غيّب الموت في الثامن والعشرين من تشرين الأول المنصرم المناضل الشيوعي المخضرم يعقوب قوجمان (أبو سلام)، بعد حياة كفاحية عامرة بالتضحيات والعطاء والنشاط السياسي النضالي.
وقوجمان هو شخصية شيوعية وأممية بامتياز، كان وسيظل نموذجًا للإنسان المناضل العنيد والشرس لأجل العدالة الإنسانية وحرية الشعوب والسلام والديمقراطية. وقد عرف بمواقفه الأممية والتضامنية مع قضايا شعبنا الفلسطيني، ولم يتغيب يومًا عن الوقفات التضامنية الاحتجاجية والمظاهرات الداعمة للحق الفلسطيني المشروع.
انخرط قوجمان في صفوف الحزب الشيوعي العراقي منذ شبابه المبكر في أربعينيات القرن الماضي، وانغمس بحماس الإنسان الثوري العقائدي في النضال الوطني والطبقي والاممي، وساهم في تأسيس “عصبة مكافحة الصهيونية”، وشارك في الهبة الكفاحية والأعمال الاحتجاجية عام 1948، وتعرض إلى الاعتقال والسجن والتعذيب الجسدي والنفسي، لكنه صمد ببسالة منقطعة النظير وخرج اشد صلابة وأكثر إيمانًا بدربه وقناعاته الايديولوجية الماركسية. ونتيجة الملاحقات والمطاردات من قبل أجهزة المخابرات العراقية اضطر إلى مغادرة العراق سرًا إلى إيران ثم استقر به المطاف في وقت لاحق في إسرائيل، وفيها انضم للحزب الشيوعي الإسرائيلي ووصل إلى هيئاته القيادية وساهم في بداية السبعينات بإقامة حركة “الفهود السود” مع شارلي بيطون والعديد من اليهود الشرقيين.
وفي أواخر السبعينيات توصل إلى قناعة باستحالة التعايش مع الأجواء العنصرية في إسرائيل فهاجر إلى لندن وهناك عاد إلى صفوف حزبه الشيوعي العراقي الشقيق في المهجر، وظل متمسكًا بمبادئه الثورية، التي ضحى من اجلها، حتى الرمق الأخير من حياته.
لقد رحل قوجمان وأبقى وراءه مآثر عظيمة وارثًا تاريخيًا وسيرة إنسانية كفاحية عطرة ستظل مثالًا ملهمًا للشيوعيين ولكل الناس الوطنيين والديمقراطيين في نضالهم المثابر في سبيل الحرية والتقدم والسلام والعدل الاجتماعي، وعاشت ذكراه خالدة.