حوار مع الإعلاميّة القديرة وفاء يوسف حاورها: سيمون عيلوطي

 

1

هي إعلامية من أرض الجليل، صوتها يعانق جبال الكرمل الخضراء، قلمها عندما يكتب لا يعترف بالعقبات،ّ ولا يهتمّ باختلاق الأعذار لأنه يريد أن يكتب فقط ، قلمها أمضى من الرّمح وأحدّ من السّيف كما قال العرب قديمًا ..

ذلك كلّه لأن ما تكتبه يصدر عن النّفس .. عن الرّوح .. عن الخاطر .. فيترجم العواطف الجيّاشة في نفسها ويحمل رسائلها من العقل إلى العقل ..وكلماتها المبسّطه بأحلى وأنقى وأرقى العبارات،  تبعث الحس الأدبي، أسلوبه وسحره، فيتفاعل معها المتلقّي  في الكشف عن  سرّ الحياة، لتترك بصمة وأثرًا بالغًا يدفع القرّاء إلى متابعة كل ما تسطّره في صفحات الحياة.

إنّها الإعلاميّة المتميّزة، وفاء يوسف التي التقيتها وأجريت معها الحوار التّالي:

* كيف تحب الإعلاميّة وفاء يوسف، أن تقدّم نفسها لجمهور القراء؟

*أنا من النّاس وللّناس، هكذا أعرّف نفسي. طموحة جدا، حلمي أن أصل بصوتي ورسالتي ونتاجي الفكري والإعلامي إلى كل الوطن العربيّ من مشرقه إلى مغربه ومن شماله حتى  جنوبه. من أسرار الكون استمد قوتي، طاقتي، عزيمتي وإرادتي، أشقّ طريقي عبر جدران الزّمن محتضنة إنسانيتي، حاملة مبادئي وقيمي في الحياة، أصيغ ما أراه وأسمعه في قوالب من صور الكلام .. أعبر عنها بعبارات موزونة رنّانة أنسجها من خلال أفكاري وعواطفي.

لديّ تطلعات تعلو على كل الحكم  والفلسفات.. تعزف خارج حدود الزّمان والمكان. أنا عاشقة للعلم والمعرفة والقلم، الحياة كلّها عندي ليست سوى ترنيمة أسمعها كيفما أشاء, والعالم كله عندي ليس سوى آلة موسيقيّة عظيمة تلامس أوتارها أصابع الجمال وتنقل ألحانها نسمات الحكمة الأبدية.

 

*ماذا تقولين عن بداية مشوارك مع الإعلام؟ وما هو السّبب الذي جذبك نحو هذا الموضوع بالذّات؟

*بدأت طريقي في الإعلام قبل عشر سنوات، إذ طالما  شدّني موضوع الإعلام والصّحافة بشكل كبير، ولطالما تملكني ميل جارف نحوه،  فلا رتابة فيه، لا ملل ولا تكرار، ومع إشراقة شمس كل يوم جديد، هنالك تجّدد وحياة مختلفة يعيشها ويعايشها الإعلامي، فهو سائح يتجوّل بين العصور ويدخل عوالم فسيحة من العلم والمعرفة. يطرق أبوابًا لم يطرقها أحد من قبل، وتأخذه المهنة  في رحلة من التأمّل العميق فى شتّى أمور الحياة، ووفق رؤيتي فالإعلامي بإمكانه أن يمتلك العالم بقبضة يده، ولا أراني أبالغ في هذا القول،لأن للإعلامي كلمة  لها قدرة وقيمة وثقل  وقوة تُحـرّك العالم… وتُثـير الأمــم… وتُـلهب النّاس بالطّموح والحماسة،  فلكلمته قوة جبّارة يجب عدم الاستهانة بها .

 

*من شجّعكِ ومن كان وراء نجاحكِ أيضًا في مجال عملكِ الإعلامي؟

*أمّي وأبي هما الدّينامو الذي يحركني، وهما الجنديان المجهولان اللذان يقفان وراء نجاحاتي وانجازاتي واستمراريتي، فمن أمّي تعلّمت العطاء، ومن أبي تعلّمت الصّبر والعزيمة وعدم الاستسلام، ولا أنسى أختي وأخي فهما أوّل الدّاعمين والمساندين لي، وزوجي أيضًا له دور كبير فيما أنجزته حتى الآن، فانا متزوّجة من محامي ورجل أعمال ولديّ منه ولدان، هما كل حياتي، ناهيك عن سنواتي الجامعيّة التي نلت من خلالها درجة البكالوريوس في موضوع الإعلام والاتّصالات من جامعة أنديانا بوليس في أمريكا. سنواتي تلك، لعبت دورًا كبيرًا ومهّما في تشكيل شخصيتي الإعلاميّة، خاصّة أنني تتلمذت على أيدي كبار المحاضرين والإعلاميين والصّحفيين في البلاد والخارج، تعلمت منهم كيف أجعل من عقلي معملا لإنتاج الأفكار، وأن  أكون خلاّقة ومبدعة في كل ما أقدم، أشخاص كثر للحقيقة لهم كلّ الفضل فيما وصلت إليه، وكل يوم هنالك جديد أتعلّمه في مشواري ومسيرتي الصحفيّة والإعلاميّة، وطبعًا التّوفيق بداية ونهاية من عند الله عزّ وجل. له الحمد والفضل والإمتنان.

 

* بمن تأثّرت الإعلاميّة وفاء يوسف، من الإعلاميّين أو الإعلاميّات؟

*أنا أتأثّر بكل من يقدم مادة جيّدة للمتلقّي، وبكل من لا يستخفّ بعقل المشاهد والمستمع، وأتأثّر بكل إعلامي صاحب مُثل عُليا ومبادئ وأخلاق في المهنة، يتعامل مع الكلمة بأمانة ويسمو بها. أنا أتأثر بكل إعلامي حقيقي ينقل المعلومات للنّاس بأمانة ويعرف كيف يتعامل مع النّاس بلباقة ولطف وتواضع رصين، وبشفافيّة ومصداقيّة وأخلاق عالية، لأن كل تلك الصّفات مجتمعة تشكّل بوّابته  الأولى للدّخول إلى قلوب الناس.

 

* لو طلبتُ منكِ أن تحدّثينا عن تجربتكِ فيقناة الحرّة، ماذا تقولين؟

*كل وسيلة إعلاميّة أعمل فيها، تصبح جزءا فيّ ومنّي، ومن مسيرتي ومشواري. “الحرّة” بالنّسبة لي باتت كذلك: فهي مدرسة تعلّمت من أساتذتها الكثير،  وبفضل عملي في “قناة الحرّة” تعرّفت وتعاملت مع صحفيّين مهنيّين وأكفّاء، مثقفين ويمتلكون خبرة كبيرة  اكتسبوها من كل البلدان والأقطار العربيّة. منهم تعلّمت الكثير الكثير، فكل شخص في “الحرّة” تعاملت معه، وضع خلاصة تجربته أمامي وقدمها لي على طبق من ذهب لاستفيد منها في مسيرتي. عملي في “قناة الحرّة” يحمل في طيّاته أبعادًا إنسانية كثيرة، فقد عشت مع النّاس آلامهم وآمالهم، وتشاطرت معهم أحلامهم، طلعاتهم، أفراحهم وأحزانهم. منهم من أبكتني قصّته وأثرت فيّ كثيرًا، ومنهم من أدخلت قصّته  البهجة إلى قلبي .

في “الحرة” جلت مع طاقمي في كل البلاد، بدءا من الجولان الذي أوجه لأهلنا فيه تحيّة محبّة وتقدير، فهم أهل الكرم والجود، وصولاً إلى النّقب الذي أحني الرأس أمام صمود أهلنا فيه وإصرارهم على التمّسك بأرضهم وحقهم فيها. مرورًا بكل المدن والبلدات العربيّة من حيفا إلى عكا إلى الناصرة إلى الجليل والمثلث بشقيهما ووادي عارة، وإلى أهلي في كل القرى والبلدات العربيّة أبعث تحيّة إجلال ومحبَة لنبل الناس فيها.

نعم: في “الحرة” أنجزت أروع الحكايات وأجريت أهمّ المقابلات التي لم ولن تمحى من ذاكرتي ما حييت.

 

*الإعلاميّة وفاء يوسف، أين تجد نفسها أكثر، في البرامج الإذاعيّة أم المتلفزة؟

*كلاهما سيّان عندي، ,لكل منهما له سحره الآخّاذ. أنا أعشق كلاهما، فالمايكرفون بالنّسبة إليّ حالة عشق، والكاميرا متيمة بها أنا، بيني وبينها كيمياء رهيبة،وللحقيقة فإن وسائل الإعلام سواء المرئيّة أو المسموعة، تحتلّ نفس الوقع والمكانة في قلبي، فهي جزء لا يتجزء من روحي وكياني وليس مهمًا لديّ إن كانت برامجي عبر الإذاعة أو متلفزة، لأّن جلّ ما يهمّني هو أن تكون ذات جودة عالية وأن تصل للنّاس، فيستحسنوها، وحين أقابل بالإطراء عن أي من برامجي، أشعر بأنني فعلا قمت بواجبي الإعلامي، وبالشّكل الأمثل.

 

*ما هي المواضيع والبرامج التي تشغلكِ أكثر من سواها، وما هي أيضًا البرامج التي حين تقديمها، تُشعركِ بأن صداها كان إيجابيًا في نفوس المستمعين أو المشاهدين؟

*البرامج التي تحاكي المجتمع والتي تخاطب الإنسان وتخدمه وتلامسه، والقصص الإنسانية، فهي طالما شغلتني وأخذت من روحي ومن فكري، وجذبتني دونما سواها. القصص الإنسانيّة التي أنجزتها، قدمتها بلا تزييف ولا تجميل، وأعتقد أنني أثّرت في المشاهدين والمتلقين.

تجذبني أيضًا ملفّات المجتمع الشائكة، فهو مليئ بالآفات والمشاكل التي تستوقفني، فما دامت مشكلات العصر الثلاث المتمثلة بالحطّ من قدر الرجل، وتحطيم كرامة المرأة وقدرها وكيانها، وتقزيم الطّفل بالجّهل..ما دامت هذه المشكلات لم تحل وما دام ثمّة اختناق اجتماعي في  بقاع الأرض، وما دام على ظهر البسيطة جهل وبؤس، فإن الحاجة تبقى ملحّة لمعالجة هذه الآفات من خلال طرحها والتّطرق إليها لإيجاد الحلول واستخلاص العبر.

 

*اتجهتِ مؤخرًا للعرافة من خلال تقديم الأمسيات الأدبيّة والنّدوات الشعريّة والحفلات الملتزمة، ما الذي جذبك  إلى هذا الجانب…؟

*بدأت مشواري في العرافة وتقديم الحفلات والأمسيات الأدبيّة، من خلال مشروع كان بعنوان: ” قصص نجاح ” عن المجتمع العربي في البلاد، الذي عملت على إعداده وتقديمه قبل نحو سنتين، وفوجئت بردود أفعال النّاس الإيجابية، وكذلك ما وجدته من إعجاب  رأيته ينعكس على وجوه الحاضرين في كل برنامج أتولى عرافته. من هنا بدأت أفكّر بشكل جدّي لدمج هذا المجال في مسيرتي الإعلاميّة، فبت أقوم بتولّي عرافة الأمسيات ومختلف النّدوات والحفلات ذات المستوى الفني الراقي، مما جعلني أشعر بأنني في مجال العرافة، أضيف لمسيرتي في الإعلام تجربة جديدة عليّ أن أواصلها.

*الرّسالة الإعلاميّة التي تحملها وتبثّها  للجمهور وفاء يوسف، ما هي؟

*السمو بكلمة الحق، ونشيد الحريّة والعدالة الاجتماعية وسيمفونية التقدم البشري نحو الغاية التي عمل من أجلها المصلحون في الأرض في جميع العصور المتمثلة بتحقيق إنسانية الإنسان وإقامة المجتمع الأمثل.  فالإعلامي الحقيقي هو الناقل الأمين للمعلومات وهو الذي يعرف كيف يتعامل مع الناس بلباقة ولطف، وبتواضع رصين وشفافيّة، وبمصداقية وأخلاق، لأن تلك الصفات مجتمعة، تشكل بوّابته الأولى للدّخول إلى قلوب الناس جميعاً.

 

*ما هي مشاريعكِ الإعلاميّة في المستقبل؟

*أنا أعلن ومن خلال هذه المقابلة عن إطلاقي لمؤسسة “الوفا برودكشن” التي كانت مشروع حياتي. من خلالها سأعمل على إنجاز وتحقيق المزيد بعون الله في المجال الصحفي والإعلامي بما يتماشى مع احتياجات النّاس وتطلّعاتهم، والإتيان ببرامج ومبادرات ومشاريع تخدم مجتمعنا العربي في هذه البلاد. من خلال مؤسسة “الوفا برودكشن” أيضًا، انضممت إلى المشروع العالمي “للمكتبة المسموعة” التابع لمكتبة المنارة . لقد أصبحت جزءًا من كادره، وسأعمل على تسجيل أكبر عدد ممكن بصوتي من كتب وروايات، ذلك أن الله عزّ وجل وهبني صوتًا جميلاً يلامس القلوب. أحمد الله على نعمته هذه. لذا ساوظفها وأطوّعها في سبيل الخير وإفادة الغير. ومن خلال مؤسسة “الوفا برودكشن”، أساعمل أيضًا على رفع الوعي في مجتمعنا العربي حول أهمية موضوع الإعلام والصّحافة عن طريق تقديم محاضرات وورشات عمل في المدارس. وبهذه المناسبة، أدعو كل مديري المدارس ومركّزي التّربية الاجتماعيّة والفعاليّات اللامنهجيّة فيها، أن يعتبرونني عنوانًا لهم في هذا الأمر الذي من شأنه أن يرتقى بمستوى وعي الطلاب لدور الإعلام في حياتنا وأهميّته.

من جهة ثانية سأكمل العمل على برنامج روائع الذي يتطرق إلى روائع الأدب المحلّي والعالمي ويتناول في كل حلقة رواية لعظماء كتّاب الأدب وكيف تنعكس رسالتها على حياتنا اليوميّة.  كما سأكمل مشواري في تقديم الأخبار في إذاعة الشمس، فهو عالم أعشقه وفن أتقنه.

باختصار، أطمح لعطاء إعلامي لا ينضب وإنجازات لا تنسى وتميّز لا حدود له، وأن أكون سبّاقة في طرح العديد من المواضيع الإنسانية والاجتماعية وفردًا فاعلاً في سيرورة الثقافة الفلسطينيّة لدى بحثها الدّائم عن مكانها تحت الشمس.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .