تلزم القوانين الدولية جميع الرحلات الجوية التجارية، بحمل جهازي تسجيل معلومات يرصدان ظروف الرحلة أثناء الطيران. ويوجد في كل طائرة صندوقان (وليس صندوقا واحدا) يقعان في مؤخرة الطائرة، يسجلان ما يحدث للطائرة طول فترة سفرها.
ورغم تسميته اصطلاحا بالصندوق الأسود، يتخذ “مسجل معلومات الطائرة”، وهو الاسم التقني له، لونا برتقاليا في أغلب الأحيان، حتى يتم التعرف بصريا على الصندوق وسط حطام الطائرة.
وتوصل دافيد وارن العالم في مختبرات أبحاث الطيران في مدينة ملبورن الأسترالية، إلى فكرة جهاز مقاوم للتحطم والحريق لتسجيل أصوات طاقم الطائرة وبيانات الأجهزة بعدما ساعد في التحقيق في التحطم الغامض لأول طائرة ركاب مدنية في العالم في 1953.
وكان والد وارن قد توفى في حادث تحطم طائرة عام 1934 في أستراليا.
وقام وارن بتصميم وصنع أول جهاز في العالم لتسجيل بيانات الرحلات الجوية في 1956، لكن الأمر استغرق خمس سنوات لإدراك قيمة هذا الاختراع واستخدامه العملي.
كما استغرق الأمر خمس سنوات أخرى حتى قضت السلطات بضرورة تجهيز قمرة القيادة في الطائرات الأسترالية بأجهزة تسجيل بيانات الرحلة.
كيفية العمل
وظيفة الصندوق الأول هي حفظ البيانات الرقمية الخاصة بالوقت، السرعة، الاتجاه، والارتفاع، بينما يختص الصندوق الثاني بتسجيل الأصوات داخل قمرة القيادة .
والصندوقان مجهزان بجهاز بث يعمل عندما يغوص الصندوقان في الماء، إذ يطلق موجات فوق صوتية للمساعدة على تحديد مكانيهما.
ويمكن لأجهزة البحث المتطورة التقاط إشارات على عمق 3000 متر خلال شهر من سقوط الطائرة بالماء، وهي المدة التي تعمل فيها بطاريات الصندوقين قبل أن تتوقف عن العمل بفعل انقطاع الطاقة.
وللصندوقين القدرة على تسجيل ما يتراوح بين 30 إلى 120 ساعة، لكن بعد وقوع الحادث الجوي فإنهما يحتفظان فقط بآخر ساعتين من عمر الرحلة المنكوبة.
وتحفظ أجهزة التسجيل في قوالب متينة مصنوعة من التيتانيوم محاطة بمواد عازلة تتحمل الضغط حتى 6000 متر تحت الماء والصدمات والحرارة بما يفوق ألف درجة مئوية، كما أنها لا تتأثر بملوحة مباه البحر التي تسبب التآكل لكثير من المعادن.