“المرحوم جدي، “تأخذوا عمره”، خرج من القبر ليتأكد من صحة ما يتسرب الى المقابر من معلومات تشير الى ان الوضع المعيشي يتدهور وعدد الذين يعيشون تحت خط الفقر يتزايد رغم أن بلادنا مشهورة وعنقود العنب فيها لا يستطيع حمله الا اثنان !! والأموات من وجهة نظر جدي بحاجة الى عناية ومصاريف فمتاعب القبور لا تقل عن مصاعب الحياة..
ومع ان كل نفس ذائقة الموت .. إلا أن القديس العازر الوحيد الذي ذاقها مرتين وجدي مستعد للموت الف مرة و “لا يصيب الحكومة مكروه” أو أحد يحط في حقها لكن بعض زملائه في المقبرة من ضحايا حوادث الطرق لا يعفون الحكومة من مسؤولية بعض هذه الحوادث..
:- كون الناس مضغوطة ومستعجلة الا أن جدي أكد أن معه رخصة من قديم الزمان وعندما كان يسير بالشوارع المفتوحة بالسرعة المسموحة فقط يصرخون في وجهة قائلين يا حمار يلعن الذي اعطاك رخصة! فيتململ جاره في القبر ويقول مداعبًا ، ” إجاك يا بلوط مين يعرفك” و…
وانتبه جدي الى انه يتكلم مع الأحياء فأخذ يتفحص زوايا البيت ثم وقف ليضع يده في جيب شرواله ويسأل إذا كانت الحكومة، الله يسعد مساها، ما زالت تدفع “لختيارية” البلد تأمين شيخوخة. وأخذ يقص لي عن جار له في المقبرة يقول ان الحكومة مثل “ابو قاشوش الشدة” كل ما تضعه على الطاولة تقشه بضربة واحدة.
الغريب أن جدي نسي يسأل عن أكثر من جريدة حكومية . ألف رحمة عليها صارت عظامها مكاحل . لكنه دون استئذان خرج من البيت ليعود بسرعة مستفسرًا عن مصير المرحاض في الحاكوره ، فيوم زارت البلد المرحومة غولدا مئير قضت حاجتها فيه وكل ضيف جديد على المقبرة يروي قصة رئيسة الحكومة مع مرحاضنا. وبعد صمت قصير قال لي: وأنت يا “لُقيعة” ماذا ورائك فقلت له: اذا كان عندك للسر مطرح فلا باْس أن تعرف ان ابي نكث العهد بعدم الزواج إذا أصاب أمي لا سمح الله مكروه ، فتزوج من امرأة دون مراعاة فارق السن والتكافؤ الاجتماعي.. فتحولت حياته الى محطة تبث على على اكثر من وجة كثر من موجة يتسلى على اخبارها البايتة والطازجة الجيران والمعارف، في وقت كانت فيه (بنت عمي) تُحمّي المكاوي”
وتقول ان (خالتي) شايفه حالها على أبي وتنتظر الساعة التي يلحق بها أمي الى القبر لتطبُق بالورثة وتركب وتدندل رجليها..
فوقف جدي وهو يضرب كفًا بكف ويهمس : “مين طلع لأبوه ما عيبوه” ثم شخصت عيناه وأخذ يشهق وسقط ميتًا وهو يقول: “منشان الله أعيدوني الى القبر”.
(ملاحظة: هذا ملخص ما رأيته في المنام يا إخوان وعن رؤية الأموات في الأحلام كان جدي نفسه يقول إنها تبعث على الحياة فلا تخافوا).
مفيد مهنا _ البقيعة