنفسِهِ، ولا يَملكُ القدرةَ على القرارِ، ولا يعرفُ أن يُعبّرَ عمّا يُريدُ، ولكنّ جوركي أدركَ بعقليّتِهِ المُنفتحةِ أنّ الطّفلَ باحثٌ بالفِطرة، فالذي يُحبُّ أنْ يقرأ كلَّ شيءٍ، هو مَن يَسكُنُهُ هاجسُ البحثِ عن كلِّ شيءٍ، والرّغبةِ بالكشفِ عن كلِّ شيءٍ، وأنّ الطّفلَ لا يبحثُ عن الثّقافةِ، أو عن الحدَثِ، ولا عن الفِكرِ العميقِ، ولا عن التّسليةِ والتّرفيهِ مِن خلال ما يقرأ، كما يظنُّ الكثيرون، ولكنّهُ يبحثُ عن عنصرِ الدّهشةِ. إنّهُ يَبحثُ عن لحظةٍ مُدهشةٍ وحُلمٍ مُدهشٍ في القصّةِ، وعن جُملةٍ تَعلَقُ في ذهنِهِ، وتُغيّرُ لونَ عالمِهِ، جُملةٍ يَحفظُها ويُكرّرُها حيثما ذهبَ، فقرّرَ أنْ يَكتبَ للطّفلِ ما يُدهِشُهُ.

المدرسة التّحليليّة في الأدب التي ترتكزُ إلى علم النفس التّحليليّ، ترى أنّ ما كانَ يُكتبُ للأطفالِ في الماضي لا يُلائمُ أحلامَهم ولا وعيَهم، فقد كانَ يُقدّمُ لهم وجباتٍ مِن مثاليّةٍ نابعةٍ عن عقدةِ النقصِ والخوفِ، والبحثِ عن طمأنةِ النّفس ولو بالوَهم، فكانتْ قصصُ الأطفال تَزخرُ بالأمثلةِ المثاليّةِ المُستمَدّةِ مِن فلسفةِ عدالةِ الأدب، فالمظلومُ يجبُ أن يجدَ مَن يَنصُرُهُ، والضّعيفُ يجبُ أن يجدَ مَن يُقوّيهِ، والمُستضعَفُ يجبُ أنْ يجدَ مَن يَنتصرُ لهُ، والقويُّ يجبُ أن يَنكسرَ أمامَ عدالةِ الفِكرِ والخيالِ، وهذهِ كلّها أمثلةٌ لا تُربّي سوى الاستسلاميّةِ

943907_972559209496218_5392407664598470710_n 943914_972534612832011_1418962110121925061_n 1909954_972540136164792_734273975166696254_n 12439522_972547852830687_6124301274768260198_n 12631533_972559459496193_3463275165659947811_n 12644725_972541069498032_4885057516361222656_n 12644870_972538899498249_7957665836544060082_n 12645248_972559306162875_4373738645454066300_n 12645262_972540642831408_3370471803827102164_n 12647233_972550652830407_7116512999539201173_n 12647550_972555952829877_8418958371652816853_n 12650798_972550392830433_1509182089285813309_n 12651108_972533562832116_606394377996532671_n 12651223_1150617011616544_3244928293563878678_n 12651231_972539016164904_1134397532734279259_n 12654264_972548669497272_4688228713725710154_n 12654617_972539436164862_5743935846186416679_n 12654639_1150617131616532_3287404027675856291_n 12669475_972555859496553_3185121326617460023_n 12687949_972534136165392_1196008698661545696_n 12688356_972557486163057_3724898177483848407_n

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .