شجرة التين    بقلم: سهيل مخول

fig4

المقدمة:

من امثالنا الشعبية ” في تموز اقطع الكوز” أي أن ثمار التين تنضج في شهر تموز.شجرة التين معروفة للجميع وراسخة في أذهاننا، نجدها في قرانا الفلسطينية ، العامرة والمهجرة ، تمتد علاقتنا بشجرة التين منذ أن خلق الله الإنسان  ” فَرَاتِ المرأة أن الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ للأكل وأنها بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ وَانَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فأخذت مِنْ ثَمَرِهَا وأكلت وأعطت رَجُلَهَا أيضا مَعَهَا فأكل. فَانْفَتَحَتْ أعينهما وَعَلِمَا أنهما عُرْيَانَانِ. فَخَاطَا أوراق تِينٍ وَصَنَعَا لأنفسهما مآزر (سفر التكوين (3 ” قاما بتغطية الخطيئة بأوراق التين، وهكذا  أصبحت أوراق التين رمزاً لإخفاء الخطيئة،  دون التخلص منها. كما وأن الجلوس تحت التينة يرمز إلى الاطمئنان والأمن والسلام”وَسَكَنَ يَهُوذَا وَإِسْرَائِيلُ آمِنِينَ، كُلُّ وَاحِدٍ تَحْتَ كَرْمَتِهِ وَتَحْتَ تِينَتِهِ، مِنْ دَانَ إِلَى بِئْرِ سَبْعٍ، كُلَّ أَيَّامِ سُلَيْمَانَ. (الملوك الأول 4) ”

وذكر في القرآن الكريم في سورة التين بسم الله الرحمن الرحيم ” وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ، وَطُورِ سِينِينَ ، وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ، لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ، ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ، إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ، فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ ، أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ.”

ذكر التين في الإنجيل المقدس عدة مرات “فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصًا وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا، تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ.” (إنجيل متى 24 /32)

“فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ، وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئًا. فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ. فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: “لاَ يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْكِ ثَمَرًا بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ!”. وَكَانَ تَلاَمِيذُهُ يَسْمَعُون.” (إنجيل مرقس11 ) اما في انجيل متى19  حيث ترمز التينة الملعونة الى هدم مملكة الظلمة وبناء مملكة النور، كانت للتينة أورق جذابة، يأتي إليها الجائع ظنًا أنه سيجد ثمرًا، لكنّه  كان يرجع جائعًا. وقف السيِّد المسيج أمام شجرة التين العقيمة فجفَّت بكلمةٍ من فيهِ، أي تبدَّدت ظلمة الليل بأشعة ضوء الصباح.

 

وصف شجرة التين وتكاثرها:

يتبع التين إلى العائلة التوتية مثل الجميز والتوت، شجرة التين متساقطة الأوراق وثمارها صالحة للأكل. تعمر من 70 – 100 سنة ، معدل ارتفاع شجرة  التين 3 إلى 9  أمتار، جذورها كثيرة التشعب قوية وتصل إلى عمق عشرة أمتار، فروعها كثيرة، خشبها غير متين، تورق في بداية فصل الربيع، أوراقها متبادلة، بسيطة وكبيرة، شكلها مستدير ذات 3-5 خلجان. الأزهار مخفية داخل الفجة (حاملة الأزهار) المجوفة  والكبيرة، يصل طولها 3- 8 سم . في الفجة توجد أزهار ذكرية وأزهار أنثوية  من الزهرة الانثوية تتكون البذور، كما وتوجد داخل الفجة أزهار عقيمة لا تكون بذوراً ويوجد هذا النوع من الأزهار في أصناف التين الجوي وتنضج ثمارها بدون تلقيح وإخصاب.

 

توجد أصناف كثيرة من التين التي تختلف عن بعضها بلون وشكل وحجم ثمارها. يتم انتشار بذور التين بواسطة الحيوانات التي تتغذى من ثمار التين بحيث تمر البذور في الجهاز الهضمي عندها وتخرج منه سالمة وتتمكن من الإنبات وتكوين أشجار جديدة. أما في الزراعة فيتم تكاثر التين بالتكاثر الخضري، بواسطة أجزاء من أغصان التين (العُقَل) التي تغرس في فصل الشتاء ثم تصبح العقلة شجرة تين ذات صفات مماثلة للشجرة التي أخذت منها.

هناك طرق زراعية لتنمية تين قزم يغرس في الأحواض الصغيرة، كنباتات للزينة وللاستفادة من ثمارها، يوجد إقبال كبير لشراء التين القزم كونها نباتات معمرة ومناسبة لتنميتها في الشرفات والمكاتب.

 

 

 

 

الموطن  والانتشار:

الموطن الأصلي للتين في بلاد فارس، سوريا ولبنان ومنها انتشر للأقطار الأخرى . يغرس التين في كل بلاد حوض البحر المتوسط  وفي معظم المناطق الدافئة والمعتدلة. ظهر التين في الرسومات والنقوش والمنحوتات التي اكتشفت في سوريا.يعتقد بأن أشجار التين وصلت إلى  اليونان عبر بلد اسمها Caria في آسيا الصغرى  ومن هنا التسمية  العلمية للتين  Ficus Caria‏

 

الاستعمالات والفوائد الطبية:

انتشر استهلاك ثمار التين في بلادنا وعند الفينيقيين والإغريق فأكلوها طازجة ومجففة (قطين) . استعمله الفراعنة  للأكل وفي الطب وذكر في احدى اوراق البردي 47 مرة ضمن الوصفات العلاجية التي استخدم فيها التين كملين للمعدة , كما استعمل في علاج الأمراض الصدرية والقلب ولطرد الديدان من البطن . وكتب عنه أبو بكر الرازي” التين يقلل الحوامض في الجسم ”  واستعمله الرومان والإغريق لعلاج التهابات الفم والحنجرة وغيرها.

تحتوي ثمار التين على مزيج من سكر العنب (جلوكوز/ دكستروز) وسكر الفواكه (فروكتوز) وسكر القصب (سكروز) بنسب متفاوتة يعطي سعرات عالية . فكل100 غرام تيناً أخضر يعطي 70سعرة ، والجاف يعطي لنفس الكتلة 270 سعرة كما وتحتوي على  نسب عالية من أملاح الحديد والكالسيوم والبوتاسيوم والنحاس والفيتامينات – فيتامين A ، B و C . ثمار التين الجافة والطازجة تعتبر مليناً معتدلاً للمعدة، كما وتعتبر وصفة شعبية على شكل شراب لعلاج الإمساك. تدخل ثمار التين في صناعة العرق والنبيذ إضافةً لصناعة الحلويات (المعقد) والمربيات مع السمسم ، الجوز واللوز .

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .