قراءة في فنجان الشاعرة  سوزان  دبيني  بقلم – مالك صلالحه – بيت جن

 

1

ما اصعب ان تجد الكلمة الحلوة المليئة بالمحبة في ايامنا العصيبة هذه .. حيث علا صوت الرصاصة والدبابة والمدفع والطائرة والصاروخ على صوت العقل  والتعقل والحب والمحبة ..

الا ان الدنيا لا زال فيها بذور من الخير تنمو هنا وهناك وما زال صوت العقل  والتعقل يعلو بين الحين والاخر ..ولا زالت الزهرة رغم وجودها في حقل الاشواك تتالق وتنشر شذاها ليرحل مع الريح ليصل الى انوف العشاق والمحبين ..كره مزكمو الانوف ام ابو .!!

ولا زالت قارئة الفنجان ..تبحث مابين بقايا سواد القهوة  السوداء خطوط ورسومات بيضاء لتنشر التفاؤل في نفوس اليائسين ..

لتطل علينا الشاعرة سوزان بكتابها الجديد – قارئة الفنجان –  لتقرأمن فنجان قريحتها وتترجم محتوياته وترسمها بكلمات لا أحلى ولا اجمل ..

 حيث زينت غلاف كتابها  بفنجان قهوة  موضوعا على صحن زينته نوتات موسيقية  وفي الخلفية فتاة بثياب مزركشة  متسربلة بفستان اخضر ..وكأني بسوزان قد تعمدت ذلك ..اذ ان كلمات قصائدها المترجمة للغة العبرية جاءت طيبة كطعم القهوة بالهيل ومزركشة كلوحة فنية تماما كفستان الفتاة  ويانعة خضراء كلون فستانها ..

نعم هذه هي سوزان الفتاة الرقيقة صاحبة  الصوت الاذاعي  الشجي والاحاسيس المرهفة ..التي تعبر عنها كلماتها وافكارها ..

وخير دليل على ذلك انها رغم المها وجراحها تكتب –

حقيبة السفر التي حملتها معك

ساعة الوداع

لم تكن بها اشياؤك الخاصة

بل كان بها قلبي

وحفنة من دموعي

فما اجمل هذه التعابير والكلمات التي ترسمها سوزان بريشة حسها المرهف غامسة ايها في دماء قلبها الصافي لتخرج نابضة بالحياة ..كروحها المرحة  تماما ككلمات الشاعرة العبرية –شولاميت سبيرنوفو -التي ترجمت قصائدها للعبرية فجاءت ترجمة صادقة ورائعة ومعبرة

ان الكتاب هو نوع جديد لم نألفه كثيرا ..جاء صرخة مدوية في وجه العنف ودعاته ..ليقول ان التعايش بسلام هو واقع وليس مستحيل ..فها هما الشاعرتان تعبران عن نفس الافكار والاحاسيس بلغتين مختلفتين ولكن بنفس الروعة والرونق..

وليس صدفة ان رئيس الدولة السيد شمعون بيرس ذيل الكتاب بكلمات معبرة قائلا –

معروف ان كتابكن هذا جاء وليد صداقة بين شاعرتين من طرفي المتراس ..الا انهما في الحقيقة جانب واحد ووحيد ..حيث استطاعتا ان تبحران  وتتخطيان الخوف والكراهية ..وان تعبران عن مكنون احاسيسهن

اما الكاتب والمؤلف الصديق الوفي الدكتور محمود عباسي ابو ابراهيم فقد كتب مداخلة قصيرة حول الكتاب يقول فيها :

تتسم هذه المجموعة بالتجديد والأصالة والزخم الشعري الغنائي الخلاب الذي يحمل مفهوما وإيحاء بأن الطريق الى تحقيق حلم صفوة الناس وأخيارهم من العرب واليهود الذي تجري في عروقهم دماء نفس الآباء والأجداد… هي طريق المحبة المحبة  والصفاء.. الإخاء والتفاهم.. تقارب القلوب والجوار الحسن.. العدل الاجتماعي والاستقرار…

فسوزان بشخصيتها المميزة واسلوبها اللبق تفرض عليك احترامها وتجذبك اليها وتشد انتباهك لكل همسة او كلمة تخرج من شفتيها ..فهي سريعة البديهة ومحاورة بارعة واذاعية لامعة .فلا عجب انها شاعرة مبدعة  بالفطرة ..ذات كلمات رائعة  جبرانية  مرهفة.. نحن نفتقدها ونتفقدها كثيرا هذه الايام كالأدباء والشعراء الكبار كجبران وكمال جنبلاط   والجواهري وبدر شاكر الساب وعمر الفرا ومظفر النواب ونزار قباني وسعيد عقل والمنفلوطي ونازك الملائكة  وسميح القاسم ومحمود درويش ..الا ان هناك بشائر خير طلت علينا ..كالكاتبة احلام مستغامني والشاعرة  سعاد الصباح والكاتبة غادة السمان وغيرهم وغيرهم ..ليزرعوا فينا الامل ان الدنيا لا زالت بخير ..وان ادبنا لا زال ينبض بالحياة ولم يمت..

فها هي سوزان بعفويتها الصادقة وكلماتها التي تمس شغاف القلب تكتب في قصيدتها – بدائية – فتقول:

معك

لا احب الحضارة والاتيكيت

لا احب السكين والشوكة

ومناديل الورق

معك

احب ان اكل من يديك

والعق عن اصابعك قطرات الشهد

اشرب من شفتيك حتى الارتواء

واغفو عارية على مساحات صدرك

معك

انسى الحضارة والاتيكيت

واعيش جنوني بحبك

هذه هي سوزان بعفويتها وبطبيعتها العذراء تسطر كلمتها وترسمها لوحات مزركشة لتنطبع حال مشاهدتها وقراءتها على جدران الذاكرة والقلب

فإنني اترك للقارئ سبر اغوار الكتاب واعدا اياه انه لن يخذل من الاطلاع عليه وان بدوري اشد على يديك اختي سوزان والى مزيد من العطاء والتألق وفي انتظار المولود الجديد.

 

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني .