(المعادلةُ الأولى)
**
في ذلك الصَّباح، كتبَ على السَّبُّورةِ السّوداء، بقلم الطَّباشيرِ الأبيض:
حين يصطدِمُ السّالبُ بالمُوجَب، تكفهِرُّ.
وحين يلتَقى سالبانِ، تصحُو.
وحين يلتقي المُوجَبُ بالموجَبِ، تُضيءُ إلى أنْ يتقاتلا على رأسِ السَّطرِ.
ثمَّ كتبَ، في ذيلِ السَّبُّورة، بقلمٍ مائيٍّ:
وحينَ تبتسمينَ، تمَّحي جميعُ المعادلات.
****
.
(المعادلةُ الثّانيةُ)
**
.
شعرُها حبالُ مطَرٍ أَسوَدَ.
عيناها شكلُ الرّبيع الآتي.
يداها صَيْفٌ واسعٌ يفيضُ تينًا مُكتنزًا بالعسَلِ والحليب والشَّهوةِ السّرمديّة.
وفي الخريفِ، حينَ يفرُّ الأرضيُّ من بين الأصابعِ وتسقُطُ شفاهُ الشَّجر، وحينَ تبحثُ الغيومُ عن أشلائِها، حينئذٍ تغمُرُني برداءٍ من الذّهبِ الصَّلبِ.
****
.
(المعادلةُ الثَّالثةُ)
****
يتواسَطُ الزّئبقُ والكبريتُ بين الفرديِّ والكلّيّ، بين ساعةِ الحائطِ والفَيْضِ، بينَ المكانِ والكرامةِ، وبينِ الجهْلِ السّعيدِ وشقاوةِ المعرفة.
لكنَّكِ، أيّتُها العُصفورةُ الّتي خلعَت ثوْبَ الجاذبيّةِ الشّائكَ وطارَتْ، ما زلتِ تجمعينَ كلَّ العناصر واحتمالاتِها العشوائيّة، هنا، داخلَ قفصِيَ الصَّدريّ.
****
.
(المعادلةُ الرّابعة)
**
.
مرَّتْ بيَ اليوْمَ حبّةُ أوكسجين، ألقتْ تحيَّةً حافيَةً وغابت.
ومرّتْ بي حبّةُ هيدروجين، لم تقلْ شيئًا، وغابَت.
وعندَ المساء التقَيْنا، فامتلأَ النَّهرُ بالماء.
****
هامش بقلم الأديب النّاقد محمد شنيشل الرّبيعي (العراق):
***
يرى الأديب فريد قاسم غانم أنّ النصّ الشّعري المعاصر فيه أماكن عليا تخاطب العقل وتخرج عن منظور الحسّ الأفلاطوني. فالنّصُّ المعاصر لا يخلو من الفلسفة قطعًا في تعابيره، أو في رؤيته وغموض أفكاره التي تُحيل القاريء إلى التدبّريّة بدل الاتّكاليّة في التّقارب ورفضه القوالب الجاهزة ذات الدَّلالة الواحدة، وهيمنة النّاقد وطريقة التّفسير العقيم، والانتقال إلى سلَّم أرقى في الفكر. وقد يكون فريد الشّاعر يردُّ على إفلاطون وحصرًا على “المدينة الفاضلة” التي أبعدت الشُّعراء بمحض العقل والنظرة الأحاديّة، وغيره من الفلاسفة، الذين يقولون: إنَّ الشِّعر ليس من الإبداع بشيء، قد يكون ردًا حاذقًا من قبل الشّاعر حيث يؤكِّد فيه ترجمَة فرضيَّةِ الوجود عن طريق الشِّعر، من الحتميّات في تفسير الكونيّات والأزمنة والإنسان والعقل والوجود…
شكرًا لفريد على هذه المعادلات الكونيّة.