عندما تجلس مع والدك أو جدك ، تسمع عن زمنهم الجميل .. تسمع عن قصص فخر واعتزاز ..يتحدثون ببساطة ، فمفرد اتهم متواضعة لا يعرفون الطلاسم ، ولا أسلوب السياسيين … ولكن بهذه المفردات البسيطة ينتجون حكم ومواعظ ونظريات لا تقل أهمية عن النظريات التي اعتمدت في دراسة السياسة الدولية …
قد كان حلم أجدادنا أن يشهدوا انتصار الثورة ، وحلم آباءنا أن تستمر الثورة ، وللأسف بات حلمنا نحن أن لا ننسى الثورة .
عندما نتحدث عن تاريخ نضال آباءنا وأجدانا ، فنحن لا نتحدث عن أسطورة زورو ، أو عن شيء عجيب وغريب . بل نحن نستطيع أن نصنع الحاضر والمستقبل مستفيدين من التاريخ ، في كل واحد فينا روح بطلة . لنعمل كل في موقعه ونكرس طاقاتنا لهذا الوطن ، فكلنا نمضي وتبقى الذكريات ، وهذا الوطن يستحق منا الكثير لننتصر به.
ربما يزعجنا الوضع القائم ، والإحباط الناتج من المعادلات الإقليمية التي لا ترجح كفة القوة لصالحنا ، ولكن ما ذنب الأجيال القادمة ؟! ما ذنبهم في أن يرون وجوهنا عابسة محبطة ؟!
الحرية لا تنزل من السماء ، بل علينا أن نعمل جاهداً في سبيل الوصول إليها . كفانا حوارات حول ما تبقى من الوطن ، ولترتكز حواراتنا على العمل الاستنهاضي ، وسبل الانتصار لهذا الوطن .
إذا جالست والدك أو جدك ، فأنصت لهم جيداً ، فإن في إنصاتك لهم زيادة في الحلم، وتمسك أقوى بالأمل ، وتعطش أكثر للحرية.. المهم أن تبقى تنصت للزمن الجميل حتى لا تنسى ، وهذا أقل الإيمان .
اجعل من ذكريات هذا الزمن الجميل المدرسة التي تجهزك للمعركة ، واجعل من المعركة التي ستخوضها درساً تتناقله الأجيال من بعدك لتكون على أهبة الاستعداد في اللحظة التي يستنجد فيها هذا الوطن.
قالها جان جاك روسو ” أعطني قليلاً من الشرفاء ، وأنا أحطم لك جيشاً من اللصوص والمفسدين والعملاء” .. ابدأ بنفسك وبمن حولك..كن مزهراً و إن شحت أفعال العالم، فالوطن لا يحتاج سوى القليل من الشرفاء الذين ينوون اقتلاع النصر من عيون أعدائهم وتقديمه قرباناً له .
أنصت للزمن الجميل ، واسأل نفسك : تُرى ماذا سنحكي لأبنائنا وأحفادنا عن هذا الزمن الفارغ ؟!
إذا أبقينا هذا الزمن فارغاً ، فإننا سنرمي أولادنا وأحفادنا في حفرة اللامنتمين ، وسيتحولون إلى أجيال غريبة عن عاداتنا وتقاليدنا .. أجيال تائهة لا تميز بين العدو من الحليف.
لا تجعل هذا الزمن فارغاً ، و لا تجعل صمتك النقطة الأخيرة في حياتك.. كن مثالاً يحتذى به ، وليكن لصوتك صدى قبل أن يهطل الشيب فوق رأسك وسر على وصية غسان كنفاني “لا تمت قبل أن تكون نداً”.. أقدارنا مكتوبة فلنمضي متفائلين بفجر الحرية ، ولنكن أنداداً وعلى الله متوكلين .