نظّم مجمع اللّغة العربيّة في الناصرة السّبت الماضي، احتفالا خاصًا لمنح “جائزة المجمع للإبداع” التي فاز بها الأديب محمد نفاع، ولتوزيع المنح الدراسيّة المخصّصة لطلاب الدكتوراة والماجستير.
أقيم الاحتفال في فندق “جولدن كراون” في الناصرة بمشاركة جمهور واسع حضر من الناصرة ومن مختلف القرى والبلدات العربيّة، برز من بينهم إضافة إلى “الفائزين”، كوكبة من الشّخصيّات الأدبيّة، التّربويّة، ومحبّي اللّغة العربيّة وآدابها.
تولّى عرافة الاحتفال عضو المجمع الدكتور عبد الرحمن مرعي الذي رحّب بالحضور، وأعلن أن لجنة الجائزة في المجمع المكوّنة من: البروفيسور محمود غنايم، البروفيسور مصطفى كبها، الدكتور نبيه القاسم، الدكتورة راوية بربارة، البروفسورة نداء خوري، منحت “جائزة مجمع اللّغة العربيّة للإبداع” لهذه السّنة للأديب محمد نفاع، وذلك تقديرًا لمسيرته الأدبيّة والثقافيّة، ومساهماته في حفظ الترّاث واللغة العربيّة.
ثمّ دعا رئيس المجمع، البروفسور محمود غنايم لافتتاح هذا الحدث الثّقافيّ الذي يتزامن مع احتفاء منظّمة اليونسكو باللّغة العربيّة، وإدراجها ضمن اللّغات الرّسميّة.
استهلّ البروفسور غنايم كلمته بأن “التّعقيبات التي وصلت للمجمع في الأيام الماضية حول محمد نفاع وأدبه هي مما يثلج صدورنا، ويؤكّد أن اختيارنا كان في محلّه حقَا، فمحمد نفاع كاتب ملتزم بكل معنى الكلمة: للأرض والتّراث واللّغة. كاتب التصق بالأرض ورضع من حليب الوطن وترعرع بين الجماهير الكادحة والبسيطة، فجاء أدبه مرآة صادقة لعذابات الناس الكادحين. وبهذا استحق جائزة المجمع للإبداع لعام 2016”. ثمّ أعلن أن المجمع سيخصّص في السنين القادمة جوائز للمبدعين الشّباب، وسيوزّع اهتمامه على عدّة محاور وأنواع أدبيّة، من قصّة ورواية وشعر وأدب أطفال وغيرها، وأضاف: “المجمع جعل هذا الاحتفال مزدوِجًا ليضمّ كوكبة من الشّباب والشّابات الذين أخذوا على أنفسهم أن يكملوا مشوار اللّغة الطّويل، وما أحوجهم إلى التّكريم، فلهم منّا كلّ المحبّة والدّعم”.
ثمّ ألقت الدّكتورة راوية بربارة كلمة باسم لجنة جائزة الإبداع في المجمع، جاء فيها: إن مسوّغات اختيار الأديب محمد نفاع للفوز بهذه الجائزة التي تقدّم لها عشرون مبدعًا ما بين ناقد وأديب، يرجع إلى عدّة اعتبارات، منها: امتيازه بمسيرة أدبيّة طويلة، تطوّر من خلالها، وطوّر آليّاته، وآليّات القص والرّواية وقدّم للأدب الفلسطينيّ والعربيّ إبداعًا باقيًا سيذكره التّاريخ. وأشارت إلى أن مسيرة نفاع الطّويلة لم تكن أدبيّة فقط، بل هي مسيرة اجتماعيّة، سياسيّة، مسيرة عطاءٍ لأهله وناسه ومجتمعه، ولم يؤخّره كلّ ذلك عن الإبداع الحقيقيّ الذي حافظ فيه على الموروث الشّعبيّ الفلسطينيّ، وعلى الموروث الحضاريّ، وعلى الموروث الجغرافيّ/ البيئيّ التّاريخيّ الخاص بفلسطين. كما شكرت مجمع اللّغة العربيّة على هذه المبادرة التي تستحق التقدير.
بعد ذلك، قدّمت لجنة التّحكيم للأديب محمد نفاع “جائزة المجمع للإبداع” بقيمة خمسةٍ وعشرين ألف شيكل جديد، إضافة إلى منحه شهادة تقدير لعطائه الأدبيّ المميّز.
من جانبه، فقد شكر الأديب محمد نفاع مجمع اللّغة العربيّة على تكريمه ومنحه هذه الجائزة التي جاءته من مجمع له دوره الأكاديمي البارز، يُشرِف عليه أساتذة لهم بصمة ناصعة في أعلاء مكانة اللّغة العربيّة وآدابها، موضَحًا بأنه وظّف ضمن إمكانيّاته التّراث الشعبيّ الفلسطينيّ في أدبه، متأثرًا بالحياة القاسية التي عاشها في طفولته. وقد ذكر المشاهد المأساويّة التي شاهدها سنة 1948، للنّازحين من أبناء شعبه أثناء مرورهم من قريته، بيت جن، وإعجابه بالزّجل الشّعبيّ الذي يعبّر عن هموم الناس وآلامهم، وبأنّه استفاد من هذا التّراث الغنيّ الذي انعكس بشكل أو بآخر في معظم أعماله الأدبيّة. واعتبر أن هذه الجائزة بقدر ما شرّفته، إلا أنها أتعبته، ذلك لأنّها زادت من مسئوليّته في تطوير أدواته الأدبيّة، وتحسين أدائه الإبداعيّ، مؤكّدًا أن هذا ليس باليسير، لكنّه سيواصل مشواره مع الثّقافة والأدب، ولا يطمح إلى أكثر من أن ينال أدبه إعجاب الجمهور.
أما الناشطة الثقافيّة رنا صبح، فقد قدّمت في هذا الاحتفال كلمة مثّلت فيها الطّلبة الذين حصلوا على منح دراسيّة، وممّا قالته: “باسمي وباسم زملائي طلاب الأكاديميّة العالية، أوجّه التحيّة وأهديكم محبّة تتوق إلى تعزيز مسيرتكم نحو الارتقاء باللّغة العربيّة، وبالمجتمع العربيّ، وإذا كنّا نلتقي في هذه المناسبة الثقافيّة لمنح جائزة الأدب وتوزيع منحٍ لطلاب الألقاب العالية في الجامعات، فإنّما نحن نلتقي لنؤكّد القيم التي قام عليها هذا المجمع من عطاءٍ وبذلٍ وإصرار… فالشّكر لرئيس وأعضاء المجمع الذين يرون بدعم طلاب المعاهد والجامعات، ضرورة ملحّة تمكّنهم من مواصلة تعليمهم ومن ثمّ دخول باب الحياة”.
في نهاية الاحتفال قامت لجنة المنح في المجمع المكوّنة من: البروفيسور محمود غنايم، الأستاذة خولة سعدي، والدكتور نزيه قسيس، ومدير المجمع الأستاذ محمود مصطفى، بتوزيع المنح لعام 2016 على الطلاب الفائزين بها، وقد حصل عليها ثلاثة عَشَرَ طالبًا يدرسون في مختلف جامعات البلاد للدّكتوراة، وأربعة عشر طالبا يدرسون للماجستير.