عمم نادي حيفا الثقافي،بيانا حول الامسية التكريمية للاديب الشاعر حنا ابو حنا جاء فيه: “في أمسية ثقافية عزّ نظيرها ووسط حضور كبير ومميز ازدحمت به قاعة يوحنا المعمدان في حيفا يوم الخميس 19.01.2017، أقام نادي حيفا الثقافي، أمسية تكريمية للأديب الأريب والشاعر حنا أبو حنا ابن قرية الرينة المقيم في حيفا”.
واستطرد البيان قائلا: “بعد أن استقبل أعضاء النادي الوافدين للأمسية من الأصدقاء والمعارف وأهل القلم والقامات الأدبية وعشاق العربية من حيفا والمثلث والجليل والشمال، اعتلى المنصة مفتتحا الأمسية جريس خوري ممثّلًا عن المجلس الملي الأرثوذكسي الوطني – راعي هذه الأمسيات – فرحب بالحضور واستعرض محطات من السيرة الذاتية للأستاذ حنا أبو حنا. تلاه المحامي حسن عبادي بكلمة منه استنكر بدايةً الهجومَ الشرسَ والاعتداءَ الغاشمَ على أم الحيران وعملية التهجير المستمرة لأهلنا في النقب وسألُ الرحمةَ للفقيد والسلامة َ للمصابين، ثم تحدّث عن نادي حيفا الثقافي ونشاطاته وأشار الى أن النادي أصبح صَرْحًا أدبيًّا راقيًا ودفيئةً حاضنة لكُتّابنا، أدبائنا، شعرائنا ومُبدعينا، بدون رقابة أو تمييز، رغم محاولات بعض المتسلّقين التطاول على هذا المشروع المُميَّز والمُتَميّز ورغم محاولات عرقلته. ونفتخرُ بأنّنا أصبحنا قُدوةً يُحتذى بها في حيفا وخارجها في سبيل الحفاظ على لغتنا العربية، وأضاف: “يشرّفُنا اليوم استضافةُ مَن هوَ من أهل البيت، الذي وافق أخيرًا، وبعد جهدٍ جهيد، تشريفَنا بأمسيةٍ تكريميةٍ تليقُ به، وصف النقادُ الاستاذ حنا بزيتونة فلسطين ، وأسمح لنفسي، وبكل تواضعٍ، أن أصفَهُ بأيقونةِ وبوصلةِ فلسطين الثقافيّة الأدبيّة” “.
دعا بعدها رئيس النادي المحامي فؤاد نقارة ليدير الأمسية ويتولى عرافتها، فاستهل فؤاد كلمته بقوله إننا نستضيف “سنديانة فلسطين” تقديرا ووفاءً لمسيرته الأدبية والنضالية على مدى اكثر من 60 عامًا في خدمة الثقافة والأدب والشعر وقضية شعبنا، وأضاف أنه من الرعيل الأول من شعراء فلسطين البارزين بعد النكبة ممن حملوا وزر النكبة وانطلق في طول البلاد وعرضها يدعو ويحرض ما تبقى من شعبنا في وطنهم، ورغم النكبة، للوقوف مرفوعي الرأس والتشبث في ارضهم ومقاومة سياسة الحكم العسكري، وعندما آثر أغلب المثقفين والشعراء في ذلك الحين “التقية” والتقوقع وعدم المقاومة وقف شاعرنا حنا من على منابر منصات المهرجانات السياسية والشعرية وأعلن موقفه صراحة بوجه المحتل والغاصب بدون وجل ولا مواربة، ضحّى بوظيفته من أجل مبدأ آمن به وسار عليه وأعلنه صراحة حتى أنه كان مستعدا للخروج من حزبه الشيوعي والتخلي عن الحوافز ومغريات المناصب إخلاصًا لمبدئه مع الحفاظ على “الاختلاف وليس الخلاف” مع رفاق الأمس.
ثم جاء: “وفي باب المداخلات قدمت د. راوية مداخلة أدبية بإمتياز فأتحفت الحضور إذ تحدثت فيها عن سيرورة أدب أستاذ حنا بأسلوبها المميز ولغتها الراقية، قائلة إن حنا أبو حنا شق طريقه بحذر وجرأة، عرف ماذا يختار وقرر أن يطور ويحاسب نفسه بعد أن كان يرى انعكاسات قصائده، ففتح الأبواب لقدرته لتقوده. انتقل بسلاسة من الشعر التوثيقي الرمزي إلى الشعر الحداثي. ينوع في المبنى فمن الموزون المقفى إلى شعر التفعيلة. مر شعره بمراحل مختلفة، طلق الرومانسية بعد أن كان توثيقيا يوظف إشارات ورموز ومراوغات تؤكد الحديث أن الشعراء لا يتبعهم إلا الباغون. أعطانا ترابية القصيدة وحول الهموم اليومية إلى قصائد. وعلى خلاف “أنا أفكر إذا أنا موجود” يقول أبو حنا “أنا أشكو إذا أنا موجود”، حيث الوجع هو سر وجودنا. وهو مستعد أن يضحي بدمه لينفض الرماد الرابض على مجامر كرامتنا لتهب النخوة فينا من جديد. أما التناص الديني فكان مرجعيته واتكأ عليه في قصائده. يخلد الفعل والحدث المحلي فيحمل الأماكن على الرموز لتصبح خالدة وصالحة لكل مكان. يحمل على كاهله مسؤولية مجتمع ومسؤولية جيل، فحمّلني وصية أن أولادنا واللغة العربية أمانة. ومن موقعي أقول قر عينا أبا الأمين وقد تعمدنا من طهر عطائك. دُعي بعدها إلى المنصة الطالب مروان محمود سرية فألقى قصيدة للشاعر أبو حنا بعنوان (طفل من شعبي) فألهب أحاسيس الحضور بإلقائه الجهوري واعتداده بنفسه وسلامة لغته كيافع في مقتبل العمر وأشار فؤاد أن مروان أصغر عضو سنا في نادي حيفا الثقافي وهو مثال للطالب المجتهد العاشق للغة الضاد قارئ نهم وفخر لوالديه محمود وخلود ومثال يحتذى به.
وأما المداخلة الثانية فقدمها الأستاذ حنا الحاج، مدرّس للغة العربية في مدرسة مار إلياس الثانويّة وباحث في اللغة العربية وآدابها، تناول في مداخلة مشوقة له، شعر الأطفال لدى الأستاذ حنا أبو حنا وبعضًا من الإطلالات على سيرته الذاتية (ظل الغيمة، مهر البومة، خميرة الرماد). تلته الشاعرة فردوس حبيب الله فألقت بدورها قصيدة لحنا أبو حنا كانت قد أُلقيت في الذكرى الأربعين لوفاة حنا نقارة-محامي الأرض والشعب. قدم بعدها الزجال حسام برانسي ابن الرينة فقرة زجلية استحسنها الحضور. ثم الشاعر فرحات فرحات حيث قرأ فقرة من كتابه “ريترو” محطات من سيرته الذاتية مع أستاذه حنا أبو حنا. لتكون فقرة زجلية أخرى مع الشاعر الزجال شحادة خوري ابن قرية أبو سنان تفاعل معها الحضور. وليكون الختام مسكا، لا بد لكلمة المكرم الأستاذ حنا أبو حنا، فعبر عن تأثره العميق بأمسية التكريم المميزة هذه، قائلا إنها ستبقى في ضميره. فشكر الحضور والمشاركين والمسؤولين في النادي الثقافي على هذا التقدير، آملا أن ننشئ أجيالا جديدة مرتبطة بالوطن تعمل كل ما بوسعها من أجل مستقبل هذا الشعب وهذا خير ما يمكن أن يكافأ به. هذا، وقام مُمثلا ديوان العرب – الكاتب عادل سالم والشاعرة آمال عواد رضوان -بتسليم المُحتفى به درع الديوان ، وكذلك تسلّم درعًا من الكاتبة عايدة خطيب وابنتها الدكتورة جهينة”.
وانتهى البيان الى القول: “وبتسليمه الدرع التكريمي الذي كُتِب عليه من كلمات الشاعرة فردوس حبيب الله بإيحاء من عناوين كتب الأستاذ حنا “غيمةٌ ألقتْ ظِلّها حُبّا وعطاءً فوق كلِّ من استجار بها من حَرِّ الحياةِ وصحرائها وخميرةٌ تمرَّدتْ على رمادها، جعلتْ من خبزِ الحياةِ ملحمةَ حبٍّ يرفضُ فيها العاشق لأرضهِ ووطنِهِ أن يدفع للبومةِ مهرَها” على يد كل من المحاميين فؤاد نقارة وحسن عبادي، وممثلين عن المجلس الملي الأرثوذكسي، المحامي كميل مويس وجريس خوري أسدل الستار على أمسيتنا محملة بالكثير من مشاعر الانفعال والتأثر والتقدير والإعجاب من الحضور كافة. ومن الجدير بالذكر أنه رافقت الأمسية عارضة مُحَوسبة تشمل مراحل ومحطات من حياة المحتفى به وأشعار مُغنّاة للشاعر حنا أبو حنا. وأمسيتنا القادمة يوم الخميس القادم 26.01.2017 مع الكاتب الفلسطيني عاطف أبو سيف وروايته (الحاجة كرستينا)”.