الثائر الذي تحدى 11 رئيساً أميركياً نجا من مؤامرات لا تحصى لاغتياله بلغت رقماً قياسياً من 638 محاولة بحسب موسوعة غينيس.
وقد استندت الموسوعة إلى وثائق “سي آي إيه” في منح كاسترو لقب “الشخص الذي تعرّض إلى أكبر عدد من محاولات الاغتيال في العالم”.
وتنوعت وسائل محاولات قتله من استخدام القنّاصة مروراً بالمتفجرات وسيجارة مسممة إلى العبوة الناسفة التي وُضعت في داخل كرة بيسبول.
ولمواجهة هذا الثائر العنيد لم تكف الاستخبارات الأميركية عن محاولات تصفيته بشتى الوسائل، ومنها المحاولة الشهيرة عن طريق إرسال سيجار متفجّر من النوع الذي يفضّله كاسترو.
كما حاولت استخدام الحبوب السامة لقتله، عبر تجنيد صديقته ماريتا لورينز كاسترو بحسب المذكرات التي نشرتها الأخيرة عام 1993، بعنوان: “ماريتا: حكاية حب وتجسس امرأة واحدة من كاسترو إلى كينيدي.”
وفي عام 1963، وفي نفس يوم اغتيال الرئيس كينيدي، فشل عميل آخر بباريس في إعطائه حقنة سامة على شكل قلم وضعه في ملابسه.
ونشر موقع أرشيف الأمن القومي الأميركي أخيراً، معلومات حول محاولة وكالة الاستخبارات الأميركية اغتيال كاسترو في العام 1963، من طريق إعطائه بدلة غوص تُصيبه بمرض جلدي مزمن يقضي عليه.
وجاءت أواخر محاولات اغتياله عام 2000 حينما كان من المقرر أن يزور بنما فدُبرت مؤامرة لوضع 90 كيلو من المواد شديدة الانفجار تحت المنصة التي كان من المقرر أن يُلقي خطابه عليها.
وفي نهاية المطاف لم تكن محاولات واشنطن ولا الكوبيين المنفيين ولا انهيار الشيوعية السوفيتية هي من أنهى حكم كاسترو، بل التقدم في العمر والمرض الذي أجبره على التنازل عن السلطة لشقيقه الأصغر.
وصورت الولايات المتحدة وحلفاؤها كاسترو شيطاناً لكن الكثير من اليساريين حول العالم مولعون به خاصة الثوار الاشتراكيين في أمريكا اللاتينية وأفريقيا.
وفي كوبا أطاح كاسترو بالرأسمالية وحظي بشعبية بعد أن جعل المدارس والمستشفيات في متناول الفقراء. لكن كان هناك الكثيرون من الأعداء والمنتقدين له ومعظمهم من الكوبيين المنفيين في ميامي والفارين من حكمه إذ كانوا يرونه “طاغية شرسا”.
وفيدل هو نجل أحد كبار ملاكي الأراضي من ذوي الأصول الأسبانية، وقد فاجأ حتى أنصاره بتقربه من موسكو بعيد توليه الحكم في كانون الثاني/ يناير 1959.
وفرض جون كينيدي بعيد ذلك في شباط/ فبراير 1962 حظراً تجارياً ومالياً على كوبا، لا يزال ساري المفعول حتى الآن ويؤثر بشدة على اقتصاد كوبا رغم سلسلة من إجراءات التخفيف التي اعتمدتها إدارة الرئيس باراك اوباما.
وأراد فيدل كاسترو رفيق سلاح القائد الثوري الأرجنتيني ارنستو تشي غيفارا، أن يكون بطل تصدير الثورة الماركسية في أميركا اللاتينية، وكذلك في أفريقيا وخصوصاً في أنغولا التي انخرطت فيها قوات كوبية لمدة 15 عاماً.
وأثارت تلك الثورة حينها نوعا من الإعجاب وافتخر النظام الكوبي بأنه قضى على الأميّة وأقام نظاماً صحياً ناجعاً وفي متناول جميع سكان كوبا البالغ عددهم 11,1 مليوناً، وهو إنجاز نادر في بلد فقير في أميركا اللاتينية.
لكن انهيار الاتحاد السوفياتي، أهم ممول لكوبا، في 1991 سدد ضربة قوية للاقتصاد الكوبي. وواجه السكان نقصاً كبيراً في التزويد. وأعلن فيدل كاسترو عندها “فترة خاصة في زمن السلم” وتكهن الكثيرون بنهاية نظامه.
غير أنّ فيدل بطل الانبعاث السياسي، وجد مصدراً جديداً للدخل مع السياحة وخصوصاً مع حليفين جديدين هما الصين وفنزويلا في عهد الرئيس هوغو تشافيز الذي قدمه فيدل كاسترو باعتباره “ابنه الروحي”.
وأبقى فيدل كاسترو باستمرار حياته الخاصة بمنأى عن الأضواء. وشاركته حياته مرافقته داليا سوتو ديل فالي منذ ستينات القرن الماضي وأنجبا خمسة أطفال. وكاسترو لديه ثلاثة أطفال آخرين على الأقل، بينهم بنت تعيش في ميامي، من ثلاث نساء أخريات.
واشتهر الزعيم الكوبي السابق بارتداء الزي العسكري وتدخين السيجار لسنوات طويلة من وجوده في السلطة كما اشتهر بخطاباته الطويلة المفعمة بالوعيد والخطابة النارية التي توجه سهامها في الغالب إلى الولايات المتحدة.