شارلي شابلن: أيها الجنود لا تكونوا عَلَفاً للمَدافع!
بكتاب جديد يدخل إلى المكتبة العربية، عن حياة الممثل الشهير والظاهرة الكوميدية والثقافية في آن واحد معاً،#شارلي_شابلن، يتوسّع الناقد أشرف بيدس، بصفحات كتابه الـ 600 من القطع الكبير والموسوم بـ”شارلي شابلن. سيرة ذاتية”، في جوانب متعددة لهذا الفنان الذي ألهم العالم ودفعه إلى مساندة قضايا المضطهدين والمقهورين في أي مكان.
خصوصا أن شابلن قد أصبح أيقونة تعكس الصراع ما بين القوة والضعف، الحرية والقهر، الكرامة والاستبداد. إلى الدرجة التي كشفت فيها بعض وثائق الدولة #النازية الهتلرية، على ما ينقل الكتاب، عن طلب رسمي ورد في الأرشيف النازي “لنسخة من الفيلم ومشاهدتها”. حتى إن الأرشيف السالف كشف وجود اسم شارلي شابلن “ضمن الأسماء المرشحة للاغتيال”.
لقد كان فيلم شابلن “الديكتاتور العظيم” في عام 1940، وفي عز سطوة النازيين على أوروبا، “تريقة” ونقداً لاذعاً لهتلر، في صورة ما، فأمر الفوهرر “بمنع الفيلم من دخول ألمانيا”، وأصبحت مشاهدة “الديكتاتور العظيم” جريمة “تحت طائلة العقوبة”.
وينقل بيدس قولاً لشابلن بعد عرض فيلمه “الديكتاتور العظيم” إنه كان مستعداً “لعمل أي شيء” كي يعرف “ماذا قال هتلر عن الفيلم وما هي انطباعاته؟”.
هذا جزء من الصراع العالمي الذي أبرزه شابلن، ولمحة بسيطة عن أهميته التى وصلت إلى درجة تركيز الدولة النازية عليه ووضع اسمه في لائحة الاغتيالات.
مؤلف الكتاب الذي جمع أرشيف كتابه الصادر عام 2016 عن دار “سما” في القاهرة، من مصادر متعددة، وأبحر في الكتب التي سبقته في تناول شخصية شابلن، ألّف كتابه على خلفية إعجابه وانسحاره بالفنان “العبقري”، فقد كان يعتقد في صغره أن شابلن “شخصية غير حقيقية أتت من عوالم بعيدة” متسائلاً: “هل كان يأكل ويشرب مثلنا؟ هل لديه أب وأم؟”.
لينتهي إلى ضرورة كتابة مقال عنه، ثم لتتطور الفكرة إلى تأليف كتاب، بعد أن جمع مصادره بأكثر من لغة، وأمّن لنفسه ملحقاً للصور والمصطلحات والتعريفات والمصادر قاربت مساحة النصف الثاني من كتابه كله.
يعرض الكتاب لمراحل مختلفة من حياة الفنان “الذي بدا كأنه عملاق خرافي في مجابهة أقزام”، بدءاً من “المرحلة الرمادية” ثم “أرض الأحلام” و”المواطن العالمي”. ثم المرور بأفلامه وأسماء الممثلين الذين شاركوه أعماله.
ويخصص بيدس فصلا خاصا عن “النساء في حياة شابلن”.
ولا يترك مؤلف الكتاب جزءا ناقصا يتعلق بحياة شابلن، أو تأثيره في الحركة السينمائية العالمية، إلا ويملأ جوانبه بنبذة من آراء النقاد وتحليلاتهم لأعماله التي حازت شهرة عالمية وأصبح بطلها لابس القبعة شعارا يختصر صراع الأقوى مع الأضعف، وإمكانية أن يكون للأخير نافذة ما يطل منها على تقرير مصيره ونيل حريته.
شابلن الذي وصفه المؤلف بأنه “حدثٌ يحدث مرة واحدة في الحياة” يعود إلى المكتبة العربية، بهذا الكتاب الجديد الذي جمع “أفيشات” نادرة لأفلامه ونشرها في قسم مستقل، وتجمع على وجه التقريب كل العروض الإعلانية لأفلام لابس القبعة الذي أبكى وأضحك الكرة الأرضية وجعلها تتفرّج على الخطوات المتعرّجة للرجل النحيل قصير القامة، إنما الذي استطاع أن يوقع الرعب بجيش النازية وهتلرها، ثم يتحول إلى أيقونة بكل معنى الكلمة: قبعة يقارب ارتفاعها جزءا غير قليل من طول الممثل، خطوات متعرجة لمهزوم أضعف من نملة، ونظرة تخرج من وجه يعرف تماماً ماذا يفعل، ومنه ما أورده الكتاب نقلاً من أحد أفلامه: “أيها الجنود، لا تسلّموا أنفسكم للغاشمين الذين يحتقرونكم ويستعبدونكم ويعسكرونكم ويأمرونكم بما تفعلون وبما تفكرون وبما تشعرون. يدرّبونكم ويمتصون دماءكم ويعاملونكم كالحيوانات، كعَلَفٍ للمدافع”.