أيها الراحل الدكتور إبراهيم رزق الله عطا الله ، لم تُولد في قرية إقرث ولكن إقرث ولدت فيك، لقد رضعت حُبَّها من والديك ومن أقاربك وأصدقائك، نَقلتَ رسالة حُبَكَ لإقرث الى كل أقطار العالم، أحببت الوطن والأرض، رحلت قبل أن يشرق يوم العودة، أي عودة أهل إقرث الأحياء لقريتهم، من إجل إِعمارها من جديد.
لماذا لم تنتظر؟ هل أسرعت لكي تنقل الرسالة لمن يسكن في السماء؟
عرفتك تلميذاً خلوقاً مجتهداً، أحببت العلم والمعرفة، ثابرت ووصلت الى أعلى المراتب، فَرِحتُ جداً عندما علمت بأنك تخصصت في مواضيع العلوم وأصبحت مربياً ومدرساً لهذه المواضيع، فكنت نعم المربي والمدرس، لقد أصبحنا زملاء (المُعلم وتلميذهُ) في المهنة وبعد ذلك زملاء في إرشاد المعلمين ثم أصدقاء.
أعلم علم اليقين بأن البيت مدرسة ومن هذا البيت، قد استقيت تربيتك للتطوع من خدمة الآخرين، لقد تربيت في اسرة مؤمنة متعلمة لها حضورها الإجتماعي ، عَلمتك أسترتك بأن تكون شريفاً، محباً للوطن وعلمتك الكبرياء وعزة النفس، علمتك العطاء والتواضع. وبالفعل لقد كنت متواضعاً كسنابل القمح الممتلئة ببذور القمح، فإنها تكون منحنية ومتواضعة، أما السنابل الفارغة فتكون مرتفعة ومتباهية.
يتم تشبيه المؤمن الحقيقى أمثالك، بسنابل القمح الممتلئة، كُلما إمتلأ المؤمن بالبركة والايمان، إزداد تواضُعاً وحباً للعطاء وهكذا عرفتك، وبالفعل من من اتضع إرتفع.
تجلي لي ذلك أكثر عندما خدمنا الأبرشية من خلال اللجنة التربوية، عَمِلنا على مَركزة مدارس الأبرشية وتحسين شروطها و لفتح مدارس جديدة مثل مدرسة مار الياس الأسقفية في حيفا في بناية مطرانية الحجار، لم تُقصِر في السفر للمدارس وحضور الاجتماعات وابداء آرائك البناءة.
كما وأنك خَدمت قضية إقرث بإخلاص، فأوصلتها الى الإعلام المحلي والعالمي، لقد أثمر نضالكم في فترة رئاستك للجنة إقرث، تجلى ذلك في عدة مجالات أذكرمنها ما يلي: لقد اصبح لكنيسة إقرث كاهن خاص بها يخدم رعيتها المُهجَرة، يُقيم فيها الصلوات بإنتظام، لقد نظمتم المظاهرات وإلإعتصامات، رممتم المقبرة ووعبدتم الشارع اليها ، وفتحتم شارع مرصوف بالاسمنت المسلح للكنيسة، كما وربطتم الكنيسة بشبكة الكهرباء، أضف لذلك قمتم بخطوة غير مسبوقة وهي، التواجد المستمر لشباب اقرث في قريتهم، قلت لي بأن هذا التواجد عبارة عن ممارسة لحق العودة ، وأن هذه النواة من شباب إقرث لم يكسرهم الإعتقال بل زادهم صلابة، وأن تواجدهم المستمر ومبيتهم في الكنيسة عبارة عن مرحلة أولى للعودة الشاملة.
أقول إقتلعوكم جسدياً من المكان ولكن قلوبكم بقيت في إقرث. لذلك لا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر، بشروق يوم جديد بعودة أبناء إقرث ألأحياء لقريتهم الى موطنهم والى أرض الأجداد.
أطالب كل رؤساء الكنائس العمل من أجل عودة أهل إقرث وكفر برعم لقريتهما بالضغط على دولة الفاتيكان، من أجل وضع قضية إقرث وبرعم في سلم أولويات المفاوضات مع دولة إسرائيل، التي لم تُنفذ حتى اليوم قرار محكمتها الذي يقضي بعودة ابناء القريتين.
أقدم تعزيتي القلبية للعائلة وإلى عموم آل عطا الله والى الأقرباء وإلى عموم أهالي قرية إقرث المُهجرة. لكم ولنا الصبر والسلوان وللمرحوم جنة الخلد.
كتبت بمناسبة ذكرى الثالث والتاسع لفقيدنا الغالي المربي الدكتور إبراهيم عطا الله الذي رحل عنا يوم الجمعة 18 آذار 2016