قرّرت مجلّة “بلاي بوي” الأميركيّة أن تتوقّف عن نشر صور نساء عاريات بين صفحاتها، بدءاً من آذار/مارس 2016. ويعود السبب في ذلك إلى أنّ المواد الإباحيّة باتت متاحة بشكل واسع لأيّ كان على الإنترنت، وعبر تطبيقات الهواتف الذكيّة، ما يجعل من نشرها مطبوعة “غير ذي جدوى”، بحسب ما قال الرئيس التنفيذي للشركة التي تصدر عنها المجلّة، سكوت فلاندرز، لصحيفة “ذا نيويورك تايمز”.
وجاء هذا القرار بعد أن وافق مؤسس مجلة بلاي بوي ورئيس تحريرها هيو هيفنر (89 عاماً) الشهر الماضي على اقتراح كبير محرّريها كوري جونز بوقف نشر الصور العارية، وقال سكوت فلاندرز إن وجود الصور العارية في هذه المرحلة في المجلّة “بات أمراً عتيقاً”.
لذا، فالمجلة ستواصل نشر صور “جريئة”، ولكنّها لن تتضمن عرياً، وتستعدّ للصدور بشكل مختلف في طبعتها الورقيّة، بعدما تراجع توزيعها من 5.6 ملايين نسخة في عام 1975 إلى نحو 800 ألف الآن.
وتجدر الإشارة إلى أن المجلّة، منذ مدّة، لم تعد تجني أرباحاً من طبعتها الأميركيّة، بل من سلسلة سلع تحمل علامتها الشهيرة، وتباع حول العالم، خصوصاً في الصين حيث لا تصل المجلّة أصلاً.
البدايات
كان هيو هيفنر يعمل في مجلة “إيسكوير” في شيكاغو، عندما قررت المجلة نقل مكاتبها إلى نيويورك، فقرّر هيفنر البقاء والعمل على بدء مجلته الخاصّة. ظهر العدد الأول من مجلة “بلاي بوي” في ديسمبر/كانون الأول 1953 وعلى غلافها صورة لمارلين مونرو. لم تؤخذ صورة مارلين تحديداً من أجل الغلاف، لكن هيفنر اشترى الصورة الشهيرة من شركة John Baumgarth Calendar Company، وأرفق الصورة داخل المجلة بعبارة “محبوبة الشهر”.
شكلّت المجلة نقطة انطلاق مهمة للكثيرات نحو عالم الشهرة، مثل جيني مكارثي وآنا نيكول سميث، وبحلول عام 1980 ظهر العديد من الوجوه المشهورة على غلاف “بلاي بوي”، مثل بو ديريك، درو باريمور، ومادونا، وظهرت باميلا أندرسون في 13 عدداً مختلفا من أعدادها.
وأجرت المجلة مقابلات مع شخصيات كثيرة، أشهرها مقابلتها مع عازف الجاز الشهير مايليز ديفيس في 1962، ومقابلتها مع الكاتب الروسي فلاديمير نابوكوف في 1964، ومقابلتها مع جون لينون وزوجته يوكو أونو في 1980، وأجرت أيضاً حديثاً في 1976 مع جيمي كارتر، حين كان مرشحاً للرئاسة، بالإضافة إلى مقابلاتها مع فيدل كاسترو ومارتن لوثر كينغ الابن ومالكوم إكس. وأقامت “”بلاي بوي” في 1959 حفلها الجاز الأول في استاد شيكاغو، وضمّ عروضاً لعدد من أساطير الجاز مثل لويس آرمسترونغ، ديوك إلينغتون، وإيلا فيتزجيرالد.
في عام 1972، حازت “بلاي بوي” على رخصة دولية لبيع سلعها، ووقعت اتفاقية لبدأ بيع سلع “بلاي بوي” في كل أنحاء اليابان. وباع عدد نوفمبر/تشرين الثاني 1972 من المجلة أكثر من 7.16 ملايين نسخة.
هيفنر كرمز للثورة الجنسية
ساهمت “بلاي بوي” في الثورة الجنسية في فترة الخمسينيات والستينيات، وأدّى نجاحها إلى صعود نمط الحياة التي تروج له المجلة، ممّا سمح لهيفنر بتأسيس مجموعة كبيرة من الأندية الخاصة، التي تخدم فيها نادلات يرتدين ملابس تحمل شعار “بلاي بوي” الشهير، الأرنب. وعُرف عن هيفنر حبّه للنساء الشقراوات تحديداً، ووصفتهن مجلة “ذا نيويورك تايمز” في إحدى المرّات أنّهن “كثيرات، وتنتهي أسماؤهن عادة بأحرف علّة، وتبدو نهودهن جميعاً كأنها حُقنت بالهيليوم”.
توسع نشاط أندية “بلاي بوي” ليشمل لندن في عام 1966، حيث أنشأوا نادياً وكازينو، وجذبوا حوالي 20 ألف مشترك قبل يوم الافتتاح، وتحولت بسرعة إلى أنجح مؤسسة من نوعها في المملكة المتحدّة.
أُصيب هفنر بجلطة دماغية في 1985، أي في الوقت الذي نُشر فيه كتاب The Killing of the Unicorn: Dorothy Stratten 1960-1980 لبيتر بوغدانوفيتش، ويتحدث الكتاب عن جريمة قتل عشيقة بوغدانوفيتش، دوروثي ستراتن، وهي عارضة أزياء وممثلة كندية وإحدى الحائزات لقب “بلايمايت السنة” من المجلة في 1980، ويتهمّ بوغدانوفيتش هيفنر بجريمة قتل ستراتن، علماً أنّ زوجها، بول سنايدر هو من قتلها، لكن بوغدانوفيتش يقول إنّ هيفنر ونمط حياة بلاي بوي عرضاها للخطر. ادّعى هيفنر حينها أن الجلطة كانت نتيجة “الضغط المتراكم كردة فعل على الكتاب المريض لبيتر بوغدانوفيتش”.
أيام كريستي هيفنر
عملت ابنة هيو هيفنر، كريستي، في مجلس إدارة الشركة منذ عام 1979، ثم تمت ترقيتها إلى مصب الرئيس التنفيذي في 1988، حين كانت بلاي بوي تترنح من الخسائر، فأغلقت كريستي أندية “بلاي بوي”، وساعدت على بدء تلفزيون وموقع “بلاي بوي”.
أعلنت كريستي في ديسمبر/كانون الأول 2008 عن عزمها الاستقالة من منصبها، وجاء القرار في وقت تعاني فيه من المنافسة في زمن سهولة الوصول إلى المواقع الإباحية على الإنترنت، وأعلنت بلاي بوي أيضاً في 2009 أنّها تنوي بيع الشركة أو تغيير توجهها.
بلاي بوي والحركات النسوية
كانت المجلة دوماً عرضةً لانتقاد رائدات الحركات النسويّة، لناحية تحويلها المرأة إلى كائن للمتعة الجنسيّة حصراً، لكنّها تسعى حالياً إلى جذب المزيد من القارئات، وتنوي استحداث عمود حول الجنس، تكتبه امرأة.
يُذكر أنّ غلوريا ستاينم، مؤسسة مجلة Ms. Magazine، عملت بشكل سري نادلة لمدّة 17 يوماً في نادي “بلاي بوي” في نيويورك، لتكتب “A Bunny’s Tale”، وهي عبارة عن سلسلة من جزأين نُشرت في مجلة Show عام 1963 من أجل فضح الظروف الصعبة التي تواجهها النادلات هناك. واعتبرت سلسلة المقالات هذه حينها، بداية نشاط ستاينم النسوي، لكنها قالت لاحقاً إنّ هذه السلسلة كانت بمثابة “خطأ مهني” و”أضاعت عليها العديد من الفرص الصحافية الجدية، لأنّ الجميع كانوا ينظرون إليها كنادلة في نادي بلاي بوي”.