لا يختلف اثنان في أن ألديانات بكاملها تجمع على توحيد الخالق عز وجل، وكل واحدة من هذه الديانات يتمشى معتنقوها بموجب تعاليم ونواهي تتشابه في معظم ألأحيان بمثيلاتها، إلآ أن الطرق والعادات والنظم والطقوس والنواهي تختلف من واحدة الى أُخرى وبموجب هذه الديانات وتعاليمها تحتفل الطوائف بمناسبات وأعياد موزعة على مدار السنة، ولكل مناسبة ولكل عيد يوجد معنى خاص ويحتفل به وفق ذلك.
وجميع المناسبات والأعياد التي تحتفل فيها جميع الطوائف تدعو تقريباً إلى سلوك القيم الاجتماعيّة السامية، إلى معاني دينية إنسانية موجهه إلى تعامل أخوي صادق كما تدعو إلى مبدأ أن الدين لله والوطن للجميع، وأكبر ما تدعو إليه هذه الديانات بعد توحيد الخالق عز وجل هو ترسيخ روح التسامح بين الناس، في ألأسرة الواحدة، في الطائفة الواحدة وبينها وبين ألآخرين من منطلق تعميق التفاهم والتآخي ونشر وتعميم فكرة الاحترام المتبادل بين ألأفراد أياً كانوا بغض النظر عن الدين والجنس والعنصر.
فكل مجموعة من رجال الدين ألأجلاء على إختلاف دياناتهم وإنتماءاتهم الطائفية، تقوم بأداء الوجبات والفرائض الدينية والصلوات ان كان ذلك في الجامع، الكنيسة، الكنيس والخلوة.. وكلٍ منهم يدعو الى التقارب الى التسامح الى السلام ليس بين الشعوب والدول فحسب بل بين الافراد في الطائفة الواحدة أيضاً وبين الطائفة وأفرادها وباقي الطوائف.
ولدى ممارسة عملي كرئيس لمجلس عمّال أبوسنان لقرى أبوسنان ، كفرياسيف، جديدة والمكر.. استحدثنا من منطلق الايمان بما ذكر مشروعاً سنوياً توالى فترة خمسة أعوام وهو “لقاء ألأعياد” في الفترة ما بين 1990 الى 1994 ، أذكر ذلك للتنويه فقط الى أن الاعياد متقاربة في مواعيدها ومناسباتها لمعظم الطوائف، حتى أصبحت تصادف في نفس ألأيام ألأمر الذي يشعر بأن هناك وحدة في ألأهداف بين الديانات ، وان لقاء الأعياد هذا يجب ان يتجسد في صفوف المجتمع، لأن في هذه ألأعياد كما أسلفت تقام الشعائر والطقوس الدينية بالاضافة الى الفرحة التي تدخل كل بيت وكل عائلة وتعم المسرّة قلوب الناس.
ولا شك ان لكل فرد في المجتمع يحتفل بمناسبات ألأعياد أياً كان هذا العيد وأياً كان هذا المرء قسط في العمل جاهداً لتجسيد لقاء الأعياد بلقاء النوايا الحسنة، بجلي وتبيض القلوب وغسلها، بتعميق التآخي، التآلف، التسامح، التعاون البنّاء والمشاركة الاخوية بين الجميع، وأن تكون هذه المشاركة نابعة من صدق النوايا والمحبة ألأكيدة التي تخلو من السلبيات أياً كان نوعها أو مصدرها، وكذلك توطيد العلاقات والإحترام المتبادل ليس للمرء فحسب وإنما للشعائر والطقوس الدينية ورموز الأحتفالات التي تنتهجها كل طائفة.
بدون ريب إن إتباع هذه النواهي والعمل بموجبها فعلاً على أرض الواقع وبصدق ، هذا بحد ذاته أكبر وأنجع الوسائل لمقاومة الضغائن وطردها ونبذ الطائفية والعنصرية، والتصدّي لمن يحاولون غرس بذور الخلاف والبعد بين أفراد المجتمع الواحد وكذلك صيانة المجتمع من التصدّع وترسيخ جذور الانسانية ومقاومة الشوائب على إختلافها وبشتى الوسائل، كل ذلك من شأنه الاسهام في إشفاء المجتمع من بعض ألأمراض المتفشيّة فيه والتي إستمرار وجودها قد يفتك بالمجتمع وأفراده.
وعليه كل فرد وفرد له قيمته وله دوره الانساني في كل مجال كان، في العمل على نبذ الكراهية ونبذ بعض التصرفات غير المقبولة وتنمية كل ما هو جميل، أخوي وإنساني من باب التسامح والتواضع والتآخي ولتلتقي النوايا الحسنة وتتجسد في المجتمع بأسره عند لقاء هذه الاعياد.