طريق الغد بقلم: مالك صلالحه – بيت جن

%d7%9c%d7%9b%d7%99%d7%93%d7%94

منذ ايام قليلة زارني صديق فوجدني منكبا على القراءة فبادرني بالسؤال – مالي اراك يا صديقي كلما جئت لزيارتك ارى طاولتك مليئة بالكتب والمجلات لأجدك منشغلا اما بالكتابة او بالقراءة؟!

فابتسمت واجبته – وهل هناك الذ وامتع من ذلك !؟ ام انك نسيت ما كنا قد تعلمناه في المدرسة  عما انشده شاعر الشعراء المتنبي  رحمة الله عليه : 

اعز مكان في الدنيا سرج سابح  وخير جليس في الزمان كتاب

اوليست الكتابة والمطالعة افضل من “الدواوين الفارغة والقيل والقال واستغابة الناس وسمع الاكاذيب والدعايات وتلفيقات التهم وفلان قال وعلان قال وفلانه عملت وفلانه سوت وووو ”  ولذا الاجدى ان تلزم بيتك لكي لا تحمل ذمتك مما تقول او تسمع  والا تخرج الا عند الضرورة فالمثل يقول – الوحدة عبادة – وافضل ما فيها التفرغ لعبادة الخالق او كتابة شيء يفيد المجتمع او مطالعة كتاب تستزيد منه حكمة ومعرفة فتُفيد وتستفيد ” فابتسم لي واجاب – الحق معك يا ريتني كنت مثلك “.

وسألني عن مدى السرور الذي يبدو على محياي من الكتاب الذي بين يدي فأجبته –

انا فخور بتلميذي  النجيب والمجتهد سابقا  ما زال وصديقي ورفيقي اليوم المربي  مسعد خلد الذي اختار طريق الادب والكتابة والتأليف حيث اهداني كتابه الاخير – طريق الغدير- حيث طرت فرحة به كما يطير الطفل بالفرحة عندما يهديه احدهم هدية جميلة او دمية يتسلى بها وتدخل البهجة الى نفسه خاصة يوم العيد

فكتاب مسعد هو الخامس من سلسلة الكتب التي اصدرها  تباعا – الماعوص – صور من الواقع -1998/ بصارة وبراجة- مسرحية -2001/ الفاعلة التاركة – مسرحية -206/ حارة العزامية –صور من الواقع – 2008 –

 فابو مروان مسعد مربي ومعلم نشيط ذو ضمير دمث الاخلاق وصديقا وفيا في زمن امسى الوفاء عملة نادرة ! فهو كاتب وقصصي له اسلوبه المميز والسلس الذي يشدك لقراءة ما يكتب منذ الوهلة الاولى وجاء في زمن اخذ الناس يبتعدون عن القراءة والمطالعة والكتابة وانصرفوا الى وسائل الاعلام الالكترونية كالتلفزيون والحاسوب والتابلت والبلفون والالعاب الإلكترونية كالاكس بوكس وغيرها – فاصبح الكتاب مكانه الرف او المكتبة العامة يشبع نوما حتى تأتي يد تيقظه من سباته لصدق فينا القول- امة تقرأ لا تقرأ – في زمن بدأت اللغة العربية تفقد من مكانتها رويدا رويدا  حيث اخذت اللغة العبرية تتسلل الى ثناياها لتصبح لدى الكثيرين لغة جديدة هجينة عربية عبرية كلغة الايدش عند اخوتنا اليهود المهجنة من العبرية والالمانية. 

وبعد انصراف صديقي تابعت بشغف قراءة مجموعته هذه فشدني منذ البداية طلاوة الاسلوب والصور الواقعية التي يرسم بها احداثها بكل جمالية وسلاسة لألمس مدى المامه بتفاصيل اسماء مواقعنا الجغرافية ونباتاتها كيف لا وبيت جن تقع وسط اجمل محمية طبيعية في البلاد الاو هي محمية جبل الجرمق – ميرون- 

فقد كان موفقا في اختيار – طريق الغدير- عنوانا لمجموعته  هذه الطريق التي سلكها ويسلكها الفلاحون في الذهاب الى حقولهم وكرومهم وصير قطعان الماعز لجني الخيرات وهي الطريق التي سلكها في مضى اهلنا واجدادنا الى ارض الخيط التي صودرت وضاعت بفضل المتآمرين من السماسرة  والعملاء وبعض المتنفذين والمتعاونين من اهالي القرية.

ومن خلال قصصه ونوادره يسرد قصصا حدثت مع اهالي القرية تصف مواقف عز وكرامة يفتخر بها الناس كما في قصة-  يا هلا بضيف الرحمن – التي توثق حادثة صلح بين عائلتين من جث المثلث كانت لجان صلح كثيرة قد باءت بالفشل من اصلاح ذات البين بينها الى ان ذهب وفد من قرية ميرون الصديقة بزعامة  المرحومين مختارها محمد العبد كعوش وصديقه ورفيق دربه آنذاك المختار علي يوسف اسعد حيث فشلت وساطتهم في البداية ولكن عندما لامهم مختار مارون على عدم احترامهم لوفادة ضيفه من بني معروف سرعان ما تراجع اهالي الفريقين عن موقفهم وقبلوا الصلح اكراما لضيفهم المرحوم ابو كنج علي اليوسف الاسعد من  قرية  بيت جن المعروفية الدرزية. 

كما تحتوي المجموعة على معلومات جغرافية عن اسماء مواقع ونباتات وتفاسير لأسماء قرى ومدن يتداولها الناس دون ان يفهم الغالبية المعنى من ورائها كالكابري وعكا وغيرها كل ذلك من اجل ان يُثري مخزون القارئ بالمعلومات الشيقة والمفيدة حفاظا على الا تندثر وتطويها يد التاريخ .

كما تحدث عن حسن الجوار الذي كان يسود بين القرى والطوائف المختلفة والمشاركة في المناسبات السارة والحزينة  كما كان الحال بين اهالي بيت جن واهالي صفد من بيت عابو الذين كانوا يدعون اهالي بيت جن للمشاركة في اخراج كتاب التوراة والسير به في مسيرة احتفالية من صفد الى قبر الرابي شمعون بار يوحاي في ميرون كل سنة في عيد الصديق الذي يدعى عيد( لاغ بعومر) بالعبرية تاريخ وفاة الرابي  والتي انقطعت للأسف منذ سنوات الستين من القرن الماضي لأسباب ربما سياسية او اجتماعية ؟!

كما يؤرخ  لأحداث لا تزال عالقة بأذهان المعمرين ممن عايشوها اما جيل اليوم فلا يفقه معناها مثل سنة الجراد وسنة الثلجة الكبيرة وسنة الهجيج عام 1948 التي اصبحت علامات فارقة في التأريخ لبعض الاحداث  ففي سنة الهجيج يؤرخ لما حدث مع اهالي القرى التي هُجّرت او نزحت وكان لأهالي القرى الدرزية المعروفية الدروز الدور البارز في استضافة الاف المهجرين والنازحين في طريقهم الى اللجوء في الدول المجاورة وقد كان لبني معروف ايادي بيضاء  في ابقاءهم في قراهم كما حدث في المغار وفي ارجاع العديد من الاهالي لقراهم كما حدث مع اهالي قرى الشاغور (نحف دير الاسد والبعنة ومجد الكروم) الذين عادوا لبلداتهم بفضل ال معدي من يركا وغيرها وغيرها ومن يريد المزيد  فليعود لكتاب العلامة والباحث القدير الدكتور  شكري عرف في كتابه – لمسة وفاء- وابناء الشاعران المرحومان ابو سعود الاسدي وابو غازي  واهالي قرى الشاغور خير شّهّاد. 

اما في القسم الثاني فيسرد الكاتب قصص ونوادر تقف وراء مقولات او امثال يتداولها الناس دون ان يعرفوا من اين جاءت وما كان الحدث خلف قولها – كالعيرة موكل فيها ابليس – هاي مش رمانه هاي قلوب مليانة – الاعرابي ان زارك رش كرسنة باب دارك – خربطنا نبلش – واصبع زاهر – الى ما هنالك من نوادر وطرائف مما تدخل البهجة والسرور الى قلوب ونفوس القراء. 

واخيرا اترك للقراء متعة  الابحار في عباب الكتاب لسبر اغوار قصصه ونوادره التراثية ولأشد على ايدي صديقي واخي وزميلي ابو مروان مسعد لأبارك له هذا المولود الجديد على امل اللقاء به في ابداعات اخرى ان شاء الله. 

 

 

 

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .