يكمن عملًا بالقول ” أنا خصني بيتي وبس”
حبة البندوره الفاسدة داخل الصندوق تفسد الحبة التي بجانبها.. المُربون والمثقفون لا يقومون بواجبهم اتجاه مجتمعهم
كثرت حوادث الإجرام في الفترة الأخيرة في قرانا ولأتفه الأسباب، هذا في حين أن البعض منا أعتقد في السابق بأن قرانا محصّنة وان مجتمعنا مجتمع مؤمن وان أمور كهذه بعيدة عنا كل البعد ولكن ما يحدث اليوم هو أننا نسبق غيرنا في الكثير من الأمور السلبية، الكثيرون لا ينظرون إلى الأمور نظرة موضوعية وكل يقول:- أنا خصني بيتي وبس” وهنا يكمن الخطر الأكبر إذ أن مصلحة المجتمع.. أي مجتمع مرتبطة ببعضها البعض وقد قال مثلنا الشعبي.. (والمثل الشعبي عادة ما يكون عبارة عن خلاصة تجارب حياة) إذا كان جارك بخير فأنت بخير.. وقد أوصى الحكماء والرسل الكرام بالمحافظة على الجار لسابع جار، وعندها تكتمل الحلقة وينصهر المجتمع في بوتقة واحدة مملوءة بالمحبة.
أن العمل وفقًا بالقول:- “انا خصني بيتي وبس” يعبر عن أنانية.. عن غباء وقصر نظر.. وهي لا تمت حتى إلى المصلحة الفردية بأي صلة.. هي أساس البلاء والانحراف في مجتمعنا، لأننا لو نظرنا إلى الواقع وما يحيط بأولادنا نجد أن تأثير البيئة على أولادنا أكبر من تأثير الكثير من الأهالي على أولادهم إذ أن ما يقضيه التلميذ مع أولاد صفه داخل المدرسة وخارجها أكثر مما يقضه مع أهله وخاصة والده نظرًا لظروف العمل والتزامات أخرى، من هنا يجب أن نهتم ونحرص على جودة الأجواء العامة لأنه لا يمكن أن ينشأ أبننا معافى من الشوائب الاجتماعية إذا عاش وسط أجواء غير صحية. من هنا نقول جازمين بان مصالحنا الحياتية العامة مرتبطة ببعضها البعض ويجب أن لا نتهرب من المسؤولية تقاعسًا تحت حجة ” أنا خصني بيتي وبس” خاصة وأننا ندرك جيدًا بان حبة البندورة الفاسدة داخل الصندوق تفسد الحبة التي بجانبها.
من ناحية أخرى هناك من يعمل وفقا للقول:- “ابنك لا تعلمه الدهر بعلمو” وهناك من المثقفين من يعتمد على قول جبران خليل جبران:- “أولادكم ليسوا لكم إنهم أبناء الحياة” “أولادكم خلقوا لزمان غير زمانكم” إلخ…
وهنا يكمن الخطأ الشديد في فهم ما كتبه جبران الذي لم يقصد المعنى الحرفي لما كتبة وإنما أشار إلى واجب تفهم الابن بدلا من فرض الإرادة عليه.. وعمليًا يجب إرشاد الطفل في مرحلة من حياته بل مرافقته حتى سن البلوغ مرافقة دائمة لان الفراغ قد يجنح بخياله إلى عوالم خطيرة.
إن ما يحدث في مجتمعنا يجب أن يقض مضاجعنا ويدفعنا نحو العمل بغيرة متفانية من أجل مصلحة المجتمع ككل بعيدًا عن الأنانية الحمقاء، فكلنا بدون استثناء مسؤول عما يحدث، لذلك يجب أن نتحد ونرمي بثقلنا معا من أجل من جئنا بهم إلى الحياة.. نقول كلنا ولا نستثني أحد.. القيادات الدينية والزمنية إذا وجدت.. المجالس.. المربين.. يجب وضع منظومة أمان اجتماعي تضمن تعزيز القيم الأخلاقية لترقى بروح الفرد وتجعله يتصرف بوحي من هذه القيم. إن هؤلاء الأولاد جميعا هم أولادنا ويجب أن تكون رسالتنا شاملة لنحتضنهم جميعا لإيصالهم إلى بر الأمان.
إن التربية على الأنانية وحب الذات.. الفراغ والبطالة.. التسكع في الشوارع بدون هدف هي المسببات الأساسية للانحرافات والجريمة التي نراها اليوم تستفحل في قرانا..
إننا ما زلنا نذكر وعود العديد من رؤساء المجالس المحلية ببناء النوادي في الأحياء.. وخلق فرص عمل للشباب والصبايا.. إن هذه الوعود تبخرت مع جلوسهم على الكرسي.. كما أن المراكز الجماهيرية لا تقوم بالنشاطات والفعاليات اللازمة إلا ما ندر، وكان هذه المراكز بنيت من أجل توظيف عدد من الأقرباء لشرب القهوة ومهاتفة الأصدقاء وحين تقام ندوة بين الفينة والأخرى تسبق الندوة كلمات عديدة كلها تثني على جهود الرئيس وكان مجرد إزاحة قشة عمل نضالي كبير.. مما يقزز النفس وبالتالي تصبح هذه الفعالية مجرد دعاية للرئيس الأمر الذي يدفع الجمهور إلى عدم حضور والاشتراك بمثل هذه الفعاليات
كما أننا لا نرى المربين يشاركون في الفعاليات الاجتماعية والثقافية وهنا لنا عتب كبير على هؤلاء الأخوة فالعملية التربوية لا تتوقف في المدرسة وعند تقاضي المعاش، إن من واجب المربين الحضور وحث طلابهم على المشاركة في كل الفعاليات التي من شأنها أن تفيد وتصقل وعي ونفسية الطالب وتزيد من الألفة والمحبة بين أبناء المجتمع الواحد وبالتالي تبعد الظواهر السلبية على أنواعها.. أننا نطالب بتكثيف الفعاليات لتغدو هذه المراكز – خلية نحل – فعالة مجنية ومحبة لننطلق إلى الأمام.