ليست الجنة وحدها تحت أقدام الأمهات

  • ما يلفت في هذه الرواية هو التركيز على عوامل المرأة وسلطتها وتبعيتها

زينب أبو سيدو

تفاجئ الرواية الخامسة للروائية الكويتية بثينة العيسى: «تحت اقدام الامهات» والتي صدرت عن الدار العربية للعلوم ناشرون وتقع في 280 صفحة القارئ بالذي تريد أن تضعه الكاتبة تحت اقدام الامهات، هل هي الجنة كما في القول المأثور ام ماذا وهنا سر الحكاية.

تبدأ الرواية بـ«انهار من لبن» ثم «عسل غير مصفى» و«انهار من خمر» و«انهار من ماء» في استعارة لمفردات الجنة، لكنها أي الرواية بحث عميق بشخوصه وقضاياه الكثيرة من خلال الغوص في البيت الكبير حيث الامهات المأزومات.

نورة ام موضي وهيلة، أم فاطمة وشهلة، أم فهاد بثلاث امهات اضافة الى الجدة غيضة والخادمة رقية اضافة للأبناء، عائلة كبيرة في بيت كبير تحكمه الجدة «غيضة» حيث بنات الجدة نورة وهيلة يسكن مع ازواجهن في البيت.

اذن الرواية تحدث في بيت العائلة الكبير الذي يضم الاسرة الممتدة في البيت الواحد حيث يسكن الابناء والبنات مع ازواجهم وابنائهم، العائلة الكبيرة المتقاربة والحميمية والتي تحكمها مجموعة من القيم الاجتماعية الراسخة.

فجأة يموت علي ابن الجدة غيضة وهو ولدها الوحيد واين يموت؟ وكيف؟ هنا الصدفة.. حيث يأتيهم خبر موته في قندهار خلال حرب ليست حربهم بعد ان انضم لجماعة ارهابية كما افادت الشرطة، الامر الذي يدفع الجدة الى تبرير ذهاب ابنها الى قندهار من خلال اختلاق اسباب اخرى منها ان علي ذهب لايصال شحنة مساعدات انسانية، وبالتالي قتل شهيدا لدوره الانساني مدفوعة بحماية حفيدها فهاد،ابن علي من اجل ان يكبر، ولديه احساس بالفخر من ان اباه مات شهيد الواجب الانساني.

من اجل حماية الطفل اليتيم تبدأ الجدة في حمايته بنوع خاص من القرارات والسلوكيات وتفرض على جميع المهات ان يتعاملن مع كل الاطفال بالتساوي، فإن قبلت واحدة ابنها عليها ان تقبل جميع الاطفال، وان اشترت هدية لطفل عليها ان تشتري هدايا للجميع، بمعنى كل طفل هو ابن الامهات جميعا، وكل ذلك من اجل الا يشعر فهاد الحفيد اليتيم باليتم والوحدة، ولتعوضه عن فقدانه لابيه وهنا يتحول فهاد الى نجم العائلة والجميع يسعى لارضائه حتى الاطفال الاخرون.

فهاد المحاط بالإناث اللواتي يسعين لارضائه تبدأ عوارض الانجذاب للعالم الانثوي بالظهور عليه فينجذب لملابس النساء وللمكياج، فتنتبه الجدة وتحاول تقويمه وتهديه بندقية صيد كانت لوالده، فيتورط فهاد في قتل عامل بناء ويسجن لثلاث سنوات، وعندما يخرج يجد الجدة وقد اعدت له ابنتى عمته ليختار منهما من يتزوجها.

الرواية مليئة بالتفاصيل، وبالشخصيات الاخرى لكن ما يلفت في هذه الرواية هو التركيز على عوامل المرأة، وسلطتها وتبعيتها ويبدو الرجل في هذه الرواية ليس صاحب السلطة بل احد ضحايا تسلط المرأة، وطغيانها وهنا تكمن المفارقة لتوصلك الكاتبة بثينة العيسى الى انه ليس الجنة وحدها تقع تحت اقدام الامهات بل ثمة نوع من الجحيم ناتج عن التسلط.

 

601432-642463

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .