جميعنا يعلم أن الوصول إلى نجاح معين يتطلب منك أن تكون في قمة التفوق والذكاء، إضافة إلى التحكم بكافة الانفعالات الصادرة عنك، فضلاً عن وجود عقل سليم يوازن بين الأمور ويديرها ويرجح الصحيح ويتجاوز عن الخطأ، لكننا اليوم سنبين أن هذه المتطلبات ليست جميعها ضرورية لتحقيق النجاح، فمثلاً يمكن أن نحقق النجاح مع غياب الاستقرار العقلي الذي ذكرناه قبل قليل، وهذا هو محور مقالنا؛ حيث سنكشف عن شخصيات تاريخية حققت الشهرة والعظمة ولا يزال اسمها مذكوراً ومشهوراً بالرغم من معاناتهم من اضطرابات نفسية، وهذه الاضطرابات لم تكن لتقف عائقاً أمام نجاحاتهم ودرهم المطلوب منهم في هذه الحياة، ولنتعرف على أهم الشخصيات التي جمعت ما بين الجنون والعظمة تابعوا السطور التالية.
ملك فرنسا تشارلز السادس، ولد في باريس، ابناً للملك شارل الخامس وجين ده بوربون، وفي الحادية عشر، توج ملكاً على فرنسا في سنة 1380 في كاتدرائية ريمز، عـُرف شارل السادس بكنيتين، شارل المحبوب جداً ولاحقاً شارل المجنون، لأنه، بدءاً من وسط عشرينياته، عانى من نوبات اضطراب عقلي، تكررت نوبات الجنون طيلة باقي حياته. وبناءً على أعراضه، فربما عانى من الشيزوفرنيا، وفي العام 1405 أصيب بحالة غريبة برفضه الكامل أن يستحم أو يغير ملابسه لمدة 5 شهور متواصلة، وبدأ يتبنى نظريات غريبة، مثل اعتقاده أن جسده مصنوع من الزجاج.
أبراهام لينكولن، وهو الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الأمريكية، وأحد أشهر وأكفأ رؤساؤها على الإطلاق، وعلى الرغم من إنجازاته، إلا أن الرئيس لينكولن كان معروفاً عنه ميله إلى الاكتئاب الحاد المُزمن، حتى أن بعض المؤرخين لسيرته ذكر أن فكر في الانتحار عدة مرات، وذكر أيضاً بعض المؤرخين انه كان يبكي فجأة بدون سابق إنذار، ثم يُطلق بعض النكات المرحة بعد بكاءه حتى يوازن الحزن.
فينسينت فان غوخ، وهو الفنان الرسام الهولندي الشهير، الذي بلغ جنونه المُطبق أنه قام بقطع إحدى أذنيه بنفسه، وحاول الانتحار عدة مرات، إلى أن وُفق لذلك في النهاية، ومات مُنتحراً بالفعل، الرسام الهولندي العبقري كان يُعانى من نوبات صرعية عنيفة نتيجة مشاكل في المخ سببها إدمانه البالغ للمشروبات الكحولية والمخدرات.
تينيسي ويليامز، كاتب مسرحي أمريكي شهير، نال جوائز عديدة على أعماله العالمية الشهيرة، وُلد في أسرة لها سجل حافل بالأمراض النفسية، فضلاً عن إدمانه الشديد للكحوليات والمخدرات، زاد من حدة معاناته النفسية هو موت حبيبته، وقبل ذلك وفاة أخته، وخوفه الدائم أن يُصاب بالجنون مثل أخته، جعله يُجن بالفعل ويعانى من اضطرابات نفسية بالغة حتى وفاته.
لودفيغ فان بيتهوفن، بيتهوفن كان عبقرياً حقيقياً عانى قهراً طويلاً وتعذيباً شديداً من والده، وكان هذا هو السبب في أنه فقد حاسة السمع في مراحل متقدمه من حياته، كان بيتهوفن يُعانى من اضطرابات نفسية عنيفة، جعلت الإبداع والطاقة والتركيز والروعة التي يُنتجها في الموسيقى، يُقابلها اكتئاب حاد ووحدة وظلامية وحزن دائم.
إدغار آلان بو، كاتب الرعب الأشهر على الإطلاق، المعروف بكتاباته السوداوية، وعوالمه الرهيبة التي نقلها من عقله إلى الورق، إدغار آلان بو كان معروفاً باهتمامه الشديد بعلم النفس، وانعكس ذلك على كتاباته حيث كان شغوفاً للغاية في إظهار الشخصيات المُضطربة نفسياً، وبو كان يُعاني من اضطرابات نفسية عنيفة، وكان يُدمن الخمر بطريقة مُبالغ فيها.
هوارد هيوز، هوارد هيوز الشاب الوسيم الملياردير كان مُولعاً بالطيران بشكل مُبالغ فيه، ويعتبر واحداً من أنجح الشخصيات في الولايات المتحدة وأكثرهم أناقة شهرة، الرجل الثري الوسيم كان يحمل خوفاً هائلاً من الجراثيم، جعلته بمرور السنين يُدمن تعاطي بعض أنواع المُخدرات، في محاولة للتغلب على أعراض الفوبيا التي يحملها من الجراثيم إلى حد الجنون لذلك.
البروفيسور جون ناش، بروفسور جون ناش، عالم عبقري في الرياضيات حصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1994، بعد أن طوّر نظريته الخاصة عن الاتزان، سماها نظرية ناش للاتزان، إذا كُنت قد شاهدت الفيلم، فأنت تعرف طبعاً أن الرجل كان يُعانى من حالة متقدمة من الشيزوفرانيا أو “الفصام”، تجعله دائماً يسمع أصوات غير حقيقية، ويرى شخصيات وهمية، وخضع للعلاج بصدمات كهربائية وأنهار من الأدوية، جون ناش تحسّنت حالته تدريجيا، وأصبح يُدرّس في جامعة برينستون بشكل طبيعي.
إرنست هيمنغواي، كان هيمنغواي ضحية دائمة للاكتئاب وإدمان الكحوليات، ومات مُنتحراً بطلقة رصاص من بندقيته التي كان يحتفظ بها دائماً ويعتز بها جداً، والحقيقة أن هيمنغواي كان من أكثر الشخصيات التاريخية غرابة على الإطلاق، فقد كان يكره شراء ملابس جديدة، ويرفض تماماً أن يرتدي ملابس داخلية، وكان يرهب استعمال الهاتف جداً، ويحمل تعويذة في جيبه دائماً.
إسحاق نيوتن، نيوتن كان عبقرية تسير على قدمين، والمنظّر الأول لقانون الجاذبية وقوانين الحركة، ومخترع أول تليسكوب عاكس، وعشرات الاختراعات والقوانين الأخرى، أما بالنسبة فيما يُقال عن شخصيته، فقد كان باختصار وبإجماع المؤرخين يعانى من اضطرابات نفسية عنيفة، فكان من الصعب جداً الجلوس فترة طويلة معه، وكان مُتقلب المزاج إلى حد لا يُصدق، وسريع الانفعال شديد الغضب ضيّق الأفق.