كثيرا ما نتمنى لو ان القدر لم يجمعنا بشخص ..ونتمنى لو انه لم يضعه في طريقنا .. ولم نعرفه ونتعرف اليه ..ولو انه لم تربطنا به علاقة صداقة واخوة ..
كل ذلك حدث ويحدث عندما يُغيّب القدر عن اعيننا عزيزا وتطوي يده قامة منتصبة لا زالت في اوج النمو والعطاء.. لنصحو فجأة على قسوة الزمن وصلابة القدر وغدر الحياة ..التي ما ان تعطيك بيد حتى تسارع باليد الاخرى لأخذ ما اعطت ..!!
فها هي بالأمس القريب اختطفت من بيننا زهرات عطر فواحة ومعطاء ..كمحمود وسميح ونزيه وزياد واميل وشكيب وسلمان على سبيل المثال لا الحصر.. لتاتي اليوم وتخطف دون سابق انذار اخي الاديب سلمان تلك الزهرة التي لا زال اريجها فواحا ..
لقد شاء القدر ان يُعرفّني بأخيه سميح ناطور امد الله في عمره ..وان اتعرف بالراحل من خلال لقاءات ادبية او من خلال كتبه او لقاءاته عبر وسائل الاعلام المختلفة ..
ان اكثر ما اعجبني بالراحل الصفات المميزة التي حوتها شخصيته الفريدة وقبل كل شيء انسانيته وحبه للإنسان كانسان اينما كان ..فكان الانسان الانسان ..
لقد كان نصيرا للضعفاء والمسحوقين والفقراء والمظلومين .. يتألم لآلمهم ويفرح لفرحهم ..وقد عبّر عن ذلك بسلوكه وكتاباته وابداعاته ومحاضراته ولقاءاته عبر وسائل الاعلام ..
لقد كان صاحب اسلوب ادبي مميز ..استطاع بأسلوبه الساخر السلس ان يدخل الى قلوب قرائه ومستمعيه ومشاهديه ..دون تكلف ودون جهد..
فكان ادبه الجدي الساخر قريبا الى اسلوب الكاتب العالمي برنارد شو ..فما ان تبدأ بتصفح ومطالعة كتاب من كتبه حتى يشدك الى الاستزادة من متعة ما تقرأ .. لقد كان الراحل انسانا بكل المقاييس واديبا بكل المواصفات ..متواضعا الى ابعد الحدود متأقلما مع كل الاجيال من الطفل حتى الكهل.. فكان مثالا للجد الحنون والاب الرؤوف والاخ العطوف والزوج المحب والجار الامين والصديق الوفي ..لقد حمل هموم الناس على كتفه وفي قلبه حتى توقف ذلك القلب عن الخفقان ليرحل عنا فجأة دون وداع.. تاركا الحسرة واللوعة في قلب كل من عرفه. كيف لا وهو الذي كان يناصر قضايا الناس المظلومين والامم المستضعفة ويساند الحق دون خوف او وجل ..رحل لتبقى اعماله وصوته وصورته في اذهان الناس وذاكرتهم ..ولا عجب من تقاطر الوفود الغفيرة من كل حدب وصوب للمشاركة في تشييع جثمانه الطاهر والمشاركة في تقديم العزاء لذويه ومحبيه ..اذ سلمان هو فقيد المجتمع باسره ..فبرحيله ترك فراغا هائلا من الصعب ان نجد من يملأه
ولكن عزاؤنا بأنجاله بان يحذو حذوه وان يسروا على خطاه ..وستبقى اعماله منارة للأجيال تهتدي بهديها ..فالف رحمة لك اخي سلمان والهمنا الله جميعا الصبر والسلوان .. فألى جنات الخلد يا سلمان