علم موقع الوديان ان الحاج محمود دغش (89) عاما توفي متأثرا بجراحه جراء حادث طرق بين سيارة خصوصية ومركبته الكهربائية عصر اليوم الجمعة على الشارع الرئيسي في ديرحنا ..
وفي هذا الصدد قالت المتحدثة باسم الشرطة: ظهيرة اليوم الجمعة بالشمال على شارع رقم 805 قرب مدخل بلدة دير حنا وقع حادث طرقات تخلله اصطدام ما بين مركبة خصوصية يقودها سائق بأواسط الثلاثينات من عمرة من شعب واخرى مركبة متحركة خفيفة “كلنوعيت ” مسفرا عن اصابة مستقل الاخيرة مسن من دير حنا وعلى ما لاح اوليا طفيفا احيل على اثرها للعلاج بالمستشفى في بوريا بمنطقة طبريا الا انه اعلن مساء اليوم عن وفاته.
هذا وتواصل الشرطة التحقيق بكافة التفاصيل والملابسات وبما شمل التحقيق مع سائق المركبة الضالع.
تجدر الاشارة الى أن محرر موقع الوديان كان قبل حوالي 8 سنوات قد اجرى لقاءً صحفيا مع ابي حاتم ونشرته صحيفة “الاتحاد” يوم الجمعة 21/8/2009 ومع هذا الخبر المُحزن والمُؤسف نعيد نشر المقابلة للتعريف بالتاريخ المُشرف لهذا الرجل.
برز دور شيوعيي عيلبون عام 1948 وهم يوزعون المناشير ويحثون أهالي لوبيه وصفورية ونمرين وغيرها على العودة، وأن ترك البلاد لأسبوع أو بضعة أسابيع هو مؤامرة محاكة بين الصهيونية والرجعية العربية وبعض القيادات المغفلة
*اجرى اللقاء مفيد مهنا – محمود نمر دغش من دير حنا الجليلية هو الآخر معروف بأبي حاتم يقول بأن الحزب الشيوعي في هذه البلاد يكبره بحوالي 10 سنوات فهو من مواليد 1928. وكثرا ما تجده في المناسبات الحزبية والوطنية المحلية مرتديا الكوفية والعقال يتصدر المظاهرات ومهرجانات أول أيار ويوم الأرض.. يلقي القصائد والخطب الحماسية ويقول بأنه لا يبحث عن الأضواء بل واجبه الحزبي الوطني يدفعه لأخذ دوره..
وعن كيفية انضمامه للحزب الشيوعي قال: كانت تصلنا أخبار جرأة رفاق قرية عيلبون المجاورة قبل سنة 1948 لكن في هذه السنة المشؤومة برز دورهم وهم يوزعون المناشير مُعرضين حياتهم للخطر متصدين لترحيل، يحثون الناس، من لوبيه وصفورية ونمرين وغيرها للعودة الى بلدانهم قائلين: ما ترك البلاد أسبوع او بضعة أسابيع ليست أكثر من مؤامرة محاكة بين الصهيونية والرجعية العربية وبعض القيادات المغفلة، في وقت عانت فيه قريتهم عيلبون من مجزرة ارتكبتها القوات الصهيونية وراح ضحيتها بدم بارد 14 مواطنا، بإشارة من الأصبع وثم الرمي الجماعي بالرصاص.
الجيش الإسرائيلي دخل دير حنا وقاموا بتفجير بيت سمعان شوفاني ومن ثم ضربت الطيارة في قرية المغار المجاورة (شمال البلد). لكن معظم الذين تركوا دير حنا عادوا الى بيوتهم، ويعود الفضل بالكثير من هذه المواقف لتلك المناشير التي كانت تتسرب من عيلبون الى دير حنا .
أما بالنسبة لتأسيس الحزب الشيوعي في القرية فيعود، على ما أذكر لعام بعد النكبة، وذلك عن طريق قريب اسمه سليمان حسين (ابو أكرم) كانت تربطه علاقة صداقة بعائلة زريق العيلبونية وعن طريقه كوّنا خلية للحزب الشيوعي. لكن اول من قدم (طلب انتساب) للحزب، الداعي محمود دغش. والخلّية تألفت بالإضافة لي من نايف يوسف حسين، وعوض حمود وسليمان حسين، وبقينا على علاقة مع رفاق عيلبون وكان أحيانا يزورنا منعم جرجورة وأحيانا أخرى سليم القاسم سكرتير منطقة الناصرة. الى ان تم، بعد 3-4 سنوات، ترفيعنا للحزب.
في تلك الفترة، أي بعد قيام الدولة، كان الحكم العسكري في أوجه، فأخذنا نتواصل مع الناس، وحثهم على مقاومة الظلم وعدم السكوت.. حيث كانوا يلاحقون الفلاح و”راعي العجال”، هنا يحجزون على بقرة وهناك يصادرون “تنكة” زيت بحجة عدم دفع الضرائب، وآخر يخصمون من منتوج معيشته كذا كيلو دخان (تبغ)، وما الى ذلك من منع تجول وملاحقة لمجرد قراءة الاتحاد، والتحقيق مع الناس حول دفتر ورق – (مهرّب) – لدخان الحل. وغير هذا من ملاحقات وممارسات قمعية، وبدورنا كنا نسرب اخبارها للنشر في الاتحاد.
استطيع القول، أن حتى سنة 58 كان نشاطنا اعتياديا والفرع دخل في مد وجز، وكباقي الفروع قمنا بواجبنا كشيوعيين، في وقت كان فيه الحكم العسكري يعمل على تدجين العرب فتصدى الحزب، بمناشيره واجتماعاته وأعضاء الكنيست وكل الوسائل الممكنة لتلك المحاولات. لكن السلطة، وبمناسبة مرور عشر سنوات على قيام الدولة، وبعد إجراء “بروفات” على أولادنا الصغار في المدارس، أرادت إظهار العرب، وهم يقيمون حلقات الدبكة ويرقصون ويتغنون أمام وسائل الإعلام المحلية والعالمية بالاحتفالات المختلفة بهذه المناسبة. إلا ان “العتمة لم تأت على قد يد الحرامي”، إذ في مظاهرة أول أيار سنة 58 في الناصرة بدل ان تصوّر تلك الكمرات، وتكتب الأقلام ويتباهى المذياع الإسرائيلي وغيره برقص العرب وزغاريدهم بـِ”عيد الاستقلال”.. فالبعض “سد بوزه”، والبعض الآخر صوّر وكتب وبث المواجهات مع الشرطة وحرس الحدود وكيفية مرغ انفهما بتراب تلك المظاهرة المشهودة في تاريخ شعبنا الفلسطيني في هذه البلاد.
خلال تلك المواجهات وبعدها تم اعتقال حوالي 450 شخصا منهم 16 من دير حنا؛ ومن جهتي، “مزطت بريشي” متنقلا من بلد لآخر مشيا على الأقدام عبر الوعر، في وقت تم سجن ابن بلدنا المرحوم احمد يوسف الشحادة، ستة أشهر، بعد ان وشى به زورا احد العملاء، مع العلم ان هذا المواطن لم يشترك بالمظاهرة ولم يتواجد في ذاك اليوم في الناصرة.
أذكر، بعد تلك الأحداث بسنتين او بثلاثة جاء الرفيق توفيق طوبي بسيارة “توزوطو” وعليها مكبر صوت صغير وعقدنا اجتماعا في “المراح” بوسط البلد وحضره 4 ـ 5 رفاق، توفيق طوبي خطب ضد الحكم العسكري ومظالمه، ولم تمر أيام حتى اعتقلونا وقدمونا للمحكمة بتهمة عقد اجتماع تحت قبة السماء! وحكموا علينا، إما دفع 100 ليرة او شهر في السجن. من جهتي فضلت السجن على الدفع فالحالة لم تكن ميسورة والشغل قليل. لكن بالكاد مر أسبوع على سجني حتى اقترضت “ام العيال” المبلغ وقامت بدفعه وخرجت من السجن.
ثم انتقل الرفيق دغش للحديث عن محاولات إغرائه لترك الحزب خلال عمله في ورشة للبناء في حيفا فقال: أمام موقفي الصارم و”فركشة” محاولاتهم لثنيي عن طريق الحزب وفضح طلب مساعدتهم فقاموا بطردي من الورشة.. فتوجهت للعمل بفرعها في كفار اتا، خاصة وان مدير العمل هناك رفيق يهودي معروف باسم داني، ورفيق آخر من الناصرة اسمه أديب شُرُّش، ومسؤول بلغاري الأصل اسمه لويا، منتميا الى حزب مبام. فاستقبلوني بالترحاب وعملت حوالي الشهر بأجرة أفضل، الى ان لحقت بي المخابرات الى هناك واخذوا يسألون عن خروتشوف (كان البعض يناديني بهذا الاسم) وحاولوا مرة اخرى، لكنهم وجدوني صلبا أكثر من حديد جبالة الباطون التي كنت اعمل عليها.. ثاني يوم نزلت الى حيفا ونشرنا الخبر في الاتحاد.. وفي نهاية الأمر وأمام ضغط المخابرات جاء صاحب العمل وقال لماذا تحاول ان تعمل مع “المتسللين”! فقلت له اسأل من يحاول استدراجي للعمل مع المخابرات. لكن إصابة عمل مكتوب سبقت بلاغ الفصل من العمل حذت بي لترك الورشة.
بعد سنة 67 جرى تحول كبير لصالح الحزب في دير حنا حيث استلمنا جمعية المياه، وأصبحتُ سكرتيرا للجمعية، والرفيق سليمان حسين أصبح عضوا في الإدارة بالإضافة لبعض الأصدقاء، ومن خلال موقعنا، عملنا على تنظيم الجمعية والقضاء على المحسوبية المتفشية، فزادت الثقة بنا كشيوعيين.
وعلى ضوء هذه المهام وغيرها من نشاطات بدأت اجتماعاتنا تأخذ الطابع الجماهيري، واستطعنا خربطة توجهات بعض رجالات اللطة حيث ساهمنا في إيصال الشوارع الداخلية لأكثر من حارة احدهم وجمعنا أمولا أكثر مما جمعوا، وراح “فالصو” التحريض بأن الحكومة لا تعطي زفته (أسفلت) اذا اشترك الحزب في جمع أثمنها.
هذا غيض من فيض الحديث مع الرفيق دغش حيث مر على ذكر أصدقاء الحزب والكثير من الذكريات الجميلة وأحداث يوم الأرض وقال، “أول ما ولعت في دير حنا”.. ثم مر على تأسيس الجبهة وما لازم ذلك من مدٍّ ونشاطات.. ارفقها ببعض التذمر من أوضاع هذه الايام وحنينه لأيام زمان، والالتزام، يوم كان يذهب الى عيلبون او المغار مشيا على الأقدام لحضور اجتماع حزبي.
قاطعته: “لا تنسى يا أبا حاتم ان الرفيق رجا خطيب هو رئيس مجلس دير حنا المحلي”. فأجاب: “عَ سلامته أبو صالح”.