لمراسلنا: – في مشهد ثقافي قد نكون افتقدنا لمثله في المدة الاخيرة حيث غص مسرح “بيت الكرمة” في مدينة حيفا بالحضور الكبير للأمسية الثقافية الفنية بمناسبة صدور كتاب “عبد الناصر وجمهورية الطرشان” للكاتب هادي زاهر. وتخللت الأمسية مداخلات لكل من الأستاذ سلمان فخر الدين الذي تحدث عن تاريخ آل أطرش في جبل الدروز، وحوران، وامتداد نفوذهم إلى سوريا ولبنان، والصراعات التي كانت تدور رحاها على الساحة السورية والشرق أوسطية. كما تحدث الدكتور خالد تركي عن الحركة القومية العربية مستشهدا بأبيات شعرية لعمّه الشاعر داود تركي. ومما قال في مداخلته: “وأنا أقرأ دراسة رفيقي هادي زاهر “عبد النَّاصر وجمهوريَّة الطُّرشان”، مرَّت بين طيَّات دماغي وأمام ناظري ما سأورده لكم في كلمتي، التي لا أعتبرها مداخلة نقديَّة، وإنَّما أحداثًا خطرت ببالي: لقد أثرى المناضل داود تركي كتابه “ثائر من الشَّرق العربيِّ” عندما كانت فاتحتُه وصيَّةَ سلطان العرب كاملةً وأقتبس منها: انطلقت الثَّورة من الجبل الأشمِّ، جبل العرب، لتشمل وتعُمَّ، وكان شعارُها الدِّين لله والوطن للجميع واعتقد أنَّها حقَّقت لكم عزَّةً وفخارًا وللاستعمار ذُلاً وانكسارًا عودوا إلى تاريخكم، الحافل بالبطولات، الزَّاخر بالأمجاد، لأنِّي لم أرَ أقوى تأثيرًا في النُّفوس، من قراءة التَّاريخ، لتنبيه الشُّعور، وإيقاظ الهمم، لاستنهاض الشُّعوب لتظفر بحرِّيَّتها وتحقِّق وحدتها وترفع أعلام النَّصر. لكنَّ أمَّتنا العربيَّة، يا سُلطاننا، تختار أن تُلدَغ من الجحر مرَّات، وأن لا تتعلَّم من اخطائها”. وأضاف: ” كثيرة هي المرَّات التي كنت أسمع فيها والدي ابو خالد ومنذ نعومة أظفاري، يردِّد الاناشيد للسُّلطان، “سلطان يا باشا الجبل، واحنا رجالك كلِّنا واللي يعاديك منذبحوا ومنقطعوا بسيوفنا” أو “صاح الجبل بني معروف ويا هلي، حماة الوطن تشهد لكم كل البشر، يوم الحرايب صيتكم جاز البحر”. لقد قال السُّلطان: لقد اثبتت التَّجارب أنَّ الحقَّ يؤخذُ ولا يُعطى، وأنَّ يد الله مع الجماعة، وليس هنالك درزيٌّ وسنِّيٌّ وعلويٌّ وشيعيٌّ ومسيحيٌّ، ليس هناك إلا امَّةٌ واحدةٌ ولغةٌ واحدةٌ وتقاليد واحدةٌ ومصالح واحدةٌ. وتطرق إلى دور جمال عبد الناصر في كلمته: “لقد قال المناضل داود تركي في قصيدته “زغرد الرَّشَّاش”: ناصرٌ عملاقُ شعبٍ هبَّ يمحو عن ثرى الأوطانِ ظلمَ الحاكرينا سوف يبقى في ضميرِ العُربِ حيًّا قدوةً تسمو بجَهدِ المخلصينا ما لمُحتلِّ الحمى إلا قتالٌ يقمعُ العادين قمعَ الظَّافرينا رحل جمال عبد النَّاصر وهو في قمَّة عطائه قبل أن يُحقِّق مراده، في الحرِّيَّة والاشتراكيَّة والوحدة، وحين رحل بكته العيون وحفظته الجفون”. أما الشاعرة مجدلة حنا مشرقي فألقت الأضواء على هذه الدراسة، من الناحية الوطنية، وقالت إن الحديث عن الوطنية والتعلق بالوطن يعيدني إلى وطني الأم وهي قرية إقرث التي هُجر أهلي منها. وقرأت قصيدة عن إقرث من ديوانها الأخير. وأضافت أنها كانت تود توجيه بعض التساؤلات إلى الكاتب زاهر، لكن دخوله المشفى جعلها تحجم عن طرح هذه التساؤلات وتحتفظ بها لنفسها. وتخلل الحفل مشهد مسرحي قدمته الفنانة نوران زعبي. ووصلة غنائية للفنانَين إلياس عطا الله ومنال مدني. تولى عرافة الأمسية الفنان الكبير سليم ضو المدير الفني لمسرح الكرمة اجمالا نستطيع أن نقول أن الامسية كانت غاية في الروعة من حيث البرنامج الشامل الذي بعث الفرح في نفوس الحضور، وقد فاجأ ادارة المسرح عندما عص المدرج بالحضور واضطر عدد من الحضور إلى الوقوف. إلا أن الكاتب المحتفى به هادي زاهر اضطر للدخول إلى المستشفى لعارض ألمّ به، وتمنى له الجميع الشفاء العاجل. وكتاب عبد الناصر وجمهورية الطرشان يتطرق، كما جاء في المقدمة، إلى جانب خاص من حياة ثلاثة عمالقة جاد الزمان علينا بهم وهم: عطوفة سلطان باشا الأطرش والزعيم الخالد جمال عبد الناصر وموسيقار الأزمان فريد الأطرش، حيث ربطت بين هؤلاء العمالقة عدة عناصر، منها: شمولية الرؤيا، المحبة، التضحية، الأصالة، الهدف، النظرية، الممارسة والثورية، ، و