نشرت وكالة “الاناضول” التركية السبت ، تقريراً عن الدروز في الأردن وعاداتهم وتقاليدهم ، وجاء في تقريرهم أن الطائفة “الدرزية” في الأردن، تحرص على الإلتزام بالكثير من عاداتهم وتقاليدهم، التي ورثوها عن أجدادهم منذ قديم الزمان، كغيرهم من أبناء جلدتهم في الدول العربية الأخرى.
فلا تعدد زوجات لديهم، رغم أنهم محسوبون على “الإسلام” الذي يبيح للرجل الزواج بـ 4 نساء، وحريصون على تيسير الزواج؛ إذ لا يدفع العريس مهرا لعروسه سوى دينار أردني واحد (1.3 دولاراً أمريكياً)، بخلاف الذهب الذي يشتريه لها، والذي لا يجوز أن يزيد، حسب العرف، عن 500 دينار أردني (715 دولاراً)، ومن يخالف ذلك يتعرض لمقاطعة اجتماعية.
“الأناضول” قامت بجولة ميدانية في مدينة الأزرق، التي تتبع محافظة الزرقاء (شمالي الأردن)؛ حيث يتركز وجود “بني معروف” فيها، والتقت بعدد من وجهاء الطائفة، وتعرفت منهم على تاريخها، وما يميزها عن سائر الأردنيين.
وحسب مؤرخين، يطلق الدروز على أنفسهم لقب “بني معروف”؛ نسبة إلى أنهم معروفون بحسن الخلق، والتزامهم الديني والأخلاقي مع كافة شرائح المجتمع الذي ينتمون اليه عبر تاريخهم.
“سليم القاضي”، مختار “بني معروف” في الأزرق (80 عاماً)، يتحدث عن عائلته، وتاريخه، قائلا: “بدأت حياة عائلتي في الأردن منذ عام 1923؛ حيث سكن والدي ونحو 40 شخصاً آخرين في قلعة الأزرق الأثرية، التي كانت تعرف بقلعة الدروز، وقد سكنوا بعدها بيوت الشعر (الخيام) بعد أن أجبرنا الإنجليز (المحتل في وقتها) على مغادرة القلعة”.
وأضاف لـ”الأناضول”: “عددنا في الأزرق (الآن) هو 5 أو 6 آلاف، وقد ورثنا عن آبائنا وأجدادنا أن نعز الجار، ونكرم الضيف، ونحمي الدخيل، ومن يفعل غير ذلك نعاقبه”.
أفراح الدروز ومآتمهم لها طقوسها وأعرافها الخاصة كذلك.
وفي هذا الصدد، أوضح “القاضي” أن طائفة “بني معروف” تحرص على تيسير تكاليف الزواج على الراغبين فيه.
وقال: “تم تحديد مهر العروس للجميع وهو دينار أردني معجل (أي يُدفع مقدما)، و500 دينار للذهب (حُلي العروس)، وألف دينار مؤجل (مؤخر الصداق)، ومن يخالف ذلك يتم معاقبته اجتماعيا؛ إذ يُعرض عنه الجميع”.
وعن بيوت تلقي العزاء والمآتم، أشار “القاضي” إلى أن العادة “جرت بألا يصنع ذوي الفقيد الطعام لأحد من المعزين، وأن يكون العزاء ثلاثة أيام فقط”.
أيضا يعد “الشارب رمزا للفخر والرجولة” بالنسبة لأبناء “بني معروف”؛ إذ يبين “القاضي” أن الرجال من طائفته “كانوا يتميزون بطول شاربهم، ولكن هذه العادة تراجعت بشكل كبير، وعندما كان شخص يريد أن يُحلّف آخراً، كان يقول له: فلان أمانة بشاربك”.
و “المُختار” هو شخص يُنتخب من قبل المواطنين؛ كي يمثلهم لدى الدوائر الحكومية والمعنيين؛ حيث لا يستطيع كل مواطن تعطيل عمله وحياته اليومية، وكذلك لا يستطيع المسؤولون استقبال جمهور المراجعين.
من جانبه، تطرق الباحث الأردني والمؤرخ في شؤون “بني معروف”، “شكيب الشومري” لتاريخ الطائفة.
وقال لـ”الأناضول” إن “وجود الدروز في مدينة الأزرق يعود لنهاية القرن التاسع عشر، وهي الفترة التي لم يكن فيها حدود بين دول بلاد الشام”، لافتا إلى أنهم بدأوا في الانتقال من جبل العرب في جنوب سوريا إلى الأزرق في العام 1880 بـ”اعتبارها منطقة واحات وافرة المياه”.
وأضاف: “في العام 1905، أصدر السلطان العثماني عبد الحميد الثاني في ذلك الوقت فرماناً بأن تكون الأزرق والمناطق المحيطة بها جنوب سوريا مكاناً ممنوحاً لأبناء بني معروف”.
وأكد الشومري على أهمية دور “بني معروف” في تأسيس إمارة شرق الأردن؛ حيث كان “رشيد طليع”، وهو درزي، أول رئيس وزراء أردني، وكان “فؤاد سليم”، وهو درزي، أول قائد جيش أردني، وكذلك كان أول رئيس ديوان أميري درزي وهو “عادل أرسلان”.
وإمارة شرق الأردن، كيان سياسي ذو حكم ذاتي كان موجودًا ضمن منطقة فلسطين الانتدابية رسميا منذ عام 1923، ولغاية تاريخ إعلان استقلال المملكة الأردنية الهاشمية عام 1946. وشملت معظم الأراضي الواقعة شرقي نهر الأردن، ومنه اخذت هذه التسمية.
“الشومري”، أيضا، ألقى الضوء على عادات “بني معروف” في الأفراح والأتراح.
وقال إن طائفة “بني معروف” وقعت على وثيقة بينهم تنص على توحيد مهر العروس مهما علا أو دنا شأن عائلتها، ومن يخرج عن هذا العٌرف؛ يتعرض لعقاب اجتماعي يتمثل بـ”المقاطعة وعدم حضور أحد لحفل زواجه؛ ليكون عبرة للآخرين”.
وحول رفض أبناء “بني معروف” الزواج إلا من بعضهم، قال “الشومري” إن هذا الأمر يعود إلى “العرف فقط، وليس له أي بعد آخر”.
وأوضح: “الدروز خليط من اثني عشر قبيلة عربية كونت نسيجاً أُطلق عليه اسم بني معروف؛ وبالتالي هم ليسوا أبناء عمومة للقول بأن دافع زواجهم من بعضم فقط هو الحفاظ على عراقة الدم”.
“الشومري” تحدث عن عادة أخرى عند طائفة “بني معروف”؛ فالرجل “لا يتزوج إلا زوجة واحدة، ومردهم في ذلك الآية القرآنية الكريمة (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ)”؛ إذ يعتبرون أن هذه الآية دليلا على أن الله، تعالى، ترك للرجل حرية الزواج شريطة العدل، و”قد أخذ الدروز بذلك، ولكن إذا استحالت الحياة بين الزوجان يفترقان بإحسان، والجمع بين اثنتين او أكثر لم يتعارفوا عليه”.
وبخصوص ما يميز أبناء “بني معروف” في الأتراح، قال “الشومري”، إنهم عند تأديتهم واجب العزاء يقومون بالوقوف كصف واحد أمام صف أهل المتوفى، ويطرحوا العزاء مع بعضهم بصوت واحد، وبشكل جماعي، وليس بالمصافحة أو بالتقبيل؛ لاختصار الوقت والجهد على ذوي المتوفى، ويتحدث أحدهم عن مناقب الفقيد.
ووصف “الشومري” لباس الدروز وزيهم بـ”الجميل جداً”، وقال إنه أمر “يميزهم بشكل كبير”؛ فالفتيات صغار السن يلبسن ثوباً يشبه اللوحة الفسيفسائية يطلق عليه “الثوب الدرازي”، وهو طويل ويغطي الجسد بشكل كامل، وتوضع عليه من الأمام قطعة من نفس الثوب تسمى “المملوك”، و”طربوش” (قبعة) على الرأس مزين بالذهب، ويعلوه قرص من الفضة، ثم يُوضع غطاء شفاف على الرأس، والسيدات الكبار يلبسن نفس الزي ولكن باللون الأسود وبدون “الطربوش”.
أما زي الرجال، حسب “الشومري”، فهو مثل ملابس أهل الشام، يسمى القمباز (ملبس يشبه الجلباب لكنه مفتوح من الأمام) والسروال.
وأضاف: “كان رجال الدروز قديماً عندما يخلعون غطاء رأسهم يطلقون إشارة بذلك إلى خوضهم أكبر معركة من أجل أرضهم وعرضهم وشرفهم”.
ويختم “الشومري” حديثه، قائلا: “الدروز ملتزمون بالعرف الذي يعتبرونه قانوناً صارماً أكثر من مقاضاة شخص أمام المحكمة، وتتطبق على الجميع بشكل واضح”.
ويبلغ عدد الدروز في الأردن نحو 25 ألف نسمة، في حين أن عددهم في الأردن وسوريا ولبنان يصل لنحو مليون و 800 الف.
وفي الأردن يتركز الدروز في مدينة الأزرق، لكنهم يتواجدون في مناطق أخرى بينها: العاصمة عمان ومدينتي الزرقاء والرصيفة بمحافظة الزرقاء ومنطقة أم القطين في محافظة المفرق، وكلها مناطق شمالي الأردن، كما يوجد جزء قليل منهم في منطقة العقبة، أقصى جنوبي البلاد.(الاناضول)